الأخبار

سد النهضة.. سناريوهات محتملة موجهة لموقف السودان التفاوضي

أكد خبراء سدود سودانيون أن موقف السودان حيال سد النهضة يتمحور حول مفاهيم واضحة وصريحة تقوم على الوصول إلى اتفاق ملزم يتضمن آلية تنسيق محكمة تضمن تعظيم الفوائد من السد التي لخصوها في 5 جوانب ومنع أي أضرار قد تلحق بالسودان جراء تشغيل السد الإثيوبي أو ملء بحيرته، لكنهم ربطوا كل ذلك بالمحصلة النهائية للمفاوضات التي تحيط بها 6 سيناريوهات متداخلة محتملة.

وأشار الخبراء السودانيون إلى أن مطلب الخرطوم باعطاء دور أكبر لخبراء الاتحاد الإفريقي يستند إلى منطق عدم السماح بإطالة أمد التفاوض ومنح الفرصة للجنة لتقريب وجهات النظر بين السودان وإثيوبيا ومصر في ظل التباين الواضح في بعض الجوانب المهمة.

وقال خبير واستشاري السدود أبوبكر محمد مصطفى إن السودان كان فاعلا في رسم خطوط اتفاق المبادئ الموقع بين الأطراف الثلاثة في العام 2015، معتبرا أن بنود اتفاق المبادئ يمكن أن تشكل أساسا قويا لتسهيل عملية التفاوض إذا ما توافرت الإرادة اللازمة للالتزام بها.

وأشار مصطفى إلى أن السودان ينظر إلى الأمر من خلال التوصل إلى اتفاق يقلل المخاطر المتعلقة بالجوانب البيئية، أو تلك التي تتصل بسلامة سد الروصيرص الذي يبعد نحو 100 كيلومترا من السد الأثيوبي، إضافة إلى تعظيم الفوائد المنتظرة والتي تشمل تنظيم جريان مياه النيل الأزرق وبالتالي تقليل مخاطر الفيضانات السنوية التي يعاني منها السودان، وتحقيق الاستفادة القصوى من المياه في الإنتاج الزراعي بما يصب في مصلحة تعزيز الأمن الغذائي للسودان وأثيوبيا التي تعاني من نقص كبير في الأراضي الزراعية نسبة لطبيعتها الجغرافية، إضافة إلى العالم العربي الذي يعاني من فجوة غذائية تقدر بنحو 135 مليار دولار.

ومن الفوائد المنتظرة للسد أيضا بحسب الخبير السوداني تقليل مخاطر الهجرة الغير شرعية التي تعاني منها أوروبا وذلك من خلال الاستفادة من السد في خلق مشروعات عملاقة في مجال الطاقة والزراعة والصناعة والثروة الحيوانية توفر فرص عمل لأكبر عدد من سكان المنطقة الذين يشكلون نسبة كبيرة من الباحثين عن الهجرة غير الشرعية.

ويشير مصطفى إلى أن سد النهضة يمكن أن يسهم بشكل كبير في حل أزمة الطاقة الكهربائية التي تعاني منها الكثير من دول شرق وشمال إفريقيا.

الطريق الأفضل

ومن جانبه، يرى خبير السدود صادق شرفي، أنه وفي ظل التعقيدات الحالية يبقى الطريق الأفضل للسودان هو العمل على الحفاظ على مصالحه المائية والضغط أكثر في اتجاه التمسك بضرورة التوصل لآلية تنسيق محكمة تضمن عدم حدوث أي أضرار لسدوده الواقعة على النيل الأزرق في حال الملء والتشغيل الأحادي لسد النهضة.

ويشدد شرفي على ضرورة النظر إلى الأمر من زواياه الفنية والسياسية والجغرافية، مشيرا إلى المتغيرات الداخلية الحالية في أثيوبيا، إضافة إلى الحاجة لتبادل المنافع بين الجانبين السوداني والأثيوبي. وينبه شرفي في هذا السياق إلى أن الوضع التفاوضي للسودان يختلف كثيرا عن الوضع المصري حيث أن السودان معني أكثر بالجوانب المتعلقة بسلامة سدوده وبيئته في حين أن مصر تسعى في المقام الأول لتأمين حصتها المائية

ويرى مصطفى ضرورة الأخذ في الاعتبار السياقات التاريخية والسياسية المصاحبة لسد النهضة منذ بدء إثيوبيا وضعه في حيز التنفيذ بعد وصول رئيس الوزراء الأسبق مليس زيناوي للسلطة في العام 2002، حيث أن المشروع بات يشكل بالنسبة لأثيوبيا مشروعا سياديا وعنصرا من عناصر التنمية والدخول بقوة إلى أسواق الطاقة الإقليمية.

ويقول مصطفى إن المشروع يأتي ضمن خطة تعود لمنتصف القرن الماضي تم وضعها بمساعدة الهيئة الأميركية لاستصلاح الأراضي وتشمل إنشاء عدد من السدود الصغيرة والكبيرة داخل الأراضي الإثيوبية.

ووفقا لمصطفى، فإن السودان لم يظهر اعتراضا مبدئيا على المشروع منذ بدايته وركز على الوصول إلى اتفاق ملزم لتفادي أي مخاطر قد تترتب عليه، في حين دخلت مصر في التفاوض في العام 2011 بعد نجاح حملة الدعم الشعبي الإثيوبية الكبيرة لتمويل المشروع ودخول شركات كبرى مثل شركة ساليني الإيطالية التي تعتبر أكبر الشركات العالمية المنفذة لإنشاءات السدود والتي تمتلك خبرة تفوق ال 140 عاما.

إضافة إلى ضخ العديد من الشركات الصينية والعالمية تمويلات معتبرة في المشروع الذي تقدر تكلفته بنحو 5 مليارات دولار ويتوقع له أن يكون أحد عمالقة الطاقة في العالم بطاقة إنتاجية تبلغ 6 آلاف ميغاوط سنويا، وياتي ضمن خطة إثيوبية طموحة تهدف لتصدير 45 ألف ميغاواط من الكهرباء سنويا.

سكاي نيوز