رأي ومقالات

أحمد يوسف التاي: إعتقال الطيب مصطفى

إعتقال الطيب مصطفى
بينما لايزال الغموض يكتنف الأسباب الحقيقية وراء اعتقال الكاتب الصحافي الطيب مصطفى من منزله بكوبر مساء امس الإثنين، كشفت آخر المعلومات أن لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال ومحاربة الفساد، هي الجهة التي فتحت عدة بلاغات في مواجهة “الطيب مصطفى” على خلفية مقالين له قالت أنه دعا فيهما إلى التحريض ضد اللجنة وتقويض النظام الدستوري، كما اتهم فيها تلقي بعض أعضائها رشاوى…
أولاً دعونا نتفق مبدئياً على أن من حق صلاح مناع أن يذهب إلى نيابة الصحافة ويفتح بلاغاً في مواجهة الطيب مصطفى، إذا رأى أنه تضرر من مقاله، وهذا الحق ايضاً لأي عضو في لجنة التفكيك، فالإجراء الطبيعي ان يذهب مناع ويفتح البلاغ وكل من تضرر ، والنبابة تستدعي الطيب مصطفى وتتحرى معه ويطلق سراحة بالضمان العادي إلى حين انعقاد المحكمة، وعلى الطيب ان يبرز مستندات اتهامه ، وعلى مناع أن يثبت براءته أمام المحكمة، فهذا هو الإجراء الطبيعي القانوني في قضايا النشر، أما استخدام السلطة وتوظيفها لإرهاب الخصوم فذاك عهد مضى لا أعاده الله وقدتأذينا منه كثيراً، ولايجب نبرر لأنفسنا ما كنا نستنكره على نظام “الكيزان” ..
منّاع اليوم في مواجهة إتهامات لم يكن الطيب مصطفى اول من أثارها ولكن هناك اكثر من جهة وأكثر من كاتب واجهوه بتهمة معاملات مالية مشبوهة مع رجال النظام المخلوع وقد اورد الطيب مصطفى في مقاله جزءاً من تلك المقالات التي سبق تداولها من كتاب صحافيين، وهي اتهامات يتداولها حتى شركاء مناع في التغيير..
كما يجب أن نتفق أيضاً أن الطيب مصطفى حينما واجه هذا البلاغ بسبب مقاله المنشور وليس بسبب نشاط سياسي حزبي، وبوصفه كاتباً صحافياً وليس كرئيس حزب معارض لذلك كان يجب ان يخضع لإجراءات قانون الصحافة والمطبوعات بالطريقة التي أشرتُ إليها دون الحاجة إلى اعتقال وحبس ورفض الضمانة، هذه كلها ظلال سياسية تخصم من الإجراء القانوني والحريات الصحافية الكثير، وتعكس استغلال النفوذ الذي عانينا منه كثيراً.
موقف الطيب مصطفى مع لجنة التفكيك يذكرني تماماً بموقفه مع مجموعة وكيل وزارة العدل في نظام البشير “عصام عبدالقادر” بعد ان نشرنا سلسلة تحقيقات بعنوان “مافيا الاراضي” بصحيفة الصيحة التي كان الطيب مصطفى يترأس مجلس إدارتها، وقد تناولت التحقيقات الأراضي التي استحوذ عليها مدير عام مصلحة الاراضي ومدير عام المساحة واراضي “الاسرة المالكة”…إذن ما الذي حدث وقتها بين الطيب مصطفى ومجموعة وكيل وزارة وزارة العدل؟..
لقد استغل الوكيل سلطاته باعتبار أن النيابات كلها تخضع لسلطاته فوظفها كلها في مواجهة الصحيفة، وجعل رئيس مجلس الإدارة مسؤولاً عن النشر كما لو انه رئيس تحرير، فتم فتح بلاغات في رئيس التحرير واقحم معه رئيس مجلس الإدارة في كل البلاغات في نيابة الصحافة والمطبوعات، ونيابة الأراضي، نيابة امن الدولة بعض هذه البلاغات مازالت مستمرة وتعقد جلساتها حتى اليوم…ومعلوم أن قانون الصحافة لا يحاكم رئيس مجلس الادارة بل يجعل المسؤولية كلها على عاتق رئيس التحرير، لكن استغل وكيل العدل نفوذه وسلطاته والنيابات ومارس الارهاب على الطيب مصطفى الذي تم اعتقاله واستدعاؤه تحت سطوة نفوذ الوكيل الذي هددت مجموعته بإغلاق الصحيفة وقد فعلت…
الطيب مصطفى حاكموه معنا ظلماً ثلاثة مرات،مرة بقانون الصحافة، ومرة بقانون الاراضي تحت المواد (٥٢،٥٣) – كشف اسرار الدولة ، ونشر وثائق سرية، وقد جعلوا عقودات أراضي “المافيا” من اسرار الدولة..(تخيلوا)..!!!…
ومرة ثالثة بإغلاق الصحيفة ومصادرة كل مستندات الفساد التي بحوزتها..
كنا نستكر كل هذه الإجراءات التعسفية وغير القانونية ونرفض بشدة استغلال النفوذ والسلطة لإرهاب الصحافيين ومنع النشر ، وكانت كل فصائل المعارضة (حكام اليوم) يتواصلون معنا معلنين تضامنهم ووقفتهم واستنكارهم لاستغلال الوكيل لنفوذه ويرون انه كان يمكن ان يفتح بلاغات في الصحيفة عبر الاجراءات المعروفة دون الحاجة إلى استغلال النيابات، اعتقال رئيس التحرير ورئيس مجلس الادارة ومدير التحرير ودون الحاجة إلى فتح بلاغات في نيابة امن الدولة واغلاق الصحيفة كان عليه ومن معه ان يدافع عن نفسه او من يفوضه أمام القضاء..
اما الحديث عن تحريض الطيب مصطفى للشارع، فاقول ان كتابات الطيب مصطفى تمور وتفور بالإساءة والتجريح والتحريض، وهذا امر يعاقب عليه القانون، فعلى لجنة التفكيك أن تأخذ حقها من الطيب مصطفى بالقانون دون استغلال نفوذها ودون إعادة النهج “الكيزاني” القديم في الدفاع عن النفس بالتخويف والارهاب بالقانون واستغلال النفوذ…
أخطأ صلاح مناع في امر آخر حينما ساوى بين غندور والطيب مصطفى وهدد بحسمهما قانونياً باعتبار ان المؤتمر الوطني حزب محلول ولايجوز الحديث باسمه، فالطيب هنا كاتب صحافي ولاعلاقة له بالمؤتمر الوطني المحلول، وحتى لو تحدثنا بوصفه رئيس حزب منبر السلام فحزبه غير محلول، اما المؤتمر الوطني يستحق الحسم القانوني تماماً، فالأمر هنا مختلف ولامجال للمقارنة والمساواة بين الحالتين….
ثمة أمر آخر وهو أن حادثة اعتقال الطيب والإثارة التي احدثتها فتحت نفاجاً صغيراً أمام اتحاد الصادق الرزيقي المحلول فسدر في غيِّه وأطلّ علينا ببيان يدافع فيه عن الطيب مصطفى وينفث سمومه وقد كان هذا الاتحاد (الكيزاني) يصمت صمت القبور إزاء كل الإجراءات التعسفية التي اتخذتها سلطة الانقاذ ضد الطيب مصطفى وصحيفته، بينما كانت شبكة الصحافيين السودانيين المناوئة لاتحاد العار المحلول تصدر البيان تلو البيان تضامناً مع الصيحة وصحفييها وتقف بقوة مع الحريات الصحافية… إذا كانت هناك سلطة وهيبة للدولة يجب أن تقبض على قيادات الاتحاد المحلول وقد تحدوا قبل اليوم الحكومة ورفضوا الاعتراف بالحل ومازالوا يمارسون نشاطهم علناً، فأولى هؤلاء بالاعتقال السياسي وليس الطيب مصطفى الذي يجب ان تتخذ ضده اجراءات النشر العادية دون ذوبعة وترويج (غبي) من اجل تصفية الحسابات الشخصية..
وما اود ان أقوله هنا ل(شبكتنا) ان تضطلع بدورها في الدفاع عن الحريات الصحافية فهي قيمة لاتُجزأ ولاتترك مساحة فارغة لاتحاد الرزيقي المحلول ليتمدد فيها باسم الدفاع عن الحريات الصحافية، فالشبكة هي الأحق بها وهي الاجدر بها وقد وقفت مع صحيفة الطيب مصطفى وهي على خلاف معه تماماً…صحيح أننا نختلف مع الطيب في اسلوبه الكتابي وفي طريقة هجومه على رموز الثورة وعدم دعمه لثورتنا الشعبية، ولكن هذا الاختلاف لايبرر وقوفنا مع خصومه السابقين والحاليين الذين يستغلون نفوذهم في مواجهته بصورة تكاد تكون نسخة بالكربون…..اللهم هذا قسمي في ما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

أحمد يوسف التاي

تعليق واحد

  1. يعني انت الان يا التاي تدافع عن الطيب وتقدم للسلطة تهم جديدة ضده وتحرض علي حزب سياسي وتسير وراء لافتة حظر العمل السياسي بالقانون وايضا تحرض علي اتحاد الرزيقي المعترف به خارجيا الذي اصدر بيان ادانة وتستجدي بيان شبكة الصحفيين والله من مقالك انت منفعجي وللاسف يتم خداعنا بشعارات الثورة .
    الحرية لا تتجزأ وشكلها الانقاذ كانت مظلومة وليست ظالمة لامثالك