اقتصاد وأعمال

محصول القمح .. غايات الاكتفاء الذاتي المزايا والتحديات

يعد القمح محصول استراتيجي في كثير من البلدان، لكن تكلفة إنتاجه باتت تشكل خطراً بالنسبة لزراعة المحصول في قابل السنوات، وبالرغم من توفر العديد من المزايا المساهمة في زراعته، إلا أن هناك الكثير من المعوقات التي تحدُّ من التوسع في زراعته أو تحقيق إنتاجية ذات كمية مثلى من المساحات التي تمت زراعتها، بدءاً من استمرار الزراعة التقليدية ومروراً بالمشاكل الاقتصادية بجانب عدم وجود استراتيجية وخطط علمية لإعطاء الإنتاجية المطلوبة من المحصول، فضلاً عن الزيادة السكانية والهجرة من الريف للمدن، الأمر الذي جعل الاستهلاك يفوق الـ2 مليون طن من القمح كل عام، مما يجعل الدولة مضطرة لاستيراد دقيق القمح من الخارج.

ضعف العائد
يتجه الأغلبية من المزارعين، وخاصة في المناطق الشمالية، لاستبدال محصول القمح بمحاصيل أخرى، كزراعة التوابل، وذلك بحثاً عن العائد الأكبر، وضمان الحد الأدنى من الربح مقارنة بالتكلفة التشغيلية والإنتاجية للقمح.

برمجة الأسعار
وذكر رئيس تجمع مزارعي الجزيرة والمناقل المزارع، طارق أحمد الحاج، أن ضعف التمويل من البنك الزراعي يعد العقبة الأكبر التي تواجههم، إضافة لعدم وقوف وزارة المالية بجانب مطالبهم، بجانب ارتفاع تكلفة الإنتاج، كما وصف طارق قرار شراء القمح بسعر 55 ألف للجوال بدلاً عن 43 ألف الذي وصفه بغير المجزي، وأشار إلى أنه لم يتم تنفيذه حتى الآن من قبل المالية، وطالب بضرورة الإسراع في تنفيذه وذلك لإعادة برمجة الأسعار بالنسبة للمزارعين، وبرر ذلك بدخول عوامل جديدة كزيادات الكهرباء.

تمويل جزئي
كما أفاد المنسق القومي لرفع الإنتاجية د. بابكر حمد أن المشاكل كثيرة جداً بدءاً من ضعف التمويل من الجهات الحكومية أو البنك الزراعي، ويعتبر أن التمويل جزئياً، وقال: من المفترض أن يشمل كل العمليات الفلاحية من تحضير وزراعة وتوفير تقاوي محسنة وآليات حصاد، وتابع: لأن ذلك يساعد في تطبيق الحزم التقنية الخاصة بمحصول القمح حتى نحصل على إنتاجية عالية، ولفت إلى أن الحزم تتضمن 11 مفردة من تأمين الزراعة حتى الحصاد كالتسميد والري والسعر المجزي للمحصول.

تأخير التركيزي
وأضاف د. بابكر أن التأخير في إعلان السعر التركيزي للقمح أدى لكثير من المشاكل فكان المفترض أن يعلن قبل بدء الزراعة، وأوضح أنه حتى يتم التمكن من زراعة أكبر مساحة ممكنة تساعد من حاجة البلاد، فالمرة الوحيدة التي تحققت فيها إنتاجية مثالية كانت منذ بداية التسعينيات، وذلك بمتوسط 1.1 طن للفدان للحقول المطبقة للحزم التقنية، كما أشار إلى أن النقص في سماد اليوريا وعدم توفر الجرعة الثانية بالأخص كل هذه أثرت على مساحات كبيرة جداً، ويتوقع ألا يجني منها إنتاجية عالية، ويرى أن المزارعين الذين أنتجوا إنتاجية هذا العام عالية كان تمويلهم كاملاً ذاتياً خاصة في مناطق الجزيرة وحلفا الجديدة والشمالية، ونهر النيل، والنيل الأبيض، ويتوقع منهم إنتاجية أعلى، وكشف عن المساحات المزروعة هذا العام تقريباً 750 ألف فدان، ومنها في مشروع الجزيرة 400 ألف فدان والباقي موزع على بقية المناطق، ويتوقع إنتاجية لا تتعدى 0.9 طن للفدان في المساحات التي لم تأخذ كفايتها من الأسمدة النيتروجينية والفسفورية والتي زرعت متأخرة، وذكر: أما المزارعون الذين اتبعوا إرشادات هيئات البحوث والذين اشتركوا في برامج رفع الإنتاجية في السنوات السابقة من المتوقع أن تشهد لهم إنتاجية بـ 2.5طن للفدان وهؤلاء نسبتهم لا تتجاوز 4%.

خطوات الحل
وقال د. بابكر إن لنجاح الموسم يجب توفير التمويل الكامل لكل العمليات الفلاحية والمدخلات والجازولين ومبالغ تمكن الدولة من شراء المحصول الاستراتيجي لأنه إذا لم يتم الشراء، تتوقع أن يشهد العام القادم عزوفاً عن زراعة القمح بنسبة 50%.

اختبار البذور
ويرى المهندس الزراعي حامد آدم أن المشاكل التي تواجه زراعة القمح كثيرة جداً، بداية من الصنف المزروع فالقمح محصول شتوي، وقال إن السودان لديه شتاء دافئ وقصير، وواصل قائلاً: الأمر الذي قادنا لزراعة القمح الربيعي بدلاً عنه، والذي يعطي إنتاجية بنسبة 85% على أقصى درجة، وأشار حامد إلى أن ثلاثة أرباع المزارع تسير بنهج تقليدي قديم أي دون استخدام الحزم التقنية الحديثة بجانب عدم المعرفة الكافية لنوعية التربة وكيفية تهيئتها بالنسبة للمزارعين، وأردف حامد أن البذور التي تأتي من الخارج يتم خلطها ببذور منتهية الصلاحية، الذي يتجلى في ضعف الإنتاجية بشكل واضح، وشدد على إجراء اختبار البذور أولاً ومن ثم البدء بزراعتها.

شح الأسمدة
ويرى المهندس الزراعي سيف الدين آدم أن شح الأسمدة وعدمها في مناطق متعددة أدى لتخوف المزارعين من فقدان الموسم، فضلاً عن تحديات الحصاد التي تتمثل في أسعار الوقود والكهرباء وضعف التمويل من البنك الزراعي.

الخرطوم: بابكر أحمد
صحيفة اليوم التالي