أسبوع السودان .. تجاوز أزمة “التشريعي” والإخوان في مأزق
تصدر توافق الأطراف السودانية، على تأجيل تشكيل المجلس التشريعي (الضلع المكمل لهياكل السلطة الانتقالية)، المشهد السياسي في البلاد خلال الأسبوع الماضي، بعدما كادت الخلافات تعصف بمحادثات السلام بين الحكومة والحركات المسلحة.
وشهد الأسبوع الماضي مزيدا من الحصار على نظام “الإخوان” المعزول واجتثاث عناصره من مؤسسات الدولة، فضلا عن ملاحقتهم بالجرائم التي ارتكبوها، لا سيما انقلابهم على الحكومة الديمقراطية الشرعية عام 1989م، الشيء الذي جعل هذه الجماعة في مأزق كبير، وفق مراقبين.
ورغم مضي إجراءات تصفيتهم، لا يزال الإخوان ينسجون الخطط والمؤامرات من أجل البقاء في الملعب السياسي، حيث استخدموا خلال الأسبوع الماضي واحدة من ممارساتهم الخبيثة لضرب حالة الأمن والاستقرار في البلاد، وأشعلوا نار الفتنة القبلية في بورتسودان التي تمكنت الحكومة من احتوائها ووأدها في مهدها.
وبحسب اتهامات متواترة من قوى سياسية وطنية في السودان، فإن عناصر نظام الإخوان البائد استغلوا مخاطبة جماهيرية لنائب رئيس الجبهة الثورية الأمين داوود في مدينة بورتسودان وأشعلوا الفتنة بين قبيلتي البني عامر والهدندوة، حيث اندلعت بينهما اشتباكات دامية الأحد الماضي، راح ضحيتها شخصان على الأقل وإصابة 24 آخرين.
ولكن الحكومة المركزية سارعت بإرسال وفد رفيع إلى بورتسودان، ضم إلى جانب وزراء الداخلية والإعلام والبنى التحتية، قيادات من قوى إعلان الحرية والتغيير. ولحق بهم رئيس الوزراء عبدالله حمدوك يوم الخميس، لتتوج هذه الجهود بوأد الفتنة الإخوانية.
ووقعت قبيلتا البني عامر والهدندوة اتفاق صلح، استجابة لوساطة الوفد المركزي، وقطعوا بذلك الطريق أمام مخطط الجماعة الإخوان، الساعي لضرب النسيج الاجتماعي وزعزعة استقرار مدينة بورتسودان التي تمثل بوابة السودان البحرية وتمثل رقعة استراتيجية تحتضن كبرى الموانئ.
إرجاء البرلمان يدعم السلام
وبعد خلافات كادت أن تعصف بالعملية السلمية، اتفقت الأطراف السودانية خلال الأسبوع الماضي على تأجيل تشكيل المجلس التشريعي إلى فترة أقصاها 31 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بعد أن كان مقررا بنص الوثيقة الدستورية تكوينه يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وجاءت الخطوة بعد مطالبة الجبهة الثورية المسلحة بتأجيل تشكيل المجلس التشريعي وإرجاء تعيين حكام للولايات الإقليمية إلى حين إكمال عملية السلام، واستندت في ذلك لاتفاق “إعلان جوبا” الذي وقعته مع الحكومة الانتقالية 11 سبتمبر/أيلول الماضي.
وقال المحلل السياسي حافظ المصري: “إن تأجيل التشريعي سيحدث التوافق بين قوى الثورة وشركاء التغيير في السودان، حيث تباعدت المواقف بين الجبهة الثورية والحرية والتغيير خلال الفترة الماضية، بسبب هذا الملف”.
وأضاف خلال حديثه لـ”العين الإخبارية” أن “هذه الخطوة تعكس الإرادة الحقيقية للسلام في السودان، وتصب إيجابا في دعم العملية السلمية وتمثل عربونا لجولة المفاوضات المقبلة”.
وتابع “تم قطع الطريق أمام المزايدات السياسية، وكل الساعين لعرقلة العملية السلمية في السودان، وستظهر النتائج من خلال روح العائلة التي تدخل بها الأطراف المحادثات”.
لكن القيادي في الجبهة الثورية الدكتور محمد زكريا، قال إنهم متمسكون بضرورة الالتزام باتفاق “إعلان جوبا”، الذي ينص على إرجاء تشكيل البرلمان وتعيين الولاة إلى تحقيق السلام وليس لأجل دونه، كما ورد في تصريحات قوى الحرية والتغيير.
وأضاف خلال حديثه لـ”العين الإخبارية” أنه “ينبغي الالتزام بالمواثيق المبرمة حتى لا يؤثر ذلك على محادثات السلام المرتقبة، ويباعد المواقف بين الأطراف السودانية”.
مأزق الإخوان
وشهد الأسبوع الماضي مزيدا من تضييق الخناق على جماعة الإخوان الإرهابية، حيث استمرت حملة اجتثاثهم من مؤسسات الدولة، إلى جانب ملاحقتهم في الدعوى الجنائية المرفوعة ضدهم بشأن انقلاب 1989م، الشيء الذي جعلهم في مأزق كبير.
وألقت النيابة العامة في السودان، الأربعاء الماضي، القبض على الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الإخواني، علي الحاج وأودعته السجن القومي بتهمة التورط في انقلاب 1989 على الحكومة الديمقراطية بقيادة الصادق المهدي، كما تجري ملاحقة إخوان آخرين.
وتم تدوين الدعوى الجنائية ضد قادة انقلاب الرئيس المخلوع عمر البشير، في مايو/أيار الماضي، بواسطة محامين سودانيين يقودهم السياسي والقانوني الضليع الراحل علي محمود حسنين، ويستند إلى المادة 96 من قانون العقوبات السوداني والخاصة بتقويض النظام الدستوري.
وأبدى عضو هيئة الاتهام المحامي المعز حضرة ثقته في إدانة عناصر الإخوان المتورطين في انقلاب 1989م بالإعدام أو السجن المؤبد، حسب العقوبات التي تنص عليها مادة تقويض النظام الدستوري.
وقال حضرة في حديث لـ”العين الإخبارية” إن “هذه جريمة ذات بينات واضحة وليست بحاجة إلى أدلة إضافية، ويكفي أن هذه العصابة استولت على السلطة بانقلاب عسكري، وأبعدت الحكومة الشرعية المنتخبة وألحقت دمارا بالبلاد”.
وشملت إجراءات اجتثاث الإخوان خلال الأسبوع الماضي قطاع الطيران والسلطة القضائية، حيث أبعدت رئيسة القضاء نعمات عبدالله نحو 35 قاضيا محسوبين على النظام البائد من مواقعهم واستبدالهم بآخرين.
كما أصدر رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، الأربعاء الماضي، قرارا أعفى بموجبه مدير سلطة الطيران المدني مصطفى سيد أحمد الدويحي ومدير شركة “مطارات السودان القابضة” السر حسين بشير من منصبيهما، وهما محسوبان على نظام الإخوان المعزول.
وقضى القرار بتعيين إبراهيم عدلان إبراهيم مديرا عاما لسلطة الطيران المدني، وسر الختم بابكر الطيب محمد مديرا عاما لشركة مطارات السودان القابضة، وذلك بناء على توصية وزير الدفاع.
وكالعادة تجد هذه الإجراءات ترحيبا من الشارع السوداني المتعطش لاجتثاث الإرهاب من مؤسسات الدولة.
بوابة العين الاخبارية