عالمية

3 بدائل مصرية لتجاوز أزمة السد الإثيوبي


لا يبدو أن القمة المصرية – الإثيوبية، المرتقبة في روسيا نهاية الشهر الحالي، مبعث تفاؤل كبير لدى القاهرة، التي شرعت في تصعيد دبلوماسي دولي للضغط على أديس أبابا، بهدف التوصل لحلول توافقية تجنبها أضراراً متوقعة لـ«سد النهضة» على حصتها من نهر النيل.

ويلتقي الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، على هامش قمة روسيا – أفريقيا في منتجع سوتشي يومي 23 و24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، لبحث الخلاف. ويأتي هذا اللقاء بعدما أعلنت مصر أن المفاوضات الفنية وصلت إلى «طريق مسدود»، وطالبت بتدخل دولي.

التصعيد المصري الأخير تجاه إثيوبيا، ورفض مساعي أديس أبابا «فرض سياسة الأمر الواقع»، وفق تعبير الرئيس السيسي، لا يعني تخلي الإدارة المصرية عن رؤيتها بأهمية الوصول إلى حل وفق الطرق السياسية والقانونية، حيث تدرك القاهرة أن التوافق مع إثيوبيا هو أمر حتمي رغم الصعوبات والتنازلات المتوقعة، بحسب دبلوماسي مصري مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط».

ويشير الدبلوماسي، الذي رفض ذكر اسمه، إلى «تحركات متزامنة داخل أروقة المؤسسات السيادية حاليا لبحث خيارات تجاوز الأزمة، وفق طرق سلمية وقانونية دولية للخروج بأقل الأضرار الممكنة».

ولم يستبعد الدبلوماسي العودة مجدداً إلى طاولة المفاوضات، التي تجري بمشاركة السودان منذ نحو 8 سنوات. لكن وفق «أسس وقواعد مختلفة، من بينها مقترح إدخال وسيط دولي محايد، يضمن جدية الوصول إلى نتائج، وعدم إهدار المزيد من الوقت». وكانت مصر قد صرحت علانية برغبتها في تدخل دولي، للمرة الأولى خلال كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام الأمم المتحدة، نهاية سبتمبر الماضي. كما أعربت مؤخراً عن تطلعها لـ«دور أميركي» في الأزمة. لكن المقترح المصري وُوجه برفض إثيوبي قاطع، ووصفته وزارة المياه الإثيوبية قبل أيام بأنه «يُعتبر عبورا للخط الأحمر الذي رسمته إثيوبيا».

وتبني إثيوبيا السد بهدف أن تصبح أكبر دولة مصدرة للطاقة في أفريقيا من خلال توليد أكثر من 6000 ميغاواط، وسرعت مؤخرا من عملية البناء. وقال آبي أحمد إن «وضع السد في صيغته النهائية وفقاً للجدول الزمني المحدد هو الأولوية الرئيسية لحكومته». فيما أشار أبرهام بيلاي، الرئيس التنفيذي للطاقة الكهربائية، إلى أن «المشروع اكتمل بنسبة 68.3 في المائة، وسيتم الانتهاء منه عام 2023». ويتعلق الخلاف الرئيسي بين البلدين حول فترة ملء خزان السد، والسعة التخزينية الإجمالية للسد، حيث تطالب إثيوبيا بأن تكون تلك الفترة ثلاث سنوات فقط، بينما تتمسك مصر بجعلها سبع سنوات، على مراحل، أولها تستغرق عامين، على أن يتم تقييم موقف المياه في فترات الجفاف.

وخلال المفاوضات أبدت مصر استعدادها للتنازل عن جزء من حصتها من مياه نهر النيل، والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، شرط ألا تقل في فترة ملء الخزان عن 40 مليار متر مكعب سنويا، بينما اقترحت إثيوبيا خفض حصة مصر لـ35 مليار متر مكعب فقط.

ووضع التعثر الأخير للمفاوضات القاهرة أمام خيارات محدودة لتجاوز أضرار باتت تلوح في الأفق، تتعلق بالتأثير على حصتها من مياه نهر النيل، والتي تعتمد عليها بنسبة أكثر من 90 في المائة في الشرب والزراعة. وقال خبراء لـ«الشرق الأوسط» إن هناك ثلاثة بدائل رئيسية أمام مصر لتجاوز الأزمة، وهي العودة للمفاوضات وفق متغيرات جديدة، من بينها دخول وسيط دولي، أو تقديم شكوى دولية للمؤسسات الكبرى، وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي، ومجلس السلم والأمن الأفريقي، لحماية المصالح المائية المصرية، وأخيراً العمل على اتخاذ إجراءات من شأنها إجبار إثيوبيا على الرضوخ للمطالب المصرية، ومنها الضغط على الدول، التي تعمل شركاتها في بناء السد، أو التي يتوقع استفادتها من كهرباء السد كالسودان. ويقول محمد نصر الدين علام، وزير الري والموارد المائية المصري الأسبق، إن إثيوبيا تستهدف في الأساس الاستفادة من السد في تصدير الكهرباء، لكن يمكن لمصر أن تضغط عليها من خلال عرقلة تلك العملية، من خلال الإعلان رسمياً عن تجميد مشاريع الربط الكهربائي بين مصر والسودان، والتي سوف تستفيد منها إثيوبيا لاحقا في تصدير الكهرباء، وبذلك يتعطل تشغيل السد لأنه لن يكون هناك من سبيل لتصدير الكهرباء الناتجة منه. وأكد نصر الدين علام أن على مصر، التي تعد معبرا مهما لأوروبا، الإعلان عن مقاطعة كهرباء سد النهضة، مشيرا إلى أن تلك الخطوة ستوقف تشغيل السد لأن إثيوبيا لن يمكنها تشغيل السد وإنتاج الكهرباء منه، دون أن تضمن طرقا لتصدير هذه الكهرباء.

من جهته، دعا الدكتور حسن أبو طالب، عضو اللجنة الاستشارية للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إلى إنشاء لجنة قومية، على غرار لجنة استرداد «طابا» من إسرائيل، ينضم لها خبراء من جميع التخصصات اللازمة، لوضع استراتيجية للتعامل مع الأزمة، وتجهيز ملفات محكمة لتقديمها للمؤسسات الدولية الكبرى، تثبت الحقوق المصرية. واتفق السفير مجدي عامر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق لدول حوض النيل على ضرورة التوجه المصري نحو المؤسسات الدولية، ومنها طلب توصية من محكمة العدل الدولية لتصعيد الأزمة، مشيرا إلى أن الجانب الإثيوبي لديه نواقص كثيرة في مسألة الدراسات الخاصة بالسد، وموقف مصر قوي جدا. وطالب باستغلال تقرير لجنة الخبراء الدوليين حول سد النهضة، الصادر قبل نحو 5 أعوام، في جميع المحافل الدولية لأنه أثبت النواقص، ومخاطر هذا المشروع الضخم، وآثاره السلبية على مصر والسودان.

ومطلع الأسبوع بدأت مصر تحركات دولية، حيث التقى السفير حمدي سند لوزا، نائب وزير الخارجية المصري، مع سفراء كل من ألمانيا وإيطاليا والصين، وهي الدول التي تعمل شركاتها في سد النهضة الإثيوبي. وأعرب عن «استياء مصر لمواصلة تلك الشركات العمل في السد، رغم عدم وجود دراسات حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لهذا السد على مصر، وكذلك رغم علمها بتعثر المفاوضات بسبب تشدد الجانب الإثيوبي».

وتدافع إثيوبيا عن حقها في التنمية وتلبية احتياجات مواطنيها، وتقول إن السد لن يعرقل تدفق نهر النيل إلى مصر، وتأمل بأن يحولها المشروع إلى مركز للطاقة في المنطقة المتعطشة للكهرباء.

سونا