رأي ومقالات

الشلاقي والشلاعي


لو كانت الإنقاذ نظاما مؤسسيا لما سقطت بسقوط راس النظام كالافعي التي قطع راسها ولما اختلفت الروايات حول لحظاتها الأخيرة وفق الروايات الاربعة الاشهر وليس الاقوم رواية البرهان في رمضان وحميدتي في شوال وياسر العطا في صفر وعبدالرحيم دقلو في ذات العماد التي لم يسمع مثلها في البلاد.
لو كانت الإنقاذ تنظيما متماسكا أمرا وحاكما لما فعل بها قلة من الاولين صلاح قوش وجلال الشيخ الافاعيل وقادوا خصومها الي كراسي السلطة نكاية في الحزب والحسبة من بعد ما عرفوا من وهن ومواطن الضعف وهم يكتبون خطابات البشير ويرسمون تحركاته الأخيرة مرة مع الحزب وتارة علي مسافة واحدة مع كل الاحزاب حتي اتاها امر الله نزعا من بعد رفض التداول.
الحقيقة التي عليها شبه إجماع وخاصة من أبنائها الخلص في الحركة الإسلامية وفصيلها المتقدم من المجاهدين والمرابطين فضلا علي قطاع واسع من اهل السودان ان الإنقاذ في سنواتها الأخيرة كانت مسخا مشوها جمعت كل الكبائر فيها ظلم وفساد وأفراد بالرائ والقرار جهوية وعنصرية محاصصة ومزاجية وغياب للمحاسبة والجماعية ومجمل القول ان الإنقاذ قد استوفت كل موجبات السقوط والرشد السياسي فسقطت من الداخل بفعل بنيها قبل اعداءها ولا أريد الخوض في كيفية نقض الغزل والعهد واللحد حتي لا تتباكوا علي لجنة التمكين كل اجهزة النصرة والمدافعة تم حلها وسحب مواردها ورواحلها وسهامها وعندما احتاجها الذين فككوها لم يجدوها ولذلك هم في سجن كوبر كنتيجة طبيعية لسلوكهم السابق واللاحق وبما كسبت ايديهم ويعفو عن كثير.
لو كان هنالك من خير بقي فهو الفكرة والبذرة فتخيروا لها النطفة والأرض البكرة واولاها بدءا أبعاد عناصر الازمة من أن يكونوا جزءا من حلها والا تكن فتنة وفساد اخر كبير ومساومة في المصالح التاريخية الخاصة المكتسبة علي حساب المبادئ والاوبئة الي جادة الطريق حيث موضع ما صلح به اولها.
الساتر الثاني
ولكن من مفارقات الرشد والبصيرة ان تاخذ قوي الحرية والتغيير كل القمامة التي في أيام الإنقاذ الأخيرة لتبني بها صرحا لعلها تطلع علي اسباب العلو والرفعة والرفاه فهذا ما لم يكن يتوقعه احد من ذوي الألباب وغاب عنهم ان الثورة علي الإنقاذ كانت من أجل أن الشعب ينشد الكمال وليس ان تسوء الأحوال لهذه الدرجة من الانحطاط والاسفاف والتردي الذي تنوء به الجبال ناهيك عن المواطن البسيط المغلوب علي امره.
إن كانت الإنقاذ متفقة في البدايات الا ان قحت جاءت مختلفة منذ عامها الأول علي الكراسي والدرهم والدينار ولئن فسدت الإنقاذ في أيامها الأخيرة فإن فساد الانتقالية بدا منذ الوهلة الاولي حيث الوثيقة الدستورية المعطوبة وما بني عليها كالبنيان الذي يقوم علي اعوجاج.
الإنقاذ عادت الخارج وركزت علي الداخل وقحت ارتمت في أحضان الخارج واهملت الداخل الا من بعض الثمرات ولن يقمن صلبها والحكمة التي ضاعت علي الاثنين هي موازنة الداخل والخارج.
وبمثلما أنكرت الإنقاذ خلافاتها الداخلية وتوزع مراكز قواها المركزية حتي المفاصلة كذلك الانتقالية الان تواري سوءاتها و ليس من شجر الجنة ولكن الفرق ان خلافات قحت في البدايات والانقاذ عند النهايات مع التساوي في مدي الخلاف ومساحته لتشمل السياسي والاقتصاد والامني العسكري والانتخابات القادمة.
الثابت في المشهد السياسي السوداني مثلما ذهبت الإنقاذ بخلع رئيسها البشير فسوف تذهب قحت بغياب او تغييب مخلصها وسامرها وساحرها خبوب الوادي د حمدوك وسوف تذهب وتتلاشي قوات الدعم السريع بموت او فوت قائدها حميدتي. وقد يتواري عن المشهد السياسي البرهان في حالة ان تم توافر رغبة لاجراء انتخابات تعيد ترتيب الأوزان وترسم المشهد السياسي القادم وهندسة الوضع القائم حسب الفرز والفصل بين المدني والسياسي والعسكري والعودة الي السكنات والهجرة العكسية لطائر البطريق وانتفاض طائر الفينيق من تحت الانقاض والرماد .
ملخص القول ان الكل سوف يذهب كما ذهب الذين من قبلهم ويبقي الشعب السوداني ويبقي الاختلاف في الزمان والكيفية التي سيتم بها ذلك.
الساتر الثالث
نبشركم بأن حزب الأمة ال المهدي والاتحادي ال الميرغني بمثل ما انهم كانوا مع الإنقاذ مشاركة ورفاهية والان مع التغيير والثورة يقتسمون السلطة والكيكة ستشاهدونهم في التغيير القادم سواء ان كان مدني او شرعي او جنائي او أحوال شخصية وشئون الاسرة وما يستجد من تغييرات على مر العصور لا فرق سواء ان كانت الدنيا مهدية او التطبيع مع إسرائيل.
ساتر اخير
لو بقيتم علي هذه الحالة لصافحكم الفشل في اسرتكم والطرقات كما النفايات والغمامة في شوارع الخرطوم وصيفها الحار.

د الرشيد محمد ابراهيم
الخرطوم ٧/ يونيو ٢٠٢١م


تعليق واحد