مصطفى الآغا

قمة الهمم


[JUSTIFY]
قمة الهمم

تعبت من الكتابة عن الإمارات ودبي، ويبدو أنه لن يكون لتعبي معها نهاية.. وتعبت من الاندهاش في مدينة الدهشة، ففي كل يوم مفاجأة جديدة، وفي كل ساعة إنجاز يتجدد.

المشكلة أنني ابن بيئة الروتين والبيروقراطية والدوائر الحكومية والواسطة والمحسوبية، وحتى الرشوة بأشكالها المختلفة، وهي بيئة الكثير من دولنا العربية، مهما حاولوا تجميل الصورة والادعاء أنها «دول فاضلة»، وأستطيع الادعاء أيضا أنني زرت كل الدول العربية باستثناء الصومال، التي أتمنى زيارتها في ظروف أفضل، ولم أزر أيضا جزر القمر وجيبوتي، وأتمنى ألا تزيد الدول العربية أعدادا إضافية في ظل الربيع العربي.

وبما أنني بالأساس أنتمي لمهنة الصحافة المكتوبة، لهذا «أبحبش» دائما عن محاسن ومشاكل كل دولة أزورها، وأقارن بينها حتى لو اختلفت في نظمها السياسية، ولهذا فمن المدهش أن تكون الإمارات البالغة من العمر 43 عاما من أقل الدول العربية تعقيدا في الروتين الحكومي، لا بل من أولى الدول الآسيوية والعالمية التي دخلت عصر الحكومات الذكية، وصولا للمدن الذكية وانتهاء بأن يكون شعبها هو أسعد شعوب الأرض.

وربما أكون من المحظوظين الذين التقوا ببعض قادة الإمارات وعرفت عن قرب آليات تفكيرهم، ومنهم الشيخ محمد بن راشد الذي التقيته خلال 12 سنة أكثر من عشرين مرة، بعضها لفترات طويلة حاولت من خلالها فهم طريقة تفكير هذا الرجل الاستثنائي، الذي رفض يوم الأربعاء الماضي خلال استقباله لبعض الإعلاميين العرب المشاركين في القمة الحكومية.. أن ينسب لنفسه أي فضل في تطور بلاده ومدينته، وعزا الفضل لله ثم للقيادات التي يعتمد عليها، وللشعب الذي يتفاعل مع قيادته، وقال لنا إن وزيرة عربية خليجية سألته لماذا تبحث عن سعادة شعبك وليس عن رضاه، فأجابها بأن الرضا مثل «الزعل» يأتي ويذهب، بينما السعادة تدوم أكثر، ولهذا يبحث لشعبه عنها.

وخلال اللقاء طرحت عليه الزميلة بدرية البشير أمرا حول نيل رخصة القيادة للسيدات، فكان التوجيه المباشر والفوري لوزير شؤون مجلس الوزراء محمد القرقاوي الذي كان حاضرا بالتعامل مع الموضوع، وأعتقد أنه هنا يكمن سر الإمارات.. فهو لم يوجه بتشكيل لجان لدراسة الموضوع، ثم لجان لبحث تقارير اللجان التي بحثت في الموضوع، ثم لجان فرعية وأخرى عليا لبحث أهمية وجدوى الموضوع!

فالرجل صاحب قرار يستند إلى رؤية وبصيرة استثنائية، فما يستغرق في بلده سنة يستغرق لدى غيرها سنوات وربما عقودا، وما يتم تنفيذه بكل مهارة وإتقان عنده يتم تنفيذه بكل بطء وروتين، وبنتيجة «نص كم» في أماكن كثيرة.

من حضر القمة الحكومية التي كانت واحدة من بنات أفكار محمد بن راشد سيعرف أن رضا الناس غاية تدرك وتدرك وتدرك، وسيعرف كيف يفكر القائد الذي ختم القمة بكلمة ارتجالية لم يتوقعها أحد، قال فيها بالحرف: «إنها قمة الهمم.. قمة أصحاب الهمم.. أنا سعيد أن دولتنا لديها فريق عمل واحد، هو الأكبر والأفضل، طلابه رجال وموظفوه قادة.. وهدفنا في دولة الإمارات هو صناعة الأمل وصناعة الحياة وصناعة المستقبل وإسعاد الناس»..

فإلى متى ستبقون أبناء الدهشة يا أهل الإمارات؟.. إلى متى وإلى أين تريدون أن تصلوا؟
[/JUSTIFY] [email]Agha2022@hotmail.com[/email]