إمام محمد إمام: لماذا فشل مؤتمر المانحين؟!
عقدت الحكومة والشعب السوداني آملاً عِراضاً، على انعقاد مؤتمر المانحين يوم الخميس الماضي (25 يونيو 2020)، بتوقعاتٍ كبيرةٍ لسد الفجوة المالية، حتى تتحرك عجلة الخدمات من علاجٍ وغذاءٍ وتعليمٍ، بعد أن توقفت تماماً حتى قبل جائحة الكورونا.
اعتمدت الحكومة على توقعات نتائج هذا المؤتمر حتى أنها لم تقدم الميزانية السنوية للدولة لعام 2020، لإجازتها، وفقاً للأعراف المتبعة في هذا الخصوص، لنشوب خلافٍ حولها من قبل مكونات إعلان قوى الحرية والتغيير (قحت)! ولأن الميزانية المُعّده آنذاك، اعتمدت على العون الخارجي الذي قُدر ب70%، مما أخر تقديمها حسب رؤية البعض في انتظار ما يسفر عنه هذا المؤتمر. وقد تأخر المؤتمر من إبريل الماضي إلى يونيو الحالي، وتأخرت معه حركة المواطن، وتدهورت فيه مستوى المعيشة بشكلٍ كبيرٍ لقطاعٍ ضخمٍ من المواطنين!
في رأيي الخاص، يُعزى فشل المؤتمر إلى الأسباب التالية:
1- عدم وجود إستراتيجية واضحه للحكم والتي تحدد مسائل مهمة، ليس فقط على مستوى الوطن فحسب، بل تحدد المواقف العالمية تجاه السودان، ومستوى رضا تلك الدول التي نطلب منها الدعم.
وقد أعطى تأخير ، وإنتظار الدعم الخارجي إشارات سالبة للمانحين، وشكك في مقدرة حكومة عاجزة أن تضع ميزانية لعامٍ واحدٍ! هذا الشك يُثير مخاوف دول الدعومات الخارجية من أن دعوماتها لن تجد مكانها في رفع مستوى المعيشة في السودان. والميزانية في المقام الأول خطاب سياسي نقرأ من خلالها توجه البلاد.. أهو دعم مباشر للفقراء؟ – أم هي تتمة لمشاريع حيوية؟ – أم هي زيادة في مقدرة القوات النظامية لمجابهة التمرد؟ الخ..
ومن المؤكد، أن قراءة الداعمين للميزانية هي التي تحدد رغبتهم في الدعم. مؤشرات عدم الثقة في كيفية استفادة الحكومة من المنح المقدمة – مما حدا بالولايات المتحدة الأميركية أن تحول مبلغ 365 مليون دولار لهيئة المعونة الأميركية، لتصرفها هي على المحتاجين في السودان (أغلب الظن في مناطق الحروب)! لقد عجبتُ للمملكة العربية السعودية وتبرعها ب10 ملايين دولار، تسلم إلى البنك الدولي! وربما هذا يؤكد عدم ثقتها في الحكومة الحالية، وهي التي تبرعت بما يزيد عن مليار دولار في الأيام الأُولى للثورة!
2- كنا مؤملين بأن الإخوة الوزراء القادمين من الغرب، على علم ودرايه بالعقليه الغربيه التي ترفض الدعم للدولة الفقيرة، إذا لم تتأكد من شفافية الحكومات، وإدارتها للمال العام. وما طفح على السطح، للأسف بين وزير المالية ووزير الصحة من تبادل اتهامات في الإعانات المالية لمواجهة جائحة الكورونا، طعن في أمانة وصدقية المسؤولين! وتصريح وزير المالية قبل يومين من المؤتمر، والذي جاء بعد المصالحة بينه وبين وزير الصحة، حيثُ أعلن فيه للمرة الثانية أنه سلم أموال دعم الكورونا إلى وزير الصحة، ولم تستعمل هذه الإعانات المالية في غير ذلك، وأنه يطالب بلجنة تحقيق في هذا الأمر.
ما هي الإشارات التي يلتقطها الأوروبيون؟ وما رأيهم في ما يجري في السودان؟!.
3- العالم الغربي قطع شوطاً كبيراً في مسائل هي الآن بالنسبة لهم من البديهيات:
أ- حقوق الإنسان وحكم القانون.
ب- الحقوق الخاصة والملكية الخاصة.
ج- تشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي.
د- تشجيع القطاع الخاص في المجالات المختلفة، مما يشجع على زيادة فرص العمل.
ه- الفرص المتساوية في العمل.
و- التوجه بجديةٍ نحو الديمقراطية.
وللأسف في فترة عام حكومة حمدوك ظل ملف السودان أسود في معظم هذه الموجهات.
فمن الواضح عدم اكتمال هياكل الحكم، فظلت الولايات بلا حكومات، بل تمركزت صلاحيات الحكم في أيدي وزراء محددين، فوزير الحكم المحلي والي لولايتين، الخرطوم والنيل الأبيض. ووزير الصحة الاتحادي هو الوزير المختص فوق سلطة الوالي على وزارت صحة في أربع ولايات.
لقد كان لظلال لجنة التقكيك، وهي تُعلن فصل الأبرياء من الخدمة المدنية، ومعظمهم من غير الكيزان، ومن غير جُرمٍ أو خطيئةٍ، ليحل محلهم آخرين! مهما كان هؤلاء، أمر لا تقبله هذه الدول مهما بلغت كراهيتهم للإخوان المسلمين.
وإنتزاع الملكية الخاصة باسم محاربة الفساد، أمرٌ غير مقبولٍ لهذه الدول خاصةً، وأن لجنة التفكيك تعمل بقوانين مصنوعة صناعة، وفيها مخالفةٌ واضحةٌ، للأسس القانونية المعمول بها عالمياً!
تهميش المنظومة العدلية، وتسييس العدالة بصورةٍ واضحةٍ على يد النائب العام، أمرٌ لا تخطئة العين! أنظر مقالات سيف الدولة حمدنا الله عبد القادر وعبد القادر محمد أحمد وهما من أبرز قيادات الحرية والتغيير، ولكنهما وجها نقداً قانونياً موضوعياً، لقانون التفكيك، لأنه يخصم من الثورة وشعارها (حرية.. سلام وعدالة)، ومن المنظومة العدلية! وجليٌ للعيان سياسة النائب العام تجاه حبس رموز النظام السابق بلا قانون!
أخلص إلى أنه، من أسباب فشل مؤتمر المانحين، أن الحكومة السودانية، لم تعرض على المؤتمر التدابير المتعلقة بإجراء انتخابات نزيهة شفافة، بعد انتهاء الفترة الانتقالية. كما أنها وضعت أهدافاً وتوقعات سقفها عالٍ، غير آخذين في الإعتبار أنها حكومة مؤقتة انتقالية – متناسين ما يمر به العالم من جائحة الكورونا التي نشفت المخزون الإستراتيجي لمعظم الدول، هذا بالإضافة، أن الحكومة كانت تتوقع الهبات والقروض نقداً، لسد الرمق – في الوقت الذي كان الداعمون ينظرون إلى أنها شراكة بين مانحين ودولةٍ بها ثرواتٍ عظيمةٍ من ماءٍ وزرعٍ ونفطٍ وذهبٍ، يمكن أن يكون فيه دعوة للاستثمار لهذه الدول. والملحظ الواضح، في التباين في اسم المؤتمر، نجد أن السودان يقول إنه مؤتمر المانحين، بينما الأوروبيون يقولون إنه مؤتمر شركاء السودان! والفرق واضحٌ وكبيرٌ!
أكثر ما يخاف منه الغرب أن تمنح دوله مالاً للإعاشة أو حتى للصحة والتعليم، ولا تكون هنالك خطة لاستدامة الخدمة – فالمشاريع الأوروبية والأميركية مبنية أساساً على مساهمات الدول الفقيرة حتى وإن قلّت لضمان الاستمرارية.
فمشروع كتطعيم الأطفال – تدفع الدولة فيه من المكون المحلي والذي ربما يصل لأكثر من 30% من التكلفة، ولكنها مضمنة في الميزانية وتشجع المانحين من أن المشروع سيستمر ما دام هنالك فعلٌ حقيقيٌ من الدولة المستفيدة. وكذلك تطعيم الحيوان ضد الأوبئة عابرة القارات كمرض النوم عند الأبقار وغيره من مشاريع التنمية.
كيف ندعو هذه الدول للاستثمار في السودان، وملف مصادرات أملاك المستثمرين تُذاع في مسسلات تلفزونية؟! عندما هاجمت لجان المقاومة المستثمر السعودي الراجحي ومشاريعه الكبرى في ولاية نهر النيل، أعلن قراره بأنه سيترك العمل في السودان! وكان قراره بمثابة إعلان نهاية الاستثمار الأجنبي في السودان!
الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) في زيارته إلى إثيوبيا زار المنطقة الصناعية الجديدة التي تعمل على مدار الساعه بطاقة كهربائية، استغرب الرجل أن عدداً مقدراً من المستثمرين هم سودانيون.
وقد أسفتُ عندما أخبرني الصيارفة، بأنه منذ أن قامت الثوره المجيدة، واستلام دولة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله آدم حمدوك زمام الأمور تسربت خارج البلاد فوق الخمسة مليارات من الدولارات للاستثمار في بلاد فيها قانون ونظام عدلي ومالي يحفظ حق المستثمر.
عندما راجعت ما قدمته الدول المانحه أجد أن الأموال النقدية (الكاش) الذي سيصل خزينة السودان كأول دفعة هو 60 مليون دولار، وستصل في بداية العام المقبل.
حزنتُ أشد الحزن، وأنا أتابع ماجاءت به الآنسة لينا الشيخ وزيرة الشؤون الاجتماعية من متسولين سودانيين يُعرضون على العالم، ليقولوا “كرامة ياخيرين”! هبوط مستوى الإنسان السوداني لم يحدث مثله منذ الاستقلال. عليه، بعد فشل المؤتمر هذا، أُغلقت أبواب الحل الاقتصادي إلا عبر بوابة الحل السياسي الذي ندعو إليه جميع الجادين على مستقبل السودان أن يتوافقوا عليه ليخرج السودان من هذه الورطة.
إمام محمد إمام
i.imam@outlook.com
بعد فشل شوبش المانحين ..سوف يعرض القحاتة السودان في المزاد العلني علينا جاي
الدولار بعشرة حسب مقال عثمان ميرغني
بعض المعلقين العطاله بتاعين قحط حايمين من صفحه الي صفحه لترديد نفس الكلام ما بهم ما عندو جديد غير الصراخ و النبيح ما عارف الراعي بقول في شنو ذاتو!