رأي ومقالات

مكي المغربي: حديث ياسر عرمان

قبل مناقشة حديث ياسر عرمان والمنافسة في التكهن بمصير الإسلاميين التي تدور هذه الأيام بذات الطريقة أيام حرب النكسة التي تناقش فيها العرب .. بعد أن ننتصر على اليهود .. هل نسمح لهم بالحياة أم نرميهم في البحر .. تحضرني هنا طرفة في الجدل الشعبي الذي اندلع الآن في مرحلة الإحباط المتفاقم .. في جلسة عزاء في الكلاكلة ثار نقاش بين حكومي وإسلامي .. أو كوز وقحاتي كما يقال .. ومواطن من “بلدياتنا” يراقب.
الحكومي: “انتو سقطتو وذهبتوا إلى مزبلة التاريخ”
تدخل المواطن .. طيب .. انتو بتوع النهاردة جيتينوا من أنهي مزبلة ولا خرابة عشان تعملوا فينا كدا ياخ؟ شيوعي دا مش راح في المزبلة في روسيا؟! بعثي دا مش انتهى مع صدام والأمريكان احتلوا العراق، احنا الظاهر البحكمونا في السودان هم أصلا بجونا من الزبالة .. مش بروحوا ليها!
للأمانة.. حديث ياسر عرمان حول التيار الإسلامي ليس تكتيكيا .. هذه قناعة رددها كثيرا وكان يبتدر فيها النقاش في جلسات جانبية عديدة، ولنا في ذلك ذكريات.
مقارنة بحديث الشفيع الخضر عن التسوية التاريخية، ياسر عرمان أصدق ولذلك ثبت على تأكيد موقفه على مدى زمني أطول .. الشفيع انتقائي في دعوته، وموسمي في طرحها، وهو اصلا يعمل ضمن تكتيكات لها “ارتباطات أخرى” هي التي أدخلت الانتقالية في هذا المأزق مبكرا .. وحجبت رئيس الوزراء عن معسكر التقدميين والحداثيين نفسه .. ناهيك عن الإسلاميين أو الشعب السوداني .. ثم تنصل الشفيع عن الورطة التي أدخل فيها حمدوك وغادر ليصوب سهام النقد عليه!
لو كان عندي انتقاد لدعاة التصالح مع الوجود الطبيعي والسياسي الإسلاميين من المعسكر العلماني أنهم حتى يتفادوا النقد يلجئون للتعويض بانتقادات وعنف لفظي في توصيف الإسلاميين بعد فترة وجيزة من دعوات التصالح حتى يتوازنوا مع المعسكر الآخر ويتجنبوا “المتشنجين ضد الاسلاميين” الذين سيتهمونهم .. أيضا لجأ ياسر إلى تضمين عبارات على شاكلة “جثة الوطني” لتخفيف النقد عليه .. وهو أمر لا فائدة منه ولا معنى له، لانه اصلا لا توجد جثة .. توجد “أشلاء مبعثرة” .. لجسد غير حي أو متخشب .. كان جسدا صناعيا واستنفد اغراضه واتفق البشير على ركله في آخر أيام وفعل ذلك وهم مذعنين، ثم تراجع من “صفقة فبراير” التي رعاها “الاشقاء العرب” عبر قوش ولذلك دفع الثمن في أبريل باتفاق اللجنة الأمنية بما فيها قوش وآخرين اختلف الناس حول درجة تواصلهم .. مع التأكيد بوجود “لغاويس” .. الوطني لو كان اصلا لديه قيمة للحركة الإسلامية لما احتفظت بكيانها الخاص من الأساس، ولما كانت عضويته الإسلامية تعتز بانتماءها الفكري وتختلف تماما حول جدوى ممارستها السياسية بما في ذلك صنائع حزبها.
قبل تسع سنوات .. في العام ٢٠١٢ كتبنا سلسلة “هل المؤتمر الوطني حزب فاشل؟!” – المقال متوفر – وكان معظم من أعجبهم مقالنا هم الإسلاميين أنفسهم وليس العلمانيين.
مهما يكن، فقد كان ياسر – كالعادة – أشجع من غيره وتقدم خطوة في زمن صعب للغاية.
اكرر شهادتي .. حديث ياسر ليس تقسيم أدوار بين الحكومة وقحت والشركاء و”الارتباطات” ولا يحزنون .. كما توهم بعض الإسلاميين .. أصلا النظام الموجود حاليا لم تعد لديه خطة مركزية ولا تنسيق محكم في التعامل مع ذاته ناهيك في تقسيم أدوار ذكي .. باختصار ما عندو “التكتح”!
ايضا .. لا بد من التأكيد أنه الان ممكن ان تدار مبادرات تصالح وإصلاح .. لكن اذا استمر الوضع بحالته أو أسوأ ستعلوا نبرة التغيير الكاسح شعبيا مرة أخرى وتتجاوز كل المعسكرات إلى واقع غير معروف العواقب.
أما اذا تكشفت بعض “المحجوبات” عن الذمم والسير الشخصية والجماعية و”كواليس التغيير وأطرافه المتعددة” في سياق تدهور شامل فإن التيار الإسلامي الوطني العريض الأوسع والأقوى من “المدارس الإخوانية” يمكن أن يمارس حق النقض “الفيتو” على أي تفاهم مع المجموعة الحاكمة باعتبارها حقبة غير وطنية وعندها لن يغامر من الإسلاميين بالتفاهم إلا السلطويين منهم أو الذين هم أقرب إلى وصف “الجثة” الذي أطلقه ياسر عرمان نفسه .. وتلوذ أغلبية الإسلاميين بالقواعد العريضة التي تستعوض الله في “الانتقامية” لتطوي صفحتها بدون تمييز بين عقلاء أوعملاء.

مكي المغربي

‫4 تعليقات

  1. كلام مظبوط جدا وده الحيحصل وعرمان مرتب حالو برة ومرتب للبلد حبة فوضى لأنو خاين مشهور وعاقل مؤقت.

  2. بدل هذه اللجاجة .. و هذه النغمة التي أصبحتم ترددونها مؤخراً فيما تسمونه بالتيار الاسلامي الوطني العريض محاولين التنصل من تبعيتكم لما يُعرف بجماعة الاخوان المسلمين .. عليكم الإعتراف أولاً بصورة جلية واضحة أمام الشعب السوداني بأن استيلائكم علي السلطة بالانقلاب العسكري كان أمراً خاطئاً ما كنتم تريدون به شيئاً غير الهيمنة على السلطة .. وإنكم طوال فترة حكمكم كان مبلغ غايتكم هو التمكين لأنفسكم من السلطة والمال وليس العمل على النهوض بالسودان إقتصادياً والارتقاء بحياة الشعب السوداني قاطبة في كل أوجهها .. وإن زعمكم بإحياء الدين في السودان وتطبيق شرع الله فيه كان زعماً كاذباَ ومجرد خطاب ديني مضلل تخدعون به الناس .
    …..

    * وعلى الصحفي الاسلاموي كاتب المقال والذي ينفي عضويته في حزب المؤتمر الوطني المحلول .. الإعتراف بأن تبعيته لنظام الكيزان البأئد وتجنيد نفسه للدفاع الدائم عنه والعمل المتواصل على تحسين صورته .. هو الأمر الذي تمت مكافأته عليه بتعيينه ملحقاً إعلامياً بسفارة السودان بواشنطن في أواخر أيام نظام الكيزان .

    1. و انتو يا موهومين لمن عملتوا انقلاب عبود الغنى ليهو وردي الشيوعي و لمن عملتوا انقلاب مايو 1969 حق الشيوعيين و من شابههم عمرتوا البلد و لا بقيتوها دولة عظمى؟
      و الله غير بقيتوها حديقة خلفية لمصر ما شفنا ليكم حاجة
      انتو انقلابتكم الدمرت السودان بتفتخروا بيها و عايزين الاسلاميين يعتذروا عن انقلابهم العمر السودان؟
      وجب عرضكم على طبيب نفس و أمراض عقلية و نخاف على الطبيب من الجنون

  3. في البدء يظل الإسلام دين ودنيا فهذه الثنائية الرائعة تحتاج إلى الإلهام الخارق لكيفية تعايش مع مجمل متغيرات العصر، فبعد وفاة الترابي والصادق جفت ينابيع محاولات تجديد الفقه في مختلف ضروب الحياة، مع العلم بأن الجماعات الإسلامية التي تتقافذ في الساحة الأن لا يلوح فيهم من له القدرة في التعاطي مع قضايا العصر والإسلام لديهم مجرد شعار، فالإسلام موجود وسيظل ولكن المعضلة هم أنصار التيارات الاسلامية.