ضياء الدين بلال: الظلم ظلمات!
-١- (الظلم في مكان ما يمثل تهديداً للعدل في كل مكان).
مارتن لوثر كنج.
الفكرة بسيطة ومباشرة:
إذا لم تكن الحكومة حريصة على سيادة حكم القانون على الجميع، دون فرز وتمييز، ابتداءً من مؤسستها وكبارها، فلن تستطيع أن تلزم الأفراد بذلك.
نظرية:( دُفِّ الأب ورقْصِ أهل البيت).
كل مؤسسات الدولة، هي الأوْلى بتقديم القدوة في احترام القانون، والامتثال لأحكامه وتطبيقه بنزاهة وتجرد، دون تعسف لمعاداة أو تساهل لمحاباة.
إذا اختارت مؤسسات الدولة طريق الاستهانة بالقوانين والتعالي عليها أو تطبيقها بانتقائية (مسيسة) وانتقامية (مشخصنة).
وإذا تراخت الجهات العدلية في فرض هيبة أحكامها على المؤسسات وعلى الكبار قبل الصغار ؛ فعلى الوطن السلام.
(تلك قاعدة هلاك الأمم ما قبل المرأة المخزومية وإلى اليوم).
-٣-
كنت قبل أشهر شاهدا على محاكمة الزميلة سهير عبد الرحيم في محكمة الصحافة والمطبوعات.
الكاتبة سهير تقف في مواجهة بلاغ من قيادة الجيش، ممثل في الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
كانت سهير قد كتبت مقالا ساخنا أثار غضب قيادة المؤسسة العسكرية.
وقف إلى جانبها في الدفاع الأستاذ نبيل أديب بكل خبرته وحنكته القانونية.
استمرت الجلسات لأشهر بين أخذ ورد وطلب وعرض .
جاء الحكم لمصلحة سهير وتمت تبرئتها وخسر الجيش المعركة القانونية.
خرج ممثل الجيش من المحكمة غاضبا ،وذهبت سهير بعد انتهاء الجلسة لتتناول الغداء بمطعم كنتاكي ،لتعود إلى بناتها سالمة وآمنة لا تخشى على نفسها رد فعل العسكر ولا كلاب الطريق!
لو أن العسكريين قرروا الانتقام لأنفسهم ًوفش غبينتهم من سهير ،لوجدوا بين ثغرات القانون ما يجعلها تمثل أمام محكمة عسكرية!
حينما تصبح كلمة القانون هي العليا والجميع سواسية أمامه ولا راد على أحكام القضاء إلا القضاء ، حينها يستقيم ظل الأشياء وتغلق أبواب الفتن وتكبح نوازع الشر.
قالها نيتشه: (عندما تحارب بنفس أسلحة عدوك سوف تصبح مثله) .
-٣-
في مرات عديدة حدثت بيني و والاستاذ الطيب مصطفى مشادات قلمية خشنة، كانت المرة الأولى قبل ١٥ عاما .
حينما علقت منتقدا ما كتبه في الانتباهة عن السيد ياسر عرمان حيث أغلظ عليه باﻹساءة والتجريح.
ظلت علاقتنا لسنوات على غير ود مع استمرار المناوشات الكتابية والمجاملات الاجتماعية.
ولكن مع اختلافي واعتراكي معه ، فلا أنكر عليه صدقه في الدفاع عن مواقفه وشجاعته في التعبير عن آرائه في مواجهة النظام السابق وفي مقارعة النظام الحالي.
-٤-
ما يحدث مع الطيب الآن من اعتقال تعسفي هو تكرار (كربوني) لسلوكيات القمع والاستبداد في مواجهة الكلمة والقلم وتجاوز فظ لأول وأهم شعارات الثورة الشبابية (الحرية)!
من الطبيعي حدوث ذلك في اﻷنظمة الشمولية ولكن تكراره في مرحلة تأسيس ديمقراطي تعلي من شعار الحرية مفارقة صادمة وخيبة فاجعة ستوثق لها سجلات التاريخ.
-٥-
الشعارات تظل براقة وناضرة وهي تخرج من الألسن وتلمع بين السطور و تتبرج على المنابر وعند نزولها أرض العمل وميدان التجربة، يتميز الزيف من الحقيقة والصدق من الخداع والماء من السراب.
ماذا يضير صلاح مناع أو لجنة إزالة التمكين لو لجأوا إلى نيابة الصحافة لمقاضاة الكاتب ، كما فعلت قيادة الجيش ضد سهير؟!
على الكاتب أن يثبت فساد مناع بالوثائق والمستندات .
أو أن يثبت مناع كذب وافتراء الطيب عليه فيصبح مستحقا للعقاب.
-اخيرا-
إلقاء القبض على كاتب صحفي ليلا والزج به في الحراسة مع اللصوص والنشالين ومنعه حق الخروج بالضمان ،فعل قمعي استبدادي بغيض.
وفي ذلك رسالة إرعاب وترهيب لكل صاحب قلم هم بملامسة جلباب مناع أو اقترب من حمى لجنة التمكين!
ضياء الدين بلال
الرجل الطيب فعلا يمتلك دبابيس لمناع تدبسوا في ظلام الحرية القحطية.
ليس هو وحده بل حزب الامه بكامله واصهاره.
يجب ان يأخذ كل واحد حقه بيده في غياب القانون .هكذا تذهب قحت بالناس لمجاهل الردي.من السهل تفصل القانون علي مقاسك لكن لاتنسي للناس قوانيين أيضا.