منوعات

أطفال الشوارع بالسودان.. من يحميهم في زمن كورونا؟

مع ازدياد انتشار فيروس كورونا، تتصاعد المخاوف في السودان من المخاطر التي تتهدد أطفال الشوارع، الذين يقدر عددهم بأكثر من 15 ألفا، من بينهم 5 آلاف طفل يعيشون في شوارع العاصمة الخرطوم.

وحذر عدد من المسؤولين في قطاع الصحة والرعاية الاجتماعية بالسودان، من إمكانية تحوّل أطفال الشوارع إلى “حاضنة” للمرض الناجم عن فيروس كورونا، نظرا للأوضاع الصحية السيئة التي يعيشونها يوميا.

نماذج مختلفة

إبراهيم وعائشة ومحمود جميعهم في أعمار تتراوح بين العاشرة والثالثة عشر، جمعهم الشارع الذي أصبح يشكل الجزء الأكبر من حياتهم اليومية، لكن لكل واحد منهم ما يشبه المهمة.

فابراهيم يتجول في الطرقات لمسح أحذية المارة، أما عائشة فتقف عند إشارات المرور أكثر من 12 ساعة متسولة من أصحاب السيارات، في حين بدا محمود غير مكترث وهو يبحث عن بقايا خبز قرب أحد المطاعم وسط الخرطوم، حاملا بيده الأخرى كيسا مملوءا بمادة السليسيون المخدرة.

يقول إبراهيم لسكاي نيوز عربية، إنه لا يكترث لما قد يلحق به، فالأهم عنده هو الحصول على ما يكفي لشراء ما يسد به رمقه.

وردا على سؤال ما إذا كان يدرك مدى خطورة أن يعمل من دون أي أدوات حماية وهو يلامس عشرات الأحذية التي يمسحها يوميا، أبدى إبراهيم استغرابه من أن تكون هنالك علاقة بين الأحذية ومرض فيروس كورونا أصلا.

أما عائشة فتشير إلى أنها لم تكن تعلم أن هنالك شيئا اسمه فيروس كورونا حتى قبل يومين، عندما أعطتها مجموعة من المتطوعين عبوة مادة مطهرة لتعقيم يديها، لكنها لم تعر الأمر كثيرا من الاهتمام.

مخاطر طبية

يؤكد صابر مكي، الطبيب بمستشفى النو التعليمي في مدينة أم درمان، أن معظم الأطفال المشردين يعانون من أمراض ناجمة عن ضعف المناعة أو سوء التغذية أو أمراض مزمنة أخرى، وهو ما يزيد من مخاطر إصابتهم فيروس كورونا.

ويشير مكي إلى أن معظم الأطفال المشردين يعيشون في بيئات غير صحية، ولا تتوافر فيها مقومات النظافة الشخصية، كما أنهم يختلطون كثيرا مع غيرهم، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالفيروس وبيئة خصبة لانتشاره.

استعدادات مبكرة

تلتقط إشراقة الغالي، مدير الإدارة العامة للرعاية الاجتماعية في وزارة التنمية الاجتماعية السودانية، الإشارة الأخيرة التي أرسلها مكي، وتؤكد أن الوزارة، ومنذ بداية انتشار الفيروس في الصين وانتقاله إلى أماكن أخرى، تنفذ إجراءات في إطار خطة الطوارئ الوطنية من أجل حماية أطفال الشوارع وغيرهم من الفئات الهشة.

وتقول الغالي إن وزارة التنمية الاجتماعية كثفت جهود التوعية في جميع مراكز الإيواء وعلاج الإدمان التابعة لها، كما درجت على إرسال فرق ميدانية من الباحثين والمختصين في مجالات التوعية.

وقامت الوزارة وفقا للغالي بتنسيق الجهود مع فرق وزارة الصحة ومنظمات المجتمع المدني بهذا الخصوص.

اهتمام أكبر

في السياق ذاته، تشدد انشراح شريف، مديرة منظمة ريادة لبناء القدرات، على ضرورة وضع أطفال الشوارع في قلب أي خطة وطنية لمواجهة فيروس كورونا، نظرا لطبيعة الحياة التي يعيشونها والمخاطر التي قد تنجم عند انتشار الفيروس في أوساطهم.

وتشير شريف إلى أنه وانطلاقا من هذا الفهم، نظمت العديد من المنظمات والجمعيات المختصة حملات توعية، وتم تقديم مواد تعقيم وتنظيف للعديد من أولئك الأطفال في الكثير من أماكن التجمعات.

كما كثفت المنظمات المختصة برامج لم الشمل، حيث تم إقناع العديد من الأطفال بالعودة إلى أسرهم حتى يكونوا في وضع أكثر أمانا، يمكنهم من التصدي لخطر انتشار الفيروس.

وأشارت شريف إلى العديد من الجهود الرسمية والمجتمعية التي بذلت من أجل إعادة تأهيل دور إيواء الأطفال وتجهيزها لتصبح ملاذات آمنة لهذه الشريحة الهشة في وجه جائحة أثقلت كاهل الدول الغنية والفقيرة، ونالت من قدرات المجتمعات المستقرة والمشردة على حد سواء.

سكاي نيوز