منوعات

نساء كوريا الجنوبية يقاطعن الزواج‎

يتزايد عدد النساء الكوريات الجنوبيات، اللواتي يرفضن الأعراف الأبوية التقليدية ويتعهدن عدم التزاوج أو الإنجاب أو حتى المواعدة وممارسة الجنس.

وتقول بوني لي التي لا تحاول العثور على حبيب ولا تحلم بإقامة حفلة زفاف أسطورية: ”أنا امرأة مغايرة جنسيًا لم تعد مهتمة بإقامة علاقات مع الرجال“.

وهي ليست الوحيدة التي اتخذت هذا القرار، فالكثير من مواطناتها يفضلن راهنًا عدم الزواج والبحث عن سعادتهن في أماكن أخرى.

وتضيف لي البالغة 40 عامًا، التي تعيش مع كلبها قرب سيول: ”لطالما شعرت كامرأة بأن سيئات الزواج أكثر من حسناته“.

وحتى أنها ذهبت إلى أبعد من هذا الحد باحتضانها الحركة النسوية الراديكالية في البلاد وهي ”4 بي“ أو ”اللاءات الأربع“: ”لا للمواعدة، لا لممارسة الجنس، لا للزواج، لا لتربية الأطفال“.

وتنخفض معدلات الزواج في كوريا الجنوبية، حيث غالبًا ما يتوقع من الزوجات العمل وتربية الأطفال والاهتمام بأهالي الأزواج المسنين.
مناهضة الزواج

ويرفض عدد متزايد من النساء التوقعات التقليدية للمجتمع الذي يهيمن عليه الذكور في كوريا الجنوبية، حيث تمضي الزوجات العاملات أوقاتًا في الأعمال المنزلية أكثر بأربع مرات مما يمضيه أزواجهن.

وقبل عقد، كانت 47 % من النساء الكوريات الجنوبيات العازبات يعتقدْن أن الزواج أمر ضروري. والعام الماضي، انخفضت هذه النسبة إلى 22,4 %، فيما وصل عدد الزيجات إلى 257600 مقارنة بالعام 1996 عندما كان عددها 434900.

وليس هناك إحصاءات رسمية عن عدد النساء المنتسبات إلى حركة ”4 بي“، لكن أعضاءها يقولون إن عددهن لا يقل عن 4 آلاف امرأة.

وفي سياق متصل، توجد على ”يوتيوب“ قناة تدعو إلى مقاطعة الزواج وتربية الأطفال تضم أكثر من 100 ألف مشترك.

وتبنت لي أيضًا بعض المبادئ الأساسية لحركة ”إيسكايب ذي كورسيت“ التي تعارض معايير الجمال الصارمة في كوريا الجنوبية، فقد شارك بعض أتباعها فيديوهات انتشرت على نطاق واسع لأنفسهن، فيما يحطمن مستحضرات التجميل الخاصة بهن.

وبدأت هذه المجموعات الظهور على خلفية الغضب من وباء التجسس الإباحي في كوريا الجنوبية، الذي تكون معظم ضحاياه من النساء إضافة إلى حالات التحرش الجنسي، التي انكشفت من خلال حركة #أنا أيضًا.

واتخذت لي قرارها النهائي العام الماضي؛ عقب إدانة سياسي من الرجال التقدميين، كان معروفًا عنه بأنه مناصر للنساء ولحقوقهن وسجن على خلفية اغتصابه مساعدة له.

وتقول لي: ”أدركت أن لهذا المجتمع نظامًا لا يمكنني القبول به كامرأة ومنذ ذلك الحين أصبح أي لقاء مع رجال، سواء كان زواجًا أو بهدف مواعدة فقط، بلا معنى بالنسبة إلي“.

طفوليات وممتلئات

وتشعر يون جي-هاي البالغة من العمر 24 عامًا، وهي من الشخصيات المعروفة على ”يوتيوب“، بأنه من المتوقع أن تكون النساء الكوريات الجنوبيات ”باردات طفوليات وممتلئات“ وجذابات ليكون مرغوبًا بهن.

وهي تبنت بشكل كامل حركة ”إسكايب ذي كورسيه“ وقصت شعرها وتوقفت عن استخدام مستحضرات التجميل.

وتتذكر يون التي تعيش مع والديها: ”كنت أمضي ساعات في إتقان تقنيات المكياج من خلال مشاهدة مقاطع فيديو على يوتيوب وأنفق حوالي 200 دولار على منتجات التجميل كل شهر“، موضحة أن ”صديقها السابق“ كان يفضلها بشعر طويل ولم يدعم ميولها.

ويون مقتنعة بأن معظم الرجال الكوريين في العشرينات والثلاثينات من العمر قد شاهدوا مقاطع فيديو التجسس أو الانتقام الإباحي، وهو أحد الأسباب التي جعلتها غير راغبة في الانخراط مع أي منهم.

وتعتبر ”4 بي“ و“إسكايب ذي كورسيه“ من أكثر الحركات تطرفًا بين الحركات النسائية التي شهدتها كوريا الجنوبية، وفقًا لشين جي ووك عالم الاجتماع في جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة.

وقال جي ووك: ”إن الفئات الأربع، الزواج والأمومة والمواعدة وممارسة الجنس، تضع النساء في كثير من الأحيان في مرتبة تابعة للرجال…“.

ومن شأن الآثار المترتبة على حركات مماثلة، تعزيز الكارثة الديموغرافية التي تلوح في الأفق في البلاد.

وانخفض معدل الخصوبة في كوريا الجنوبية (عدد الأطفال المتوقع أن تنجبهم المرأة في حياتها) إلى 0,98 في العام 2018، أي أقل بكثير من 2,1 اللازمة للحفاظ على استقرار عدد السكان.

وتتوقع الحكومة أن يتراجع عدد سكان كوريا الجنوبية البالغ عددهم 55 مليون نسمة إلى 39 مليونًا، بحلول العام 2067.

وتحاول السلطات تشجيع الزواج من خلال تقديم تحفيزات على صعيد السكن للعروسين والرهون العقارية المنخفضة الفائدة. لكن لي ترى أن المستقبل هو للنساء، وتقول: ”حلمي بناء مساكن للنساء اللواتي يعتزمن عدم الزواج فقط“.

إرم نيوز