الملهاة: الوطن في خطر وجودي
(١) الدولار يلامس ٤٠٠ جنيه، وكل العملات الأجنبية في تصاعد مستمر، ومعه تشتد الضائقة المعيشية، والحكومة عاجزة عن توفير عن الحد الأدنى من الحياة، وغياب الأفق السياسي مع خلافات القوى السياسية والأحزاب المتصارعة والمصالح الشخصية والحظوة الذاتية.. هذا واقع الحال.
وفي دهاليز الحكومة، أمر آخر، أول النهار شكوى من مجلس السيادة الإنتقالي ضد عضو في لجنة هو من أصدر قرار تشكيلها، ويملك حق التبديل والتغيير، و تتعالى الأصوات بالهتاف والصراخ..
و إتهامات للنائب العام وهو ذاته من يوفر الغطاء القانوني والمظلة لذات اللجنة وهي تعتقل وتصادر وتطرد العاملين عن وظائفهم.. ولا تكتمل الصور إلا بوجود وزير رئاسة مجلس الوزراء في خلفية المشهد السياسي.. إنها الملهاة وأبلغ تعبير عن حالة العبثية في بلادنا.
(٢)
من حق أي جهة مقاضاة أخرى، ومن حق الآخرين معاملتهم وفق مقتضيات القانون وقيم العدالة، ومن سمة دول المؤسسات الإحتكام للقانون، مع ملاحظة نقاط مهمة:
– إن القانون قد يكون في صالحك وقد يكون في صالح خصمك، والقبول بالفيصل النهائي هو إحترام القضاء..
– المساواة أمام القانون، والمادة التي خرج بها أحدهم بضمانة يقبع آخر بسببها في الحبس المتطاول، ويحرم من الوصول للطبيب.
– إستقلال المؤسسات العدلية عن التأثير السياسي، ولعل التهديدات العلنية ضد النائب العام والأجهزة الأمنية يعتبر مؤشرا خطيرا وتدخلا سافرا في سير العدالة، ناهيك عن حضور وزير لجلسة تحقيق..
إن حادثة د. صلاح مناع والشكوى ضده تؤكد عمق مأساة العدالة في بلادنا وإختلال الموازيين، و السجون مليئة بالمعتقلين السياسيين دون إتهام أو محاكمة، من خلال بلاغات كيدية وقرارات تعسفية..
(٣)
وجه آخر عبثي في هذا المسرح، هو علاقة مؤسسات الحكم وتناسق مهامها، وتنافر أطراف الحكم وتباعد مواقفها وهشاشة تحالفاتها، كل ذلك في ظل تحديات كبيرة تتطلب توافق المنظومة الحاكمة..
إن تحدي السلام يتطلب وحدة شركاء السلطة، وتحدي الإنتقال يتطلب وحدة البرنامج وصولا للإنتخابات َتسليم السلطة للشعب..
ولكن التحدي الأكبر هو سيادة البلاد، في توجهاتها وفي بقائها مع اطماع إقليمية ودولية لرهن الإرادة وإغتصاب الأرض، وفي ظل هذه التجاذبات تتخفي أجندة خبيثة، ليس اولها المؤتمر المشبوه، بل ااخطر وجود الدولة السودانية بحدودها مع نذر حرب تحشد لها دول جوار وشواهد تفتت إجتماعي، بعد إنفراط عقد الدولة وتفكك النسيج الإجتماعي .
هل عرفتم الآن.. لماذا هذا الصياح والصراخ في قضية إنصرافية؟
د. إبراهيم الصديق على
لك التحية على هذا المقال الرائع الذى يوصف حالة بلدنا الحالية وغياب الاحتكام للقانون والتقيبد بأحكامه . الذى نراه الان يقود البلاد للتشرزم والتفكك . وقد بدء المواطنين يشعرون بعدم سيادة القانون ويلجأون للاحتماء بالقبيلة . فهذه بداية النهاية المأساوية لوطننا