رأي ومقالات

الصادق الرزيقي: ما هكذا تُدار الدولة !

إن صحّت الأخبار المُتداوَلة والمنقولة والمبثوثة، أن وزارة الخارجية قامت باستدعاء ما يزيد عن عشرين سفيراً ودبلوماسياً دون أي مُسوّغ أو مبرر واضح، وأُبلِغوا بقرار إرجاعهم لرئاسة الوزارة، وحسب التعليمات التي وصلت إليهم فإن عليهم تنفيذ القرار قبل الثلاثين من نوفمبر المقبل، إذا كان ذلك صحيحاً تكون السيدة الوزيرة ومن أشار إليها بهذه الخطوة المتعجلة، قد ارتكبوا خطاً فادحاً في حق البلاد، وتسبّبت وتسبّبوا بحرج بالِغ لقيادة البلاد وللحكومة، ومرغوا سمعة الدبلوماسية السودانية بعراقتها وأعرافها وتقاليدها والمُتعارَف عليه دولياً.. مرغوه بالتراب، ووجّهوا إهانة بلا ضريب لرئيس المجلس السيادي باعتباره رأس الدولة ورمز سيادتها.

كنا نربأ بالسيدة الوزيرة أن تكون أكثر وعياً بما ينبغي أن تكون عليها قراراتها التي تحدد الطريقة التي تدير بها وزارة حساسة ومهمة كوزارة الخارجية التي لا تقبل الأخطاء الكبيرة المميتة، ولا مثل هذا النوع من القرارات التي تحتاج إلى تمحيص وقراءة لما يترتب عليها يكون ضررها أكثر من نفعها، وانعكاساتها أشد ضراوة مما أُريد الاتقاء بها منه…

ما حدث كما تتناقل الأخبار وتتحدث الأوساط السياسية والإعلامية أن السيدة الوزيرة ومطبخها السري قد اتخذت قراراً بلا بُعد نظر تحت دعاوى تصفية سفراء ودبلوماسيين ينتمون للنظام السابق، وقرّرت بموجبه إرجاع عدد من السفراء والدبلوماسيين إلى رئاسة الوزارة بعضهم شارف على إنهاء مدته وبعضهم لم تمض إلا أيام على ذهابهم لاستلام مواقع عملهم، ارتكبت الوزيرة خطئين جوهريين، هُما بلا شك ينزعان عن أي مُبرر يُقال إن هدفه المصلحة العامة أو يكون متسقاً مع قواعد العمل الدبلوماسي وأعرافه المرعِيّة ونظامه المُتّبع.

أولاً: لم تُراجع أو تهتم السيدة الوزيرة، بما توجبه أعمال السيادة وواقع الحال والظروف المحيطة بكل حالة من الحالات، وما يُحيط بها من اعتبارات حين اتّخذت قرارها الذي تناقلته الأوساط القريبة منها في قوى الحرية والتغيير، وقد وُرِّطت فيه، فأبسط القواعد أن تعيين وإرجاع السفراء وإدارة ملف العلاقات الخارجية ملف لا ينفصل عن أعمال السيادة، فالسفراء بالخارج هم ممثلون لرأس الدولة الذي يعتمد تعيينهم ونقلهم ويُحمّلهم برسائله إلي قادة ورؤساء الدول التي يُمثّلون البلاد فيها، ويوقع باسمه ويختم بختمه على أوراق اعتمادهم التي تُقدّم إلى الرؤساء والملوك والقادة في البُلدان التي يُبعَثون إليها سفراء، فالحق الأصيل في تعيينهم ونقلهم يرجع في نهاياته لرأس الدولة، فهو المسؤول الأول عن علاقات البلاد مع دول العالم المختلفة، ومنوط به وضع السياسة الخارجية، ومن بعد تتولى وزارة الخارجية تنفيذ هذه السياسة، فلا يُعقَل أن تتخذ الوزارة قرارات مهمة دون الرجوع إلى رأس الدولة والاتفاق معه على خطوة كهذه في داخل دائرة سيادية لا يُمكن التساهُل فيها أو التلاعُب.

ثانياً: فات على قرار الوزارة المُوقّرة إن صحّ، أن مثل هذا القرار يسبّب حرجاً كبيراً ويهز صورة البلاد ويُسفِّه موقف ومكانة رأس الدولة، فلا يُمكن أن يذهب لموقع عمله سفير مثل سفيرنا في لندن ويُسلّم قبل أسبوع فقط أوراق اعتماده للملكة اليزابيث ملكة بريطانيا بقصر بكينغهام في لندن، وأوراق الاعتماد مُوقّعة من الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، ثم يتهيّأ السفير لمباشرة مهامه ليأتيه بعد أيام قلائل قرار سحبِه من عاصمة فاعِلة في المجتمع الدولي ولها علاقة تاريخية معروفة ببلادنا..! وهذا السفير لا يُمكن الادعاء بأنه من منسوبي المؤتمر الوطني، أو كان في زمرة الإسلاميين فهو دبلوماسي مُحترِف خدم في وزارة الخارجية أكثر من ثلاثين سنة..!

ونفس الحال لسفير آخر ذهب إلى الكويت قبل مدة قصيرة لا تُعَد أيامُها على أصابع اليدين وفي عهد حكومة الحرية والتغيير الحالية، وقّع رئيس مجلس السيادة أوراق اعتماده التي سُلّمت نسخة منها لوزير الخارجية الكويتي، وبينما يجري تحديد موعد لمقابلة سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، يصله قرار إرجاعه، ولم يُعيّن هذا السفير ويُنقَل للكويت في عهد الإنقاذ ولا رشحه وزير الخارجية السابق الدرديري محمد أحمد، عُيّن قبل اشهر قليلة وبُعِث إلى هناك!!

وهناك سفراء أيضاً تم تعيينهم لعدد من العواصم، وذهبوا يحملون توقيع ختم الفريق أول البرهان ورسائله إلى رؤساء وزعماء دول العالم، جرى إرجاعهم بهذه الطريقة الفجّة التي لا سابِق لها، لتُصبِح سُمعة السودان وصورة واحترام رئيس مجلس السيادة على المحك، وقد تتحوّل إلى استغراب وتندُّر لأن وزارة الخارجية لم تحترم رأس الدولة في اختياره للسفراء ولا ثقته وتفويضه لهم.

إذا كانت الحرية التغيير ووزيرة خارجيتها ترى من الضروري إبعاد كوادر النظام السابق، فليس هكذا تُدار الدولة عن طريق الإقصاء والتشفّي وارتكاب الأخطاء المهنية والسياسية الفادِحة التي لا تعود إلا بالضرر على البلاد وعلى سمعتها وتزرع المشاعر السالبة بين أبناء المهنة الواحدة. إذا لم تُراع الاعتبارات الأخرى كالحرج الدبلوماسي وما يعنيه سحب سفير من محطة يعمل بها دون توضيح أسباب، فلتراعِ الوزيرة وبقية أهل الحرية والتغيير لرأس الدولة رئيس المجلس السيادي الذي لولاه مع زملائه العسكريين لما رأى أيٌّ من أهل الحرية والتغيير كراسي السلطة… من يعش رجباً يرى عجباً.. والليالي حبالى يَلِدن كل عجيب..!

الصادق الرزيقي
الصيحة

‫5 تعليقات

  1. اليوم نقولها بكل وضوح بعد وقوفنا معهم
    فقدت الثقه تماما في البرهان ومجلسه
    وتأكد لنا تماماً كلام الفريق أول هاشم عبدالمطلب في بيانه الأول أن المجلس العسكري ضعيف جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا وربما كان بعثي أو شيوعي

    1. د/ عمر لك التحية

      ههههههه

      3 سطور في كلمة ” جدا” ؟ بالغت جدا جدا

      البرهان براهو يا عمر أخوي؟وعاجبك ولد البوادي ذاك الذي لا يبدأ باسم خالقه ؟

      ثقة مفقودة مفقودة على قول المتنبي : حتى في النطف التي لم تخلق

      إذا كان مقدرا لتلك النطف أن تتحزب في السودان،وتتولى حكما

    2. البرهان منذ أن أدى التحية العسكرية للسيسى ووصف قادة التمرد العملاء بانهم شركاء فى الثورة عبر خلخلتهم للنظام “يبرر” لهم حملهم للسلاح والتأمر مع الأجنبى سبحان الله منذ ذلك الوقت عرفت انو راجل كيسو فاضى ويأتمر بأمر شيخه الصوفى الذى روى له رؤية والده بانه سيصبح رئيسا وهذا ما دفعه للمشاركة بمحاولة رمضان الأنقلابية رغم أنه وقتها كان برتبة صغيرة برهان قليل الحيلة متواضع الأمكانيات حميدتى أفضل منه بمراحل رغم الفارق الأكاديمى والتأهيلى وبن زايد عرف جيدا كيف ينقى عملائه وما خفى اعظم

  2. عندما جاء الانقاذ في عام 89 م قام بتصفية 50% من كوادر الخدمة المدنيه الى الصالح العام في جميع الوزارات الحكومية بما في وزارةة الخارجية واين كنت يا الرزيقي يا نقيب البلطجية في عهد التمكين وكما تدينة تدان؟؟؟؟؟