منوعات

غياب (لمة الحبان) اتّهامات تطال الظروف المادية والأوضاع السِّياسيَّة

لعل أبرز ما يميز الشعب السوداني هو التواصل الاجتماعي والزيارات العائلية، خاصةً أيام الجمع والعطلات الرسمية، تلك العادات المتوارثة من جيل الى جيل قد تختلف باختلاف الأزمنة والعصور، والثابت فيها هو مبدأ لمة العائلة أو لمة الحبان، والبيت الكبير يكون لمعرفة أخبار بعضهم البعض والتفاكر حول الشؤون العائلية، ولكن للأسف تبدلت المبادئ، وغابت لمة الحبان، فهل اسباب هذا الغياب، بأمر الأوضاع المعيشية وصعوبة التواصل للظروف المادية والمعنوية في ظل الأحداث السياسية واغلاق الجسور وتتريس الشوارع، أم ان هناك عوامل أخرى خفية؟.
(١)

صلاح محمد الصادق سجل اعترافا صريحا وواضحا بتقصيرهم في التواصل العائلي قبل ان يعود ويؤكد أن الأمر ليس بيدهم، والكل شاهد على الظروف الحالية والاحداث السياسية المتسارعة التي يصعب فيها التواصل مع الأهل والأصدقاء، مشيراً الى انهم في السابق كانوا يجتمعون وكل افراد العائلة يوم الجمعة ونتعرف على أحوال واخبار بعضنا، بل وتساهم هذه الجلسات العائلية في حل الكثير من المشاكل وإزالة ما عُلِّق بالنفوس ويتصالح فيها المتخاصمون ويعود الجميع الى بيتوهم وهم في حالة رضاء تام ومبسوطين. وكل مانتمناها الآن عودة تلك الايام التي اصبحت من الماضي الجميل.
(٢)
من جانبها، قالت ربة المنزل سعدية البشير ان الظروف منعتنا من التواصل والزمن ليس كما كان في السابق، وتحسّرت على ايام الماضي الجميل حين كان الحب والإلفة والترابط الاسري مبدأً لا يتغير مهما كانت الخلافات تزول مع اول لقاء عائلي في البيت الكبير، مؤكدة انها أصبحت تنتظر زيارة ابنائها وبناتها بشوق ولهفة، ولكن تباعدت المسافات وكثرت الحجج والأعذار، ويقولون ان الشوارع مغلقة بسبب الاحتجاجات الثورية ومؤخراً حتى للاطمئنان بالهاتف والإنترنت اصبح صعبا بسبب قطع الخدمات الإلكترونية، وكل ما نتمناها هو عودة لمة العائلة كما كانت في السابق، فأنا لا أريد مالا ولا اريد شيئا سوى رؤية أبنائي واحفادي، وأخشى ان لا يكون للعمر بقية لأراهم، فهل تعود البسمة من جديد أم للأقدار رأي آخر؟
(٣)
على ذات الصلة، رفض حسن عبد الرحمن، تحميل الظروف الحالية والأحداث السياسية سبباً للتباعد، وقال كيف للظروف مهما كانت، تمنع الأهل من زيارة بعضهم البعض، هذه حجج باطلة، وأعتقد ان السبب الحقيقي لغياب لمة العائلة هو تبدل المبادئ والنفوس غير المتسامحة وكثرة الخلافات والانشغال بالامور الدنيوية، وإذا أردت أن تتأكد من ذلك عليك بالذهاب الى الكافيهات والنوادي والصالات الراقية، تجد الآباء والأمهات يقومون بالترفيه هناك وحدهم ويعتذرون عن لمة العائلة والذهاب للبيت الكبير بحجة الظروف وغيرها!!! بينما هنالك فئة اخرى يكون كل اهتمامها هو مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الانترنت، وهؤلاء حتى إذا كانوا متواجدين مع العائلة والأسرة الكبيرة تجدهم منعزلين جانباً بهواتفهم، وهؤلاء ينطبق عليهم المثل (لا بجدِّعوا لا بجيبوا الحجار)، ونتمنى ان يعي الجميع اهمية الترابط الاسري ولمة البيت الكبير ليكسبوا رضاء الوالدين ويصلوا ارحامهم.

الخرطوم – نزار عباس
صحيفة السوداني