نيق كوفمان.. عرَّاب التطبيع “السوداني – الإسرائيلي”.. ومراقبون: التقارب بين الخرطوم وتل أبيب يؤثر على الأمن القومي الأفريقي
يبدو أن رياح اللقاء السري الذي جمع بين رئيس مجلس السيادة في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ورئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، في أوغندا، خلال الأسابيع القليلة الماضية، لن تهدأ إلى حين، فلا تزال كواليس مقابلة (البرهان – نتنياهو) تتكشف، وتحولت إلى مادة دسمة للإعلام الإسرائيلي، الذي كشف مؤخرًا عن هوية عراب اللقاء بين الطرفين، وهو محام دولي إسرائيلي الجنسية.
نيق كوفمان
ويأتى ذلك رغم أن الجانب السودانى أكد أن اللقاء تم بترتيب أمريكى إلا أن التسريبات الإسرائيلية كان لها كلام آخر.
فى تقرير نشر فى موقع القناة السابعة العبرية، كشف المراسل السياسى الإسرائيلى للقناة، باراك رافيد، عن معلومات جديدة حول الاتصالات التى أدت إلى اجتماع (نتنياهو والبرهان) فى عنتيبى فى وقت سابق من هذا الشهر.
«نيق كوفمان» كلمة السر وعراب اللقاء بين نتنياهو البرهان وهو محام دولى إسرائيلى الجنسية، إذا بدأ الأمر بلقاء فى أوائل ديسمبر الماضى جمعه مع مساعد مستشار الأمن القومى الإسرائيلى مئير بن شابات – وهو رجل الظل المعروف باسم «معوز» أو «الحصن» ومسئول «نتنياهو» عن العلاقات مع الدول العربية.
حلقة وصل
«كوفمان»، مواطن إسرائيلى يحمل أيضا الجنسية البريطانية، عمره 51 عامًا متخصص فى الدفاع عن المتهمين فى المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى، كما كان يعتبر حلقة وصل بين إسرائيل ونظام الرئيس السودانى المخلوع عمر البشير، الذى اتهم فى المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب، وكان بدوره ينتقد بشكل خاص قرار المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودة، مطالبًا إياها بوقف تحقيقاتها فى دارفور فى ديسمبر 2014، فى إطار دعمه لنظام البشير.
وفى التفاصيل..وصل «كوفمان» سرا إلى الخرطوم فى يناير الماضى، والتقى «البرهان»، وسلمه رسالة «نتنياهو» وعلى الفور رد «البرهان» على الرسالة معربًا عن استعداده للقاء. من ناحية أخرى عرضت، نجوى قدح، المستشارة الرئاسية للرئيس الأوغندى جوارى موسوينى وصديق «كوفمان» لعدة سنوات، التوسط وعقد الاجتماع بين نتنياهو وبرهان فى أوغندا، عاد كوفمان إلى إسرائيل برسالة من «البرهان» وسلمها إلى مستشارى «نتنياهو».
وتم ربط ذلك بجهود الجانب الأوغندى لترتيب اللقاء، وبدوره بذل كل من مستشار الأمن القومى مئير بن شبات، ورئيس الموساد يوسى كوهين جهودَا أخرى من داخل إسرائيل لعقد اللقاء.
القذافي
وسبق أن تحدثت تقارير إسرائيلية حول أن «كوفمان»، الذى يعتبر بحسب القناة الثانية الإسرائيلية رائدًا فى القانون الدولى، عرض على نجل وابنة الرئيس الليبى المخلوع معمر القذافى الدفاع عنها وعن شقيقها سيف أمام المحكمة الجنائية الدولية، وقال كوفمان فى حديث مع القناة أنه لم يشعر بأى مشكلة فى الدفاع عن أبناء القذافى لأنهم ليسوا متهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
الأمن القومي الإفريقي
من جانبه.. كشف الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، اعتبر التقارب السوداني – الإسرائيلي، تحولا لمرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين، مضيفاً: بالنسبة للجانب الإسرائيلي هو استكمال الاتصالات والعلاقات الإسرائيلية مع دول مركزية في أفريقيا، فبعد إقامة علاقات دبلوماسية مع تشاد كان التوجه لإقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية معلنة مع السودان، والتي تعد مدخلا حقيقيا للجانب الإسرائيلي للقارة الأفريقية.
وأضاف “فهمى”، في تصريحات خاصة لـ«فيتو»، أن رغبة نتنياهو في تحقيق مكاسب انتخابية معلنة قبل إجراء الانتخابات التشريعية في مارس المقبل، لتحقيق حضور مبكر وكبير في المعادلة السياسية الإسرائيلية متجاوزا فرص تقدم جنرالات تحالف أزرق أبيض.
وكذلك سعي الحكومة الإسرائيلية لاستثمار الحاجة السودانية الراهنة للخروج من حالة العزلة المفروضة على السودان منذ الإطاحة بالفريق عمر البشير واستكمال التحرك الدبلوماسي المعلن بهدف إقامة علاقات جديدة مع دول مهمة في العالم العربي والأفريقي معا، وفي إطار إستراتيجية مد الأطراف الإسرائيلية وبما يخدم السياسة الإسرائيلية في المدى المنظور.
وأكد “فهمي”، أن هناك عصرا جديدا يتشكل أمام الدبلوماسية الإسرائيلية، بحيث تنتقل إسرائيل تدريجيا من دولة معزولة في نطاقها الإقليمي لتكون دولة مقبولة في النطاقين الأفريقي والعربي، وهو ما يؤكد أن إسرائيل ستكون محورا لتحركات دبلوماسية مهمة في الفترة المقبلة، وكذلك تشجيع الدول العربية والأفريقية التي تجري اتصالات ولقاءات غير معلنة للانتقال إلى مساحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية.
وتابع: التوجه لإقامة علاقات مع إسرائيل كان مطروحا قبل سقوط النظام السوداني، مؤكدًا أن السودان يحاول الاستفادة من التطورات الجارية في الجنوب وبالقرب من القرن الأفريقي ومنها اتجاه تنمية وتطوير العلاقات الإسرائيلية مع كل من إثيوبيا وأوغندا لإقامة علاقات جيدة وجديدة مع إسرائيل، منوهاً إلى أن الجانب السوداني يسعى لجني ثمار استئناف العلاقات مع إسرائيل لرفع اسمه من قوائم الإرهاب والانتقال من مرحلة العزلة الدولية إلى الانفتاح على العالم فرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب.
واستكمل: هدف الجانب السوداني هو الحصول على مقابل أمريكي مباشر باستئناف الاتصالات والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل خاصة وأن الدافع الإسرائيلي في التحرك في أفريقيا وبناء شبكة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة هو الرغبة في تقصير السفر إلى أمريكا اللاتينية واستخدام المجال الجوي للبلدان الأفريقية المعادية تقليديا وتحديدا تشاد والسودان، مما يسمح لشركات الطيران بتقديم رحلات أسرع وأكثر مباشرة بين إسرائيل وأفريقيا.
نظام البشير
في نفس السياق، أكد الدكتور رامي عاشور، أستاذ العلوم السياسية والأمن الدولى بجامعة القاهرة، وزميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا، أن إسرائيل عملت على استغلال الإطاحة بنظام البشير الذي كان يعتبر من أكبر العقبات أمامه للانخراط وإيجاد مكان لها بالسودان، مؤكدا أن تواجد إسرائيل بالسودان يدعم موقفها من تواجدها بجنوب السودان خاصة أن جماعة المتمردين بجنوب السودان تتلقى تدريبات من الموساد الإسرائيلي، ويعتبر الولاء التام لهم لإسرائيل، مما يترتب على ذلك اتباع السودان بالكامل تحت ولاية إسرائيل مما يخدم دعم وهيمنة إسرائيل في شرق أفريقيا خاصة دول حوض النيل، ودعم نفوذها بما يخدم تهديد الأمن القومي من ناحية مضيق باب المندب.
وشدد أستاذ العلوم السياسية والأمن الدولي على أن أي تواجد لإسرائيل بأفريقيا له تأثير بالغ الخطورة على أي مساع لتطوير ودعم العلاقات العربية الأفريقية، مشيرا إلى أن الدول العربية هي دول شعارات فقط.
بوابة فيتو