رأي ومقالات

مكي المغربي: إلى حميدتي


سعادة الفريق محمد حمدان دقلو، أخشى أن يكون مستشاريك هم على طريقة المستشارين في النكتة الخليجية، وربما تكون خبرا حقيقيا .. (هذا وقد التقى سموه بمستشاريه، وزودهم بالنصائح) بمعنى أن المستشار مهمته هي الاستماع والاطراق والإعجاب، وأخذ التوجيهات وليس أن يسدى النصح.

بعضهم يسترزق ويستخدم ذكاءه وعلمه ومعرفته في النظر مسبقا إلى رغبات وأفكار من يخدمه ويتلقى منه الأجر ويحيل رغبات مخدمه إلى قالب علمي ثم يعيدها إليه وبذلك يضمن موقعه. لا سيما إذا كان هنالك طابور طويل من المنتفعين ينتظر بفارغ الصبر اي خلاف أو توتر بين الكبير ومستشاريه ليأخذ الموقع ويطيح بالذين يغالطون الكبير.

ما أوردته في حديثك عن المضي مع حمدوك “خوفا” من العقوبات خطأ ولا يمكن تحويله إلى صواب اطلاقا، حتى لو شهد بذلك عشرين بروفيسور وثلاثين سفير، وخمسة قضاة.
الدخول في الحوار والظهور الإعلامي ربما يكون نصيحة سليمة (نوعا ما) لان السودانيين يكرهون الصمت لكن العفوية والاريحية والتلقائية في الحديث لم تعد اطلاقا مع ثورة الإعلام الحديث يمكن أن تدخل في سياق خطاب داخلي وخطاب خارجي.

أي مفردة، ليس لحميدتي أو البرهان بل لأي مسئول حكومي لها الوزن القانوني الدولي الكامل.

يحضرني هنا ما تطوعت به من نصح للدكتور عبد الله حمدوك .. أن أي حديث لتبرئة حكومته من الإرهاب بإدانة النظام السابق تعتبر إقرارا قانونيا على “الدولة السودانية” وليس “الجبهة الاسلامية القومية” وبحسب ما حدث وتضاربت حوله التحليلات فإن ما أضعف موقف السودان في تلكم القضايا والتسويات كانت مفردة واحدة في خطاب الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي ألقاه حمدوك.

لطف الله بالسودان بسبب وجود قضايا أخرى امام إدارة ترمب للتعجيل بالرفع من قائمة الإرهاب .. وهي المحادثات الإسرائيلية السودانية في عنتبي أو غيرها وبات جليا أن هنالك ربط بين الأمرين، ولولا ذلك لما اكتمل الأمر بسلاسة.

وقد اكتمل نظريا (وليس عمليا) وتلك قضية أخرى تناقش في ملف العلاقات الأمريكية السودانية وليس هنا.

رأيي أن الحديث عن الخوف من العقوبات يتم تفسيره عدم جدية في الانتقال، ويعتبر تشجيعا على دوائر منتفعة ومتكسبة من العقوبات بأن عملهم ناجح وممتاز .. “وجاب حقو” بدليل اعتراف الرجل القوي بالخوف.

باختصار مشورتي لك .. أن اي مستشار أو شخص مقرب لك امتنع عن التعليق وصمت من هذا الخطا .. أصدر قرار بابعاده فورا عنك، فهو شخص غير مؤتمن.
لأن الحديث يقول “المستشار مؤتمن” وللحديث معنيين:
الاول: المستشار مؤتمن على تقديم النصح السليم وليس التماهي والتطبيل.

الثاني: المستشار مؤتمن على الأسرار التي اطلع عليها ويدخل في ذلك الطبيب والمحامي لانه يطلع على أسرار مريضه أو عميله، ولا يجوز له الإفراج عنها إلا بحكم قضائي ملزم، حتى أثناء اي تحقيق من حقه رفض الإفراج عن الأسرار الخاصة.

تحضرني هنا نكتة الرئيس الأمريكي فراكلين روزفلت إذ قيل له كيف تعرف المتملقين من غيرهم. قال بالنكت السمجة والتي اقولها عمدا، وانتظر من يتعالى صوته بالقهقهة بقرار الفصل.

مكي المغربي


تعليق واحد

  1. يا استاذ مغربي ..
    بما إنك ناصح أمين صاحب نظر ثاقب وبصيرة نافذة … هل قمت أبدا بنصح الرئيس عمر البشير أو أي واحد من رموز الانقاذ ؟
    ……

    كتب المغربي :
    (يحضرني هنا ما تطوعت به من نصح للدكتور عبد الله حمدوك .. أن أي حديث لتبرئة حكومته من الإرهاب بإدانة النظام السابق تعتبر إقرارا قانونيا على “الدولة السودانية” وليس “الجبهة الاسلامية)

    قلت لي تطوعت وتفصلت وتكرمت وتعطفت وتلطفت بنصحك للدكتور حمدوك؟

    لكن يا شيخنا دكتور حمدوك أكيد عارف الحكاية دي ومن الطبيعي جدا أن يدين النظام السابق و يعرف أن ذلك لن يعفي دولة السودان من العقوبة بعد زوال نظام الجبهة الاسلامية الارهابية . يعني عارف إنه جرم جره سفهاء قوم وحل بغير جانيه العذاب وعارف إنو امريكا بتعاقبنا على ما فعله السفهاء منا .
    …..
    أذكر أن الراحل دكتور حسن الترابي عندما وقعت المفاصلة بينة وبين تلاميذه قال عنهم .. إنهم لما تحولوا من الوجدان الى السلطان ومن الدعوة الى الدولة .. فسدوا