عادل الباز: خطة معليش لتفكيك الجيش !!( الحلقة الاخيرة)
1 فى الحلقتين السابقتين نظرت فى جانبين من جوانب خطة “معليش” وهما ضرب ثقة الشعب بالجيش والثانية رأينا فيها كيف سارعت جماعة معليش للاستعانة بالخارج لإنفاذ خطة التفكيك.أوضحت فى الحلقتين كيف يسير كلا المسارين بصورة متناغمة وإيقاع محدد باتجاه واحد لإكمال مهمة التفكيك.في هذا الجزء الأخير سنفحص الضلع الثالث من الخطة لتبيان خطله وهزال منطقه وما إن كان منسجماً ومكملا لمقتضيات خطة معليش.
2
تسعى جماعة معليش لإضعاف الجيش عبر إفقاره وإبقائه رهناً لأجندات سياسات حزبية داخلية وأخرى خارجية للسيطرة عليه عبر المعونات العسكرية والتمويل المباشر تسليحاً وتدريباً وتمويلاً لأغراض يعلمونها كما تعلمون أنتم ما جرى للصومال والكونغو والعراق وليبيا بعد أن فككت جيوشها.
كانت التهمة للإنقاذ أنها تنفق ثلثى الميزانية (60%) أو تهدرها في الإنفاق على الأمن والدفاع . كانت هذه المعلومة مسلمة فى كل نقاشات الاقتصاديين والنخب والهدف من الإنفاق كما قالوا أن تتدجج بالسلاح لتأمين لنفسها و منظومتها العسكرية وبهذا أفقرت البلاد إذ حرمتها من الموارد التي كان يمكن استثمارها في التنمية والصحة والتعليم. بعد سقوط الإنقاذ (الحمد لله) اكتشفنا أن ذلك محض كذب وتدليس ليس له من الحقيقة نصيب وهذا ما قالت به حكومة الثورة.!!.
3
حكومة الثورة أكدت أن الميزانية التي كانت ترصدها الإنقاذ للدفاع لا تتجاوز 9% من الإنفاق الكلي فى الدولة ( راجع الميزانية) و حكومة الثورة التى اكتشفت بؤس هذا الإنفاق اضطرت لرفع معدل الإنفاق على الأمن والدفاع إلى نسبة 7%.جماعة معليش لم يرضها هذا الوضع ولكنها صمتت صمت القبور.
ميزانية الدفاع عام سقوط الانقاذ (2019) 33088 كانت ثلاثون تريليون وثمانية وثمانون مليار جنيه وتمثل 9% من جملة الإنفاق العام أما ميزانية الدفاع فى العام 2020 (ميزانية الثورة) فتبلغ 50.578 تريليون جنيه ( خمسة وخمسون تريليون وخمسمائة ثمانية وسبعون مليار جنيه) تمثل 7% من جملة الإنفاق العام من الميزانية وهي أقل ب2% من ميزانية العام السابق ( الانقاذ) فقط ولكنها أعلى قيمة بنحو 17 تريليون وذلك بفعل التضخم. وبالمناسبة الميزانية تخصص ما نسبته ١% من جملة الإنفاق على الترفيه والثقافة والدين كان الله فى عون الصديق فيصل محمد صالح و للدين رب يحميه. يمكن أن نقول إنه ولإحساس حكومة الثورة بأهمية الأمن وحاجتها إليه أبقت على ذات ميزانية الانقاذ تقريباً وجعلتها بعد الصحة والتعليم مباشرة وهذا أمر جيد. ولكن هل ذلك يكفى لتسليح وتدريب الجيش ولمواكبة التطورات فى الأسلحة النوعية الجديدة فى العالم.؟
4
الحملة المشتعلة الآن ضد مصادر الجيش المالية ، استثماراته وشركاته سببها أن جماعة معليش تطالب بإلحاح بألاّ يشتغل الجيش بالاستثمار والتجارة وأن الدولة هى التي ينبغي أن تكفي احتياجاته ولذا وجبت تصفية كل شركاته وبعضهم يدعو لتصفية الشركات التى تعمل فى المجال المدنى وتترك له استثماراته فى المجال العسكرى. هذا هو الادعاء ولكن مالسبب.؟ يقولون إن الجيوش ينبغى ألا تشتغل بالبزنس حتى لاتنصرف عن مجال عملها الأساسي … من أين جاءوا بهذه الفرية.. هل فعلا الجيوش فى العالم لاتعمل فى البزنس وليس لها شركات.!!. لنفحص تلك المقولة ناظرين إلى تجارب جيوش عريقة وكبيرة ولها تجارب كبيرة في مجالات الاستثمارات المتنوعة.
5
يقول تقرير حديث صادر فى هذا الشهر (يونيو 2020) من مؤسسة كارنيغي الأمريكية بعنوان (الشركات العسكرية للجيشين التركي والمصري. تجدون الرابط أسفل المقال). ( يهيمن كل من الجيشين التركي والمصري على التجارة العامة والخاصة فى السوق المحلية، لكن شركة OYAK التركية تفضل بشكل أساسي ممارسات الاحتكار كما هو الحال فى مجال الأسمنت والصلب، فى حين يسعى الجيش المصري إلى احتكار قطاعات مختارة، وخاصة الإنشاءات العامة والأعمال التجارية الزراعية.)
يشير التقرير أنه (منذ عام 1961 أسس الجيش التركي مجموعته الاقتصادية “اوياك” ( OYAK ). وعلى مدى ستة عقود، أصبحت شركة OYAK واحدة من أكبر الشركات القابضة فى تركيا من حيث عدد الشركات التابعة لها ونطاق استثمارات هذه الشركات.
تمتلك شركة OYAK حالياً ثمانية وثلاثون شركة رئيسة وست وثمانون شركة فرعية تهيمن على قطاعات التعدين والمعادن) خاصة الحديد والصلب والسيارات واألاسمنت وتنشط شركة OYAK فى قطاعات الكيماويات الزراعية والطاقة والخدمات اللوجستية والتمويل والبناء والسياحة والأمن والتكنولوجيا الطبية، واستثمرت أيضاً في قطاعات البنوك والتأمين وتصنيع الإطارات وتوزيع المنتجات البترولية والأغذية. نمت شركة OYAK بنسبة 50 %، وارتفع إجمالي أصولها الصافية الآن من 10.7 مليار دولار إلى 15.4مليار دولار).
6
أما بخصوص الجيش المصري فيقول التقرير (شهد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مزيداً ّ من التوسع فى مؤسسات الشركات العسكرية. قامت مصر ببيع عدد من شركات القطاع العام للشركات المحلية والأجنبية. وقام الجيش بالحصول على بعض من هذه الشركات، وعلى سبيل المثال، استولى جهاز الصناعات والخدمات البحرية على الشركة المصرية لإصلاح وبناء السفن ، ترسانة الإسكندرية وشركة النيل للنقل النهري في الأعوام 2003 و2007و2008 على التوالي.) وفي العام 2004 ،استحوذت الهيئة العربية للتصنيع على مصنع تصنيع عربات السكك الحديدية الوحيد في مصر، والمعروف باسم سيماف).
أما الجيش الباكستانى فيمتلك ثلث الصناعات المعدنية الثقيلة بالبلاد ويمكن النظر له على أنه واحد من أكبر الجيوش التي تمتلك قوة اقتصادية في العالم.
هذه ثلاثة جيوش في العالم العربي وآسيا ويمكننا استعراض عشرات الجيوش العالمية التي تستثمر فى كل شيء . بالمناسبة الجيش الأردني الآن يطعم أفراده ويغذي السوق الأردنية بمنتجات الحيوانية والخضروات من مزارعه فى السودان على بعد 200 كيلو من العاصمة الخرطوم ،
هل تعلم جماعة معليش أن هناك أجهزة أمن واستخبارات تستثمر الآن في محلات تجارية ومطاعم في شارع أفريقيا بالخرطوم.؟.( حين ننشر قصص المخابرات العالمية فى الخرطوم قريباً ستعرف حاجة.)
7
استثمارات الجيش العسكرية تجعله مكتفياً بذاته مستقلا بقراره، أما استثمارات الجيش المدنية فغالباً ما تتأسس لمصلحة المعاشيين لتوفر لهم شيئاً من الحياة الكريمة تلك الحياة التي بذلوها في سبيل تأمين وحماية الوطن وهم فى الخنادق والأحراش وفي سوح القتال لأكثر من نصف قرن بكل هذه التضحيات ألا يستحقون أن يضمنوا رعاية لأسرهم وهم بعيدون عنها أو هم شهداء؟.
8
إذا كان الأمر كذلك إذن لماذا تسعى جماعة معليش ليصبح جيشنا بلا استثمارات وبلا موارد.؟.لمصلحة من تنزع أسنانه وتسعى لتدجينه؟ يحدث ذلك فى الوقت الذى تحيط دائرة النار بالبلاد فالحروب والتنظيمات الإرهابية على مقربة وحدودنا متوترة شرقاً وشمالاً وجنوباً وغرباً والفتن الجهوية والقبلية متفجرة والسلام لم يتحقق بعد، فكيف تطالب جماعة معليش ومن معها من القوى الخارجية برفقة كورس من أرزقية التقارير الدولية الذين يصدرون كل شهر تقارير يطالبون فيها بتصفية شركات الأمن والجيش، والمؤسف أن وزارة المالية كلما سمعت جزعت وهرولت تردد ذات النغمة الخبيثة.
9
أفهم أن يطالب الجميع بخضوع تلك الشركات العسكرية والأمنية للمراجعة وأن يجرى تفعيل دور المراجع العام لتتأكد الدولة من شفافيتها وجدواها الاقتصادية ، وأتفهم دعوة تلك الشركات للاستثمار في مجالات مهمة لتضيف قيمة مضافة لمنتجاتنا تماماً كما تفعل شركة الإتجاهات التي تصدّر الآن اللحوم المذبوحة لأكثر من خمس دول. الآن شركات المنظومة العسكرية أعلنت أنها ستساهم بمليار دولار سنوياً في الميزانية العامة من خلال صادراتها علماً بأن صادرات السودان غير الذهب والبترول لاتتجاوز ثلاثة مليار دولار.!!.
10
الهرج الجاري فى موضوع استثمارات الجيش هو استحمار بهدف إضعاف الجيش و المنظومة الأمنية التي ما إن أُفقرت وتراخت قبضتها الأمنية تزعزع استقرار البلاد لنمضي سريعاً لمتاهة دول الجوار ليصلوا للهدف النهائي وليس هو تفكيك الجيش إنما تفكيك الوطن نفسه وذلك ما تعمل له دوائر كثيرة بمخطط معلوم وتستخدم المغفلين غير النافعين من جماعة معليش ماعندنا جيش.!!. الله غالب.
عادل الباز
الكاتب والصحفي عادل الباز تحية طيبة
انا احد الذين يقرءوا لك ومهتم بكتاباتك لكن فى اشاره الى كلمة ” معليش ما عندنا جيش” لقداخطات التصويب وذهبت الى ما هو ابعد فى تحليلك للعبارة فى غير مضمونها واخرجتها عن ايطارها ومناسبتها وواقعها وزمانها الذي اطلقت فيه العباره فكان من الاجدى لك ان تتناولها فى ايطار زمنها وربطها بحاضرها فحسب راي المتواضع اطلقت هذه العبارة عندما تفرج الجيش على مجزرة اعتصام القيادة العامة ودبر لها الكيد هنا اطلق المعتصمين العباره ان جيشهم من المفترض يحميهم وهو احد المؤسسات التي بنيت بعرقهم لكن حدث ما حدث على قول ذاك الذي تحدث وهنا كان حاضرها الذي اطلقت فيه وهذا لا يعني ان الشعب الذي ثاره بهذا الوعي والتنظيم واقتلع نظام فى عهده دمر كل شي ينظر الى مؤسسة الجيش من هذه الزاوية التى حللت فيها هذه العباره فخارج ايطار هذا النظره والتحليل الخاطي الذي كان فى غير حاضره اننا كشعب نعلم تماما ان الجيش السوداني جيش عريق وله تاريخ عظيم داخل القاره السمرا.
مهما حاولتم يا كيزان تاليب الجيش ضد قوى التغيير و الثورة، فإن محاولاتكم البائسة اليائسة لن تنجح ابدا.