دراسة حديثة: ارتفاع ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يسبب الفيضانات
ربط علماء من الولايات المتحدة بين ارتفاع مستوى الكربون في الغلاف الجوي للأرض، وزيادة وتيرة الفيضانات في البلاد، لكن عامل التأثير الجديد الذي كشف عنه الباحثون غير متوقع، إذ أظهرت نتائج الدراسة التي أجروها أن النباتات أصبحت تمتص كمية أقل من الماء في الظروف الجديدة، مما زاد كمية المياه التي تصل إلى الأنهار والبحيرات مما يزيد من شدة الفيضانات.
يشهد العديد من مناطق العالم عددا متزايدا من الفيضانات الناتجة عن ارتفاع مستويات الأنهار، كان آخرها تلك التي وقعت مؤخرا في السودان وأدت إلى عشرات الوفيات وتشريد مئات الآلاف، بسبب فيضان النيل الأبيض الذي ارتفع مستواه إلى مستوى قياسي غير مسبوق في التاريخ الحديث.
وعادة ما تنسب زيادة تواتر الفيضانات إلى الاضطرابات التي تحدثها ظاهرة الاحترار العالمي على العوامل الرئيسية للمناخ كالحرارة والرطوبة، لكنه لم يسبق أن تناولت دراسة عامل تراجع قدرة النباتات على امتصاص الماء في ارتفاع مستوى الأنهار في العالم.
وفي الدراسة الجديدة المنشورة في عدد أكتوبر/ تشرين الثاني الجاري من مجلة الجمعية الجيولوجية الأمريكية (GSA Today)، قارن علماء جامعة أوريغون (University of Oregon) البيانات التاريخية لتركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو مع تلك المتعلقة بعينات من أوراق الأشجار، لتحديد العلاقة بين ارتفاع مستويات الكربون والفيضانات الكارثية المتزايدة في الغرب الأوسط الأمريكي.
وباستخدام بيانات تغطي أكثر من قرنين من الزمان، أظهر الباحثون أنه مع ارتفاع مستويات الكربون في الغلاف الجوي بسبب احتراق الوقود الأحفوري، انخفضت قدرة النباتات على امتصاص الماء.
وهذا يعني أن المزيد من الأمطار تشق طريقها إلى الأنهار والجداول، مما يزيد من قدرتها على إحداث أضرار في الفيضانات.
وقام الفريق لهذا الغرض بفحص مسام أوراق شجرة الجنكة (Ginkgo biloba)، وهي ثقوب صغيرة تستخدمها الأشجار ذات الأوراق المتساقطة (أو النفضية) لامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
وكان العلماء قد لاحظوا في السابق أن كثافة المسام في أوراق هذه النباتات تزيد في البيئات المنخفضة الكربون، حتى تتمكن من امتصاص ما يكفي من ثاني أكسيد الكربون لاستخدامه في عملية التمثيل الضوئي، ولكن في البيئات الغنية بالكربون تتطلب هذه العملية عددا أقل من الثغور.
تلعب هذه الثغور دورا مهما في تنظيم عملية امتصاص النباتات للماء وإطلاق بخار الماء (أو النتح)، فكلما قلّ عدد المسام انخفضت إمكانية النتح. ووجد الباحثون أن كثافة الثغور في عينات الأوراق التي قاموا بفحصها انخفضت بشكل إجمالي بحوالي 29% خلال الفترة من 1829 إلى 2015.
كما لاحظ الباحثون أن هذا الانخفاض أثّر بشكل مباشر على الفيضانات المدمرة التي تحدث بشكل متزايد في الولايات المتحدة، وأكدوا أن الرطوبة الناتجة عن انخفاض الامتصاص لدى النباتات تؤثر على مستوى الأنهار بسبب زيادة كميات المياه فيها، مما يعني أن القطيرات التي لم تعد تمتصها النباتات قد تتحول إلى فيضانات.
يأمل مؤلفو الدراسة الجديدة أن تساهم النتائج التي توصلوا إليها في إظهار الخطر الذي يشكله تغير المناخ والفيضانات المرتبطة به على المجتمعات الزراعية وحمايتها منه.
سبوتنيك