جرائم وحوادث

شاهد اتهام يكشف عن مخالفات صاحبت عقد فض الشراكة بين حكومة جنوب دارفور والشركة

أزاح مدير عام وزارة التخطيط العمراني بولاية جنوب دارفور الاسبق للمحكمة الستار عن تفاصيل مثيرة في محاكمة والي ولاية جنوب دارفور الأسبق آدم الفكي، وذلك في القضية المتهم فيها وآخر بالتصرف في أرض وممتلكات مخصصة لإنشاء مركز المال والأعمال بنيالا.

الجدير بالذكر أن (المتهم الاول آدم الفكى والمتهمة الثانية شركة مان الوطنية) يواجهان تهماً متفاوتة على ذمة القضية بصورة مخالفة للقانون ودون مراعاته.

وأفاد شاهد الاتهام الرابع والأخير مدير عام وزارة التخطيط العمرانى بولاية جنوب دارفور منصور عبد الله بأن مشروع بناء دارفور موضوع الدعوى الجنائية كان عبارة عن شراكة بين حكومة ولاية جنوب دارفور نيالا والمتهمة الثانية شركة مان الوطنين وذلك لبناء (10) أبراج سكنية بموقع تبلغ مساحته (16.113) متر مربع تقع جنوب مقر مباني حكومة الولاية، منوهاً الى انه وفي العام 2009م، ووقتها كان مديرا لإدارة التشييد بالوزارة ومكلفاً بصندوق الإسكان والتعمير بنيالا الى جانب تعيينه عضواً في مجلس إدارة مشروع بناء دارفور ممثلاً لحكومة الولاية ومعه وزيرا التخطيط العمراني والمالية بذات الولاية، بجانب عضوية مدير شركة سندس الهندسية الزراعية الحكومية، فيما نبه ذات الشاهد بأن المتهمة الثانية شركة مان الوطنية كانت ـيضاً عضواً كطرف ثان في مجلس إدارة المشروع ويمثلها مديرها العام وبرفقته (3) أعضاء آخرين بالشركة، لافتا إلى ان وزير المالية بالولاية كان يرأس مجلس إدارة المشروع، بجانب وجود مدير الإدارة القانونية لولاية جنوب دارفور كطرف محايد بمجلس الادارة.

عقد شراكة وهيكل حديدي

وأوضح شاهد الاتهام الرابع للمحكمة الخاصة المنعقدة بمحكمة جنايات جرائم الفساد ومخالفات المال العام برئاسة القاضي المعز بابكر الجزولي، بأن حكومة ولاية جنوب دارفور والمتهمة الثانية شركة مان الوطنية وقعا عقد شراكة بينهما لإنشاء المشروع – وبموجبه تم استيراد هيكل حديدي بمبلغ (2) مليون دولار سدد بينهما مناصفة كل واحد منهما سدد مبلغ (1) مليون دولار لتوريده، لافتاً إلى انه وعند توقيع عقد الشراكة قامت حكومة الولاية بتشييد سور على أرض المشروع وبناء مكاتب إدارية فيه التي تبلغ مساحته الكلية (16.113) متر مربع، موضحاً بأن مساحة الأرض التي تحدد تنفيذ المشروع عليها في مرحلتها الأولي تبلغ مساحته (2000) متر مربع تمت إضافة مساحة (100) متر مربع اليها بعد تصميم الخرطة، فيما كشف الشاهد للمحكمة عن وجود مساحة (4.320) الف متر مربع تابعة لمنظمة الشهيد، بينما متبقي المساحة البالغ قدره (9.693) الف متر مربع تخص وزارة التخطيط العمراني بالولاية، فيما نوه الشاهد للمحكمة الى أن المشروع لم يتم تنفيذه وذلك لتهرب الشركة من تنفيذه.

عدم تنفيذ المشروع

ولفت شاهد الاتهام الرابع والأخير مدير عام وزارة التخطيط العمرانى بولاية جنوب دارفور منصور عبد الله، للمحكمة الى أنه ونتيجة عدم تنفيذ المشروع عقد مجلس إدارة المشروع اجتماعاً لمناقشة ثلاث نقاط إما أن تتنازل حكومة ولاية جنوب دارفور عن المشروع للشركة المتهمة الثانية أو تتنازل في المقابل الشركة للحكومة عنه، أو مواصلة الشراكة بين الطرفين والبحث عن تمويل للمشروع، مؤكدا للمحكمة بأنه تم التقرير خلال الاجتماع بتنازل حكومة ولاية جنوب دارفور عن المشروع للشركة بعقد تسوية لفض الشراكة ، كاشفًا بأن الشركة المتهمة الثانية ووقتها كانت تتعامل من تلقاء نفسها مع الوالي الاسبق لولاية جنوب دارفور حماد إسماعيل، وعمل تسوية بطريقتها الخاصة، في الوقت الذي كشف فيه عن وجود رؤية لادارة مجلس المشروع للتسوية والمتمثلة في دفع الشركة لحكومة ولاية جنوب دارفور مبلغ مليون دولار أو ما يعادله بالجنيه السوداني وهو الذي دفعته حكومة الولاية الشاكية لاستيراد الهيكل الحديدي لإنشاء المشروع، بجانب سداد الشركة قيمة مساحة (1.600)متر مربع التي تبلغ قيمتها حسب عقد الشراكة مبلغ (550) دولار امريكي للمتر المربع الواحد او ما يعادلها بالجنيه السوداني آنذاك، مشيراً الى انه اخطر الوالي الأسبق (حماد) بضرورة أن تتم التسوية بواسطة إدارة المشروع والمراجع العام بالولاية، الا أن حديثه لم يعجب المتهمة الثانية شركة مان الوطنية، ما دعاهم لوقف إجراءات التسوية لحين تم تعيين والٍ جديد للولاية آدم محمود جار النبي، في العام 2014م ووقتها عادت الشركة المتهمة لذات الوالي وعرضت عليه تسويتها في شأن المشروع، إلا أن الوالي (جار النبي) قام بتحويل إجراءات التسوية لوزير التخطيط العمراني بالبلاد انذاك إدريس آدم ابكر ، الذي رفض التسوية وأمر بتنفيذ المشروع، منبهًا الى أن الشركة آنذاك أكدت لهم عدم امتلاكها أموالاً لتكملة المشروع، لافتًا الى أن طرفي الشراكة اتفقا مع بنك النيل لتمويل المشروع، إلا أنه وفي تلك الأثناء صدر قرار من بنك السودان المركزي بإيقاف البنوك من تمويل العقار، مبيناً بأنه وعقب ذلك توقف المشروع مرة أخرى في العام 2014م وذهاب الشركة لحالها.

(أنا والي ما في زول بحاسبني)

وقال الشاهد الرابع للاتهام والأخير فى الدعوى الجنائية في أقواله بأنه وبعد ذلك تم تعيين المتهم الأول آدم الفكي واليًا لولاية جنوب دارفور، وفور ذلك حضرت إليه المتهمة الثانية شركة مان الوطنية وعرضت عليه ذات التسوية، ونبه الشاهد الى أنه وبوصفه مديراً عاماً لوزارة التخطيط العمراني كلفه المتهم الاول بإعداد مقترح لإجراء تسوية مع الشركة يتم بموجبها التنازل عن المشروع لها، موضحاً بأنه وبرفقته مدير عام وزارة المالية بالولاية قاما بإعداد المقترح وتوصلوا إلى أن تدفع المتهمة الثانية شركة مان الوطنية لحكومة ولاية جنوب دارفور مبلغ (11) مليون جنيه وهي عبارة عن مقابل مبلغ مليون دولار دفعته حكومة الولاية لتوريد الهيكل الحديدي للمشروع، وقيمة مساحة (1.600) متر مربع مملوكة لحكومة الولاية مقابل (550) دولار امريكي للمتر المربع الواحد من مساحة الأرض، مشدداً على انه خلصوا إلى مبلغ (11) مليون جنيه، منوهًا الى أنه وبعد عرضهم مقترحهم على المتهم الأول (الفكي) طرح عليه تساؤلاً قائلاً له: (كيف تعملو مقترح تسوية بمبلغ (11) مليون جنيه في حين ان المقترح يفترض يكون (4) مليون ويزيد قليلا)، منبها إلى أنه وقتها أفاد المتهم الاول بأنهم حددوا مبلغ الـ(11) مليون جنيه بمو جب مخاطبتهم لبنك السودان المركزي الذي أفادهم بسعر الدولار الرسمي في العام 2014م وليس في العام 2009م تاريخ توقيع عقد الشراكة مع الشركة، مؤكداً بأنه وقتها أفاد المتهم الأول إما ان تدفع لهم الشركة بالدولار مقابل تنازل الحكومة عن المشروع أو ما يعادله بالجنيه السوداني، لافتاً الى انه وقتها نبه المتهم الأول بواقعة رفض واليين سابقين بالولاية الموافقة على مقترح تسوية الشركة ومبلغها المالي، موضحاً بأن المتهم الأول (الفكي) حينها رد له قائلاً: (وهو هايج أنا والي ما في زول بحاسبني)، في ذات الوقت قال الشاهد للمحكمة بأن الشركة المتهمة تقدمت بمقترح تسوية للمتهم الأول (الفكي) يتعلق بدفعها مبلغ يفوق الـ(4)مليون جنيه مقابل التنازل لها عن المشروع، كاشفاً بأنه وبعد ذلك قام المتهم الأول بإعفائه من منصبه مديرًا عامًا بوزارة التخطيط العمراني بحجة أنه عقبة في طريق إتمام التسوية بحد تعبيره، وقال شاهد الاتهام الرابع للمحكمة بأنهم كأعضاء مجلس إدارة المشروع عقدوا اجتماعا مع الشركة المتهمة الثانية لدراسة عرضهم مرة أخرى، ومنوهًا الى أنه تقدم بمقترح بالشركة بدفع مبلغ المليون دولار وسعر الأرض بالدولار أو ما يعادلها بالعملة المحلية بتاريخ إجراءات التسوية في العام 2014م، إلا أن الشركة تمسكت بدفعها مبلغ (4) مليون جنيه مقابل التنازل عن المشروع ، مشدداً للمحكمة على أنهم وقتها رفضوا كذلك عرض الشركة وعرضوا عليها ان تدفع لها حكومة الولاية مبلغ (4) مليون جنيه مقابل التنازل عن المشروع لها، إلا أن الشركة رفضت واشترطت أن يدفع لها بالدولار للتنازل عن المشروع، مبيناً بأنه وقتها رد للشركة وقال لهم: (لي حلال عليكم وحرام علينا بالدولار) ، مشيرًا إلى ان الشركة عرضت على الحكومة شراء كامل أرض المروع لإنشاء (مول) عليها، إلا أن حكومة الولاية رفضت العرض باعتبار أن المول ليس من أولويات حكومة الولاية في تلك الفترة، وإنما كان هدف المشروع تنمية المنطقة وإنشاء أبراج سكنية، منوهًا الى انه وبعدها تم إغلاق اجراءات التسوية مع المتهمة الثانية شركة مان الوطنية.

أخطاء عقد فض الشراكة

وكشف الشاهد للمحكمة بأنه وفي الثامن من شهر نوفمبر للعام 2016م تلقى دعوة من وزير التخطيط العمراني بالولاية اسماعيل احمد ، لمناقشة عقد فض شراكة مركز المال والأعمال بين حكومة الولاية والشركة، مبينًا أنه واثناء انعقاد اجتماع بالوزارة اطلع على عقد فض الشراكة بين حكومة ولاية جنوب دارفور وشركة مان الوطنية بموجب قرار بالرقم (1/2016م) الصادر من مجلس وزراء حكومة الولاية ووجد فيه أخطاء وعيوب في عقد الشراكة وصفها بالكثيرة، منوهًا إلى أنه قام بتدوين ملاحظاته حول ذلك وتسليمها للمستشار القانوني لوزارة التخطيط العمراني بالولاية وقتها تتمثل فى أن صياغة عقد فض الشراكة غير مطابق لعقد لشراكة، لاسيما وان عقد الشراكة كان قد حدد سعر المتر الواحد للأرض بمبلغ (550) دولار امريكي أو ما يعادله بالعملة المحلية بمبلغ (7.700) جنيه سوداني وذلك بحسب إفادة بنك السودان المركزي ، في حين أنه ورد سعر المتر المربع الواحد للأرض مبلغ (3) الف جنيه في عقد الشراكة، مضيفاً بأنه وجد كذلك أن عقد فض الشراكة مخالف لقانون التخطيط العمراني والتصرف في الأراضي الاتحادي لعام 1994م والولائي لعام 2013م، كما نوه لملاحظات تتمثل في أن عقد فض الشراكة لم ينص على دفع الشركة لمبلغ (50%) من قيمة أرض المشروع، كما انه لم يرد ذكر الـ(50) متراً التي تمت إضافتها الى مساحة الأرض من قبل حكومة الولاية لإنشاء المشروع، إضافة الى عدم إيراد المبنى الإداري والسور للمشروع في عقد فض الشراكة ، وشدد شاهد الاتهام الرابع للمحكمة على ان نصيب ولاية جنوب دارفور من الهيكل الحديدي التي تبلغ مليون دولار هي اكبر من قيمة (سفلتة) الشركة المتهمة الثانية لطرق داخلية بالولاية بطول (2.5) كيلو متر وذلك بحسب إفادة الهيئة القومية للطرق والجسور، في وقت كشف فيه شاهد الاتهام الرابع للمحكمة عن رفض منظمة الشهيد بيع (4.320)متر مربع للمتهمة الثانية شركة مان الوطنية بمبلغ (3) مليون جنيه للمتر الواحد ما دعا المنظمة لتشكيل لجنة كان هو احد اعضائها خلصت فيها اللجنة بأن تدفع الشركة (7) ألف جنيه لمنظمة الشهيد مقابل المتر المربع الواحد ، إلا أنه أكد للمحكمة بأن المنظمة لاحقاً خفضت المبلغ للشركة وبيع نصيبها من الارض مقابل (6) ألف جنيه للمتر المربع الواحد.

استبعاد شهادة للعداء

فى المقابل أرجأت المحكمة الفصل في طلب تقدم به محاميا الدفاع عن المتهم الأول (ادم الفكي) والمتهمة الثانية شركة مان الوطنية يتعلق بالطعن في شهادة شاهد الاتهام الرابع مدير عام وزارة التخطيط العمراني بولاية جنوب دارفور الاسبق منصور عبدالله ، واستبعاد شهادته وذلك لاتهامه بالخصومة والعداء الشديد للمتهم الأول (الفكي) بحد محامي دفاعه، إضافة الى تحامله الواضح على شركة مان الوطنية المتهمة الثانية التي تشير الى الخصومة المنصوص عليها في المادة (33) من قانون الاثبات السوداني لسنة 1994م، فيما أوضحت المحكمة بأنها ستفصل في طلب الدفاع عند مرحلة وزن البينة لاحقاً.

من جهتها أعلنت المحكمة قفل قضية الاتهام وذلك بحسب الطلب الذي تقدم به رئيس هيئة الاتهام عن الحق العام وكيل نيابة الاموال العامة بشير إدريس آدم، فيما حددت المحكمة جلسة اخرى لاستجواب المتهمين.

الخرطوم : محمد موسى
صحيفة الصيحة