الإزالة من قائمة الإرهاب ..الحكومة أمام امتحان السقوط أو النجاح
إعلان الخارجية الأمريكية الغاء تصنيف السودان كدولة راعية للارهاب يمثل بداية لتحولات عميقة وكبيرة، وهو قرار انتظره الشعب السوداني طوال ما يقارب ال27عاما تأثر به كشعب اكثر مما تأثر به رموز وقيادة النظام السابق، انهك البلاد واقعد بها الى أن وصلت حد الانهيار، هذا القرار له العديد من الأبعاد والجوانب لأنه من شاكلة القرارات (الاخطبوطية) التي تلامس اكثر من صعيد واكثر من جانب ومجال، الا أن الأهم الآن أنه انفتح الطريق أمام البلاد للانطلاق وانتهت شماعة الحصار، واصبحنا أمام لحظة الحقيقة العارية امام النفس، وكما قال رئيس مجلس الوزراء الانتقالي الدكتور عبد الله حمدوك في مؤتمره الصحفي أن الاصل في كل ذلك ينبني على الذات وعلى الداخل مهما ساعدنا المجتمع الدولي، ولاشك أن ذلك يفتح الباب واسعا لجرد الحساب، والسؤال ما الذي يمكننا كسودانيين الاستفادة من القرار وعدم تضييع الفرصة.
اهم ما تحتاجه البلاد هو الإنعاش الاقتصادي والانعاش السريع جدا، بما يجعلنا نتساءل ما الذي هيأته الحكومة من قوانين ولوائح لمساعدة المستثمر الذي يسهم في هذا الانعاش الاقتصادي الضروري لاخراج البلاد من ازمتها وضائقتها المعيشية والاقتصادية؟ هل هيأت الحكومة “التنفيذية” مسرح البلاد لهذا القرار؟ نسمع بمعاناة المستثمرين ونسمع ايضا بوعود الحكومة والوزارات المعنية بتوحيد النافذة لخدمة المستثمرين، ولم نر شيئا من ذلك يحدث، قوانين النقد الاجنبي والتعامل المصرفي وحتى رسوم الخدمات والعلاقات البينية ما بين المركز والولايات وما بين المصالح المختلفة بين الوزارات جملة من القوانين والتغييرات العميقة التي كان يجب القيام بها لضرورتها اللازمة لجذب الاستثمارات الا انها لم تعدها او تشرع في تجهيزها وما تزال الساحة محتاجة لتجريف كامل للبناء عليها.
عام ونصف يمضي من عمر الحكومة الانتقالية لم تنجز فيه سوى اولوية واحدة من اولويات الثورة وهو السلام، واذا ظلت الحكومة بهذا البطء لن نستطيع الاستفادة من رفع اسمنا من قائمة الدول الراعية للارهاب، يجب على الحكومة تغيير حتى اولويات المرحلة الانتقالية، وجملة كبيرة جدا من القوانين المختلفة لا في مجال الاقتصاد وحسب وانما في عدة مجالات للتناغم والانسجام لان العالم الحديث متشابك وكل شيء فيه يمسك بتلابيب بعضه، وهو عمل يحتاج لاستشراف رؤية تنبؤية لمآلات المستقبل للشكل الاقتصادي الذي ينبغي أن تكون عليه البلاد، وذلك لن يتحقق ما لم تغير حكومة حمدوك من (الرتم) الذي تسير عليه، ومن الاولويات التي حددتها الوثيقة الدستورية نفسها بالتشاور مع الشركاء وتقديم الاهم على المهم والتركيز على الاهم منها كما أشار لذلك “حمدوك”، ويبدو اننا مقبلون على تغييرات كبيرة وتوقعات اكبر يحملها الشعب بعد ازالة السودان من هذه القائمة اللعينة، وحكومة حمدوك مواجهة بالتحدي الاكبر ايضا، فهل تغتنم هذه الفرصة في إحداث التغيير المنشود وتطوير البلاد، ام تمضي في نفس طريقها السابق ضعيف الاداء وتضيع الفرصة التي سوف لن تتكرر مرة اخرى؟.
صحيفة السوداني