منوعات

جامعة أفريقيا العالمية بالسودان .. صرح يثير الجدل

منذ أن ظهر اسمها بين المؤسسات التي كانت تتلقى دعما مباشرا من الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، باتت جامعة أفريقيا العالمية التي تتخذ من الخرطوم مقرا محط الأنظار ومثار أسئلة.

فالتحقيقات التي أجريت مع البشير -بعد العثور في منزله على ملايين العملات الأجنبية- أفادت بأن جزءا من المبلغ مدفوع إلى جامعة أفريقيا العالمية ومؤسسات أخرى كان يصرف عليها خارج موازنة الدولة.

ثم برز اسم الجامعة إلى السطح مجددا مع إعلان انعقاد مجلس الأمناء في العاشر من يناير/كانون الثاني الجاري بمشاركة 200 من الضيوف من خارج البلاد، قبل أن يتدخل مجلس السيادة برئاسة عبد الفتاح البرهان لوقف الاجتماع لحين مراجعة اتفاقية المقر.

إزاء هذا الوضع تقدم مدير الجامعة كمال عبيد، وهو من قيادات حزب البشير المعروفين، باستقالته إلى مجلس الأمناء.

لمحة تاريخية
يعود تاريخ جامعة أفريقيا العالمية إلى ستينيات القرن الماضي حين رأى عدد من شيوخ العلوم الإسلامية طلابا أفارقة يأتون من شتى البلدان طلبا للعلم الديني فلا يجدون مكانا للإقامة.

وتداعى الشيوخ مع بعض الخيرين لجمع تبرعات وأسسوا بها “المعهد الإسلامي الأفريقي” في العام 1966، لكن بعد 3 أعوام وعندما استولى الرئيس الأسبق جعفر نميري على الحكم أغلق المعهد.

وبعد نحو 3 أعوام، أعجب نميري نفسه بفكرة إنشاء مؤسسة تعليمية في السودان لمسلمي أفريقيا فقدم مقترحا بالخصوص على السعودية ومصر والكويت وقطر وليبيا والإمارات والمغرب فوافقت تحت مظلة اتفاقية إقليمية مشتركة.

لكن بعد موقف السودان المنحاز إلى العراق في حرب الخليج الثانية 1990 امتنعت الدول الخليجية الأربع عن دعم المركز.

وقرر السودان تبعا لذلك توفير كامل الميزانية بل تحويله إلى جامعة باسم “أفريقيا العالمية”، حافظت في الوقت ذاته على وضعيتها الإقليمية المشتركة مع هيئات وأفراد جدد.

تطويع الجامعة
من جهته، يوضح رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية مهدي دهب حسن أن الجامعة تضم طلابا من دول أفريقية وآسيوية عدة.

ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن التعدد الذي يميز الجامعة يجعل منها مؤسسة ذات قيمة كبيرة للسودان، حيث تعكس لكل هذه الشعوب القيم السودانية الأصيلة وبالتالي تلعب دورا رائدا في الدبلوماسية الشعبية.

لكنه يشير إلى أنها بعد تحولها من المركز الإسلامي إلى جامعة أفريقيا العالمية تعاقبت عليها إدارات مختلفة، مثلت جميعها اتجاها فكريا وسياسيا واحدا.

وتابع أن ذلك أدى إلى تطويع الجامعة لخدمة أهداف النظام المعزول واستغلالها، مؤكدا أنه ترتب عليه التخلي عن التقاليد المؤسسية القائمة في نظيراتها من المؤسسات الأكاديمية المماثلة في السودان.

ويرى مهدي أن كل ذلك دفع قوى “الحرية والتغيير” ومجلس أساتذة جامعة أفريقيا العالمية للتحرك من أجل إحداث تغييرات تتسق مع تحولات البلد نحو إرساء مبادئ الثورة.

وقد أفلحت تلك التحركات بالتواصل مع الجهات العليا في قوى “الحرية والتغيير” والمجلس السيادي ومجلس الوزراء ووزارة التعليم العالي في تأجيل اجتماعات مجلس الأمناء.

تصحيح مسار
من جانبه، ينفي أستاذ علم الاجتماع بجامعة أفريقيا العالمية عبد الناصر علي الفكي للجزيرة نت ما يشاع عن تأثير الخلافات الحالية على مستقبل الجامعة بنقلها من السودان أو حتى إغلاقها مستقبلا.

وقال إن “كل الخطوات لتصحيح مسار وإعادة هيكلة الجامعة بحيث تكون بالشكل الأمثل تمت على يد المجموعة الأكثر حرصا على استقرار الجامعة”.

وينبه الى أن إدارة الجامعة التي يديرها كمال عبيد، وهو من قيادات نظام البشير المعروفين، تجاهلت بشكل كلي التغيير الذي شهدته البلاد، وبنحو كان أقرب إلى الاستفزاز وكأنها في جزيرة معزولة، لدرجة عدم اكتراثها بدعوات وصلتها من مجلس السيادة لمواكبة التغيير الذي حدث في البلاد.
اعلان

وتابع “باسم مجموعة الحرية والتغيير نطمئن بأن الجامعة ستكون حريصة على نشر الإسلام الوسطي دون أن توصم بأنها تفرخ الإرهاب”.

ويشدد عبد الناصر كذلك على أن جامعة أفريقيا ستكون بعيدة عن المحاور الإقليمية في المنطقة ولن تستغل ضد أي محور ولن تعمل خلال المرحلة المقبلة وفقا لأي أجندة سياسية كما السابق.

المصدر : الجزيرة نت