رأي ومقالات

مروة بابكر: جاتك كفاءات ياوطن !


في سبتمبر من العام الماضي 2019 .. وفي اول يوم عمل للحكومة الجديدة.. كتبتُ قصيدةً تقول اول أبياتها:
ومشينا اول خطوة
في الدرب الطويلْ ..
جاتك كفاءات ياوطن
تتصدَّر الحِملَ التقيلْ ..
جوك الولاد البشبهوكْ
حضَرَت حكومة حمَدوكْ
حضرَ البديلْ !
اليوم .. لا يكاد يخلو اي منشور اكتبه على وسائل التواصل من بعض التعليقات التي تذكرني بهذه القصيدة، والتي تحمل معها استنكارًا لتلك الأبيات وكثيرًا من التساؤلات على شاكلة: “ديل ياهم الكفاءاتْ؟”… كما طالبني البعض بـ”الاعتذار” عن تلك الأبيات.
رغم كل ما يحدث على الساحة الآن.. ورغمًا عن الأسلوب الحاد الذي يستخدمه البعض في التعبير عن رأيهم في وسائل التواصل، لكنني افهم موقف الكثيرين منهم ورغبتهم في تفريغ حالة اليأس والاحباط التي تعتريهم بطريقة ما. في نفس الوقت.. اتعجب من استنكارهم لأبيات كُتِبت في وقتٍ لم نكن نعلم فيه شيئًا عن قدرة أعضاء الحكومة الجديدة على معالجة الأزمات. جلُّ ما كنا نعرفه هي انها اول حكومة مدنية تحكم السودان بعد ثلاثين عامًا من الحكم العسكري، وان اعضائها كانوا ذو وطنية وموقف واضح ضد حكومة البشير، وانهم (باستثناء البعض) قد تحصلوا على العديد من الشهادات العليا واكتسبوا العديد من الخبرات في مجالات كالاقتصاد والتعليم والصحة والاعلام والتنمية وغيره. فكيف لا ندعم الحكومة في ذلك الوقت؟ كيف لا نتمنى لها التوفيق ونأمل فيها خيرًا ونفخر بأبناء الوطن وبهذا التغيير الكبير الذي انتجته الثورة؟. ان أهم مكتسبات الفن هو انه يوثق للحظات مهمة من عمر الثورات ومن احساس الشعوب، فلكل حادثٍ حديث، ولكل مقام مقال. كم قصيدةً كتبَ الشعراءُ في الحب والوطن ارتبطت بمكان، او زمان، او شخص معين .. وتغيرت الأحداث والأزمنة والشخوص بعدها.. فهل نعتذر عنها؟.
ان تعاطي البعض مع قصيدة معينة هو أمر ثانوي، وما يدفعني لكتابة هذا المقال اليوم ليست ابيات “جاتك كفاءات ياوطن”، بل هي تلك الظاهرة التي تحدث بصورة مكثفة في هذه الأيام، وهي ظاهرة الهجوم على كل ما له علاقة بالثورة، وارتفاع الأصوات التي تندد بمبدأ الثورة نفسه وتصوِّر ان ما يحدث الآن من انهيار اقتصادي وضنك في المعيشة هو نتاج مباشر لمطالبتنا بالتغيير او لتفويضنا لقوى الحرية والتغيير كحاضنة سياسية لثورتنا الشعبية.
اذا رجعنا للوراء ونظرنا الى ايام الاعتصام امام القيادة العامة والمفاوضات لتسليم السلطة قبل وبعد مجزرة القيادة، سنجد ان القوى في ذلك الوقت كانت تتمركز في طرفين لا ثالث لهما: الأول هو المجلس العسكري الانقلابي المكون من الصف الثاني من سدنة النظام البائد والمتحالف مع مليشيا الدعم السريع، والثاني هو الأحزاب السياسية السودانية والحركات المسلحة وقوى المجتمع المدني المتمثلة في قوى الحرية والتغيير. في تلك اللحظات من عمر الثورة.. اذا لم تكن داعمًا لقوى الحرية والتغيير فهذا يعني انك اما داعم للمجلس العسكري، او انك واقف على الحياد (وهو الأسوأ). فكيف يتفاخر البعض اليوم بأنهم “لم يدعموا قوى الحرية والتغيير ابدًا” ولم يفوضوهم لاستلام السلطة؟.
ان الوقوف الكامل مع قوى الحرية والتغيير في تلك الفترة كان امرًا منطقيًا جدًا، والاختلافات التي ظهرت بعد توقيع اتفاق استلام السلطة في اغسطس من العام الماضي هي اختلافات متوقعة نظرًا للتباين الجوهري في ديدن تلك القوى والأحزاب واختلاف ايدلوجياتهم. لكن الى هذه اللحظة، لم تنضج بعد احزاب جديدة ومؤسسات شبابية ثورية قادرة على الحصول على تفويض شعبي كاسح. فماذا نحن فاعلون؟ هل ندعم قوى الحرية والتغيير دعمًا شاملًا في كل ما يقومون به؟ أم نطالب بتنحيهم وتسليم السلطة الى جسم جديد؟ في رأيي الشخصي.. لا هذا ولا ذاك.
يقول الواقع بأن قوى الحرية والتغيير (والتي تتضمن الحركات المسلحة) سوف تبقى لتقود الجانب السياسي من المرحلة الانتقالية، لكن هذا لايعني وجوب القبول بكل ماتقوم به، بل بالعكس. ان تقويم ونقد وتصحيح هذا الجسم التحالفي هو واجب وطني على كل سوداني يخاف على بلده وعلى ثورته ويريد نجاحها. ويجب ان يمتد هذا النقد ليشمل الجهاز التنفيذي كاملًا من وزراء، ووكلاء وزارة، و ولاة، ومدراء، وكل من تقلد منصبًا حكوميًا في هذه الفترة العصيبة. لا ضرار في التعبير عن الرأي بكل وسائل التعبير المشروعة، بل هو امر ضروري نظرًا لضعف الأداء الذي نشهده من الحكومة والانقسامات الحزبية التي تسيطر على قوى الحرية والتغيير. لكن ما يجب ان نحتاط له، هو الانجراف بعواطفنا والسماح لضعاف النفوس وبقايا الكيزان باستغلال الاحباط العام في الشارع لتمرير رسائلهم واجنداتهم.
ان ثورتنا (والكمال لله) كانت كاملة لا نقص فيها ولا عيب. الا اننا مازلنا نصارع حاضرًا صعيبًا ونواجه تحديات جسيمة تمنعنا من بلورة مكتسبات الثورة وتحويلها الى واقع ملموس يعيشه الفقير قبل الغني. لكن رغمًا عن هذا.. لا تزال فرصة التعديل والتقويم والتصحيح قائمة، فكما تقول آخر أبيات قصيدة “جاتك كفاءات ياوطن”:
يبقى الوقِـت بقى للعملْ
ما وقتِ تجريح وهـدِمْ …
فاذا نجَـح.. نجح الجميع
واذا فشَـل.. فشل الجميع
وبلدنا هي الراح تِـنهزمْ !

مروة بابكر
صحيفة الديمقراطي
الاربعاء ٢٨/١٠/٢٠٢٠


‫6 تعليقات

  1. جاتك خيبات يا وطن
    قال اصلاح ما يمكن اصلاحه.. عشم ابليس في
    الجنة..

    تقيم قحت خلال فترة سنة .من الاداء السئ صفر كبير سوف تشمل من نطط وتشدق مثل مروة وجدادها وساستها وجميع المخمومين.

    يجب عل القحاتة الاعتذاز للشعب والتعهد بترك الامور الصبيانية وعدم المسئولية بعد محاكمات عادلة لهم.

  2. جاتك كفاوي يا وطن..
    شالوك بغاث الطير
    وشذاذ الآفاق
    وباعوك بالرخيص
    وباعونا بالخسيس
    جوعونا
    أفقرونا
    إنتقموا من شعبنا
    يضربونا يبكوا ويسبقونا يشكوا
    يحكموا ويعارضوا نفسهم ويدعوا للتظاهر ويكتلوا المتظاهرين ويمشوا في جنازتهم ويقفلوا الكباري في وشنا
    عشان كتلوا نفسهم..
    لكل ظالم محتال غشاش مخادع نهاية وشيكة..
    الإنقاذ طلعت أشرف وأحسن منكم مليون مرة وتستاهل التكريم يا قحت وتجم ول م.
    وانتي الله ينتقم منك ومن أمثالك شر انتقام يا رب..أيوه في رب غيور على عباده المساكين اللي الليلة ما قادرين ياكلوا وانتي بتصرفي بالدولار من مكتب حمدوك ومن أمريكتك القاعدة فيها يا …….

  3. الصحيح
    جاتك كفوات ياوطن …………………..
    آال كفاءات آآآآآآآآااااااال…………….
    جاتكم نيله ……………………

  4. كانت قصص وونسة ايام الاعتصام والان انفض السامر وشربنا مقلب كبير ياحليلك ياعمر البشير ايامك كانت نضرة وخيرنا وافر رغم انف القحاتة الفاشلين والعساكر العملاء واحزاب الفكة

  5. أكبر كفوة إنتي والله …بتخجلي من أصلك بدليل محاولتك التشبه بالخواجات المستعبدنك …