سياسية

وسط مشاعر مختلطة.. اقتصاد السودان يسعى لشق طريقه


لم يكترث خالد النور كثيرا للتوجيهات والمحاذير الصحية المتعلقة بمخاطر التجمعات، فقد وجد نفسه مرغما على الوقوف في ميدان مكتظ بطوابير الباحثين عن اسطوانة غاز في أحد أحياء العاصمة السودانية الخرطوم. وفي وقت تتصاعد الإصابات بشكل ملحوظ، حيث سجل أول أيام رمضان 39 حالة جديدة وهو أكبر رقم منذ بداية انتشار الفيروس. ورغم أزمات غاز الطبخ والوقود وبعض السلع الاستهلاكية، لكن النور كان متفائلا إلى حد ما بإمكانية أن ينجح الاقتصاد السوداني في شق طريقه المليء بالكثير من العقبات. أخبار سارة بالنسبة لخالد النور والكثير من السودانيين هنالك الكثير من الأخبار السارة مثل الزيادة التاريخية في الأجور والبالغة أكثر من 500 بالمئة والتي يتوقع أن يتم صرفها بحسب منشور منسوب لوزارة المالية مع راتب شهر مايو المقبل، وسط حديث عن ارتفاع بنسبة 100 بالمئة في إنتاج القمح لهذا العام إضافة إلى الارتفاع المفاجئ في قيمة الجنيه السوداني في السوق الموازي حيث تراجع سعر الدولار إلى حدود 100 جنية بعد أن تخطى 145 جنيها خلال النصف الأول من أبريل. كما يتحدث الكثير من السودانيين عن الانعكاس الإيجابي المتوقع من عمليات استرداد الأموال المنهوبة من قبل عناصر نافذة في النظام السابق والتي شملت ملايين الأمتار المربعة من الأراضي داخل العاصمة وخارجها، إضافة إلى إلغاء عمليات بيع مؤسسات عامة تمت بطرق يشوبها الكثير من الفساد خلال فترة نظام المخلوع البشير. وبحسب توقعات خبراء اقتصاد فإن هذه العمليات يمكن أن تعيد عشرات المليارات من الدولارات خلال الفترة المقبلة وهو ما من شأنه أن يعالج بعض المشكلات الهيكلية التي يعيشها الاقتصاد السوداني، الذي عانى عزلة استمرت أكثر من عقدين بسبب العقوبات، التي أعقبت إدراج الولايات المتحدة اسم السودان ضمن الدول الراعية للإرهاب في منتصف تسعينيات القرن الماضي. جهود متواصلة ورغم التململ الكبير من ارتفاع الأسعار والنقص الحاد في بعض السلع الأساسية، إلا أن الحكومة أكدت عزمها على إحداث الاستقرار الاقتصادي وضبط الأسواق. وذكرت اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية في بيان، السبت، أنها اتخذت عدد من الإجراءات لضبط الأداء الاقتصادي. وشملت تلك الإجراءات إلغاء كافة الاعفاءات الجمركية بغرض زيادة الايرادات وانشاء بورصة الذهب وتوفير كافة احتياجات المواطنين من المواد البترولية والغاز والدقيق والسلع الاستراتيجية. وأشار البيان إلى أن لجنة خاصة بمكافحة التهريب ومراقبة السلع الاستراتيجية ومكافحة الإتجار غير المقنن للنقد الأجنبي بدأت في تنفيذ خطتها وتمكنت من ضبط أعداد كبيرة من المواد السلعية المدعومة المهربة إلى خارج البلاد متمثلة في السكر والدقيق والمواد البترولية. فرص حقيقية ويرى محمد شيخون أستاذ الاقتصاد والعضو في عدد من اللجان الاقتصادية أن من الطبيعي أن تعمل الحكومة على الاستفادة من الفرص الماثلة وفي مقدمتها التحسن الكبير في إنتاج القمح والذي يتوقع أن يصل إلى أكثر من 8 ملايين جوال في ولاية الجزيرة في وسط السودان وحدها. ويطالب شيخون بضرورة تكثيف العمل على الاهتمام أكثر بالقطاع الزراعي لأنه يشكل عنصر أساسي من العناصر، التي يمكن أن تخرج الاقتصاد السوداني من كبوته. ويشدد شيخون على ضرورة وضع استراتيجيات فاعلة تشمل كافة القطاعات بما في ذلك القطاعات المالية وقطاعات الاقتصاد الكلي بما يؤدي إلى تحسين أوضاع الصرف على المدى الطويل. تراجع الطلب أما عادل خلف الخبير الاقتصادي والقيادي قوى الحرية والتغيير فيشير إلى أن التحسن الذي طرأ على موقف الجنيه يعود جزئيا إلى تراجع الطلب بسبب تقلص الواردات وعلى رأسها واردات القمح التي تأثرت بعاملين مهمين هما زيادة الإنتاج المحلي إضافة إلى الآليات الجديدة التي اتبعتها وزارة المالية والتي تضمنت تبادل واستيراد لسلعة القمح وفقا لعقود تم توقيعها مع برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة. لكن في الجانب الآخر يعتبر خلف أن التحسن نسبي ومؤقت، ويقول إن سياسات التحرير الاقتصادي أدت إلى تدمير الاقتصاد الحقيقي والقطاعات الإنتاجية وأنعشت في المقابل النشاط الطفيلي والمضاربات وهو ما أدى إلى تدهور العملة الوطنية وفقدان خاصيتها المتمثلة في أن تكون وعاء لحفظ القيمة. ويوضح خلف أن النقد الأجنبي تحول إلى سلعة ومجال حيوي للمضاربة، وأصبح سعر صرف الجنية مقابلات العملات محكومة بقانون العرض والطلب وعليه فإن التذبذب هبوطا وصعودا لا يعطي مؤشر حقيقي لقيمة الجنية وقوته الشرائية.

سكاي نيوز