منوعات

سر استماع السائقين للأغاني الحزينة: تلمس الجزء المظلم من حياتهم

تختلف الوسيلة والجو متشابه، فحال استقلال الراكب لميكروباص أو توك توك، في إحدى المناطق الشعبية، يستمع إلى أغانٍ حزينة يؤديها عدد من المطربين اللامعين، أو إلى المهرجانات التي تعلق بها عدد كبير من العامة.

ومهما اختلف عُمر السائق، صغيرًا كان أو كبيرًا، لا مفر من تشغيل الأغنيات المرتبطة بالحزن والبكاء، وهو ما قد يصنفه البعض على أنها وسيلة للهروب من المشكلات اليومية، حتى لو كانت الكلمات والألحان لا يقدمان الجديد من منظور القيمة الفنية.

ويفضل عدد كبير من السائقين رفع صوت الأغنيات التي يسمعوها حتى لو على حساب راحة ركابهم، بهدف خلق جو عام لطالما يحاول ألا يخرج منه طوال ساعات قيادته للسيارة أو التوك توك، حتى تحولت أغلب المناطق الشعبية إلى بؤرة لضجيج قلما يهدأ.

جميع المقدمات السابقة خلقت عددًا من التساؤلات حول العوامل التي أدت إلى وصول الوضع الراهن إلى ما هو عليه الآن، وذلك على الأصعدة الفنية والنفسية والاجتماعية، وهو ما يجيب عليه عدد من المختصين.

يقول الناقد الفني عبدالله محمد إن هذه المهرجانات الحزينة ترتبط بالبيئة التي يعيش فيها السائق، فهي وسيلة ينفّس الفرد من خلاله عما بداخله، ويشعر أنها تعبر عنه بشكل كبير، رغم أنها لا تقدم شيئًا حقيقيًا للفن في مجمله، لأن اللحن في بعض الأحيان يرقصون عليه، والكلام ليس له معنى.

ويوضح «عبدالله»، لـ«المصري لايت»، أنه لا توجد مقارنة بين ما يقدمه الفنانين مصطفى كامل وجورج وسوف في هذا اللون الحزين بأغاني المهرجانات: «نحن شعب عاطفي وهناك شريحة تحب هذا الاتجاه، كل شخص من هؤلاء الشباب لديه جانب مظلم وكلمات هذه الأغنياء تتلامس معه فيتأثر بها».

فيما يرى الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن السائق يبحث عن «الهيصة»، ويسعى إلى خلق حالة خاصة به يعيش فيها، حتى يخرج من الأجواء السائدة على ظروف حياته الاجتماعية، وهو ما ينتج عنه في بعض الأحيان الأمثال والحكم التي يضعها على هيكل السيارة أو التوك توك.

ويشير «فرويز»، لـ«المصري لايت»، أن الموسيقى التي يستمع إليها السائق، سواءً كانت حزينة أو مهرجان، تغيبه عن الواقع الذي يعيش فيه، فهي تشغله عما يمر به من مآسي، لأنه في صراع دائم مع المال والوقت: «هو يعيش في ساقية بتدور».

من جانبها، تعتبر الدكتورة سوسن فايد، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن الفن الراقي أُهمل على مدار 20 عامًا، فالإنسان بطبيعة الحال تأثر سالبًا جراء ذلك، فأصبحنا لا نستمع إلى شعر أو لحن وصوت جميل، حدث هبوط للذوق العام.

وتنوه «فايد»، لـ«المصري لايت»، إلى أن «السائقين مساكين في ذوقهم» حسب تعبيرها، مفسرةً: «لا يتم شحنهم بنغمة وكلمات رقيقة، فيلجأون للاستماع إلى ألوان غريبة رغبة منهم في العيش داخل ملكوت خاص بهم»، معتبرة أن الجو الفني في مصر تغير: «هناك فرق كبير بين الحاضر والماضي».

المصري اليوم