إبراهيم عثمان: غسيل الثنائية

( “بالتأكيد” في الفترة الماضية تميزت هذه التفاهمات “بالسرية”، والآن بعد أن وقع عليها “الطرفان”، بالتالي “رأينا” من الضروري يكون هناك مشاركة “واسعة” … ومنع الإقصاء ما عدا بالتأكيد المؤتمر الوطني ) – د. مريم الصادق ..

( الأطراف المعنية بهذه العملية السياسية بعد شهور من المغالطات بعد الانقلاب بتاع ٢٥ أكتوبر تم لاتفاق عليها بصورة “حصرية” .. ) – د. مريم الصادق

( الاتفاق الإطاري تم التوقيع عليه وانتهى، و”لو هنالك حديث” سيكون عن القضايا الخمس : مشاركة السودانيين في تقويض نظام الثلاثين من يونيو ، ومراجعة سلام جوبا، والإصلاح الأمني والعسكري، والعدالة ، وشرق السودان.) .. ( الناظر ترك ليس مدعواً للتوقيع على الاتفاق ) … ( الاتفاق أطرافه محددة قبل أن يبدأ عبر عملية محددة ) ..- أ. جعفر حسن
▪️لا يخفى على أي متابع أن أطراف الاتفاق، السودانيين والأجانب، يسيؤون الظن بذكاء الشعب السوداني وقواه السياسية، ويظنون أن هذه الألاعيب المكشوفة ستخفى عليهم، وبما أن هذا لا يعبر عن الحقيقة فالمؤكد أنهم سوف يتفاجأون بمقاومة للاتفاق أكبر مما توقعوا وبحاجة للقمع والتسلط أكثر مما خططوا ..

▪️ الانعطافة الحادة – خلال أيام – في حديث د. مريم الصادق من حديث المشاركة الواسعة التي لا تقصي أحداً سوى المؤتمر الوطني إلى حديث منع “الإغراق” و”الحصرية” التي قطعت جهيزة “المغالطات، هذه الانعطافة تثبت عدم الصدق في دعوى الرغبة في المشاركة الواسعة، وتؤكد بشكل قاطع بأن الأمر لا يزيد عن محاولة مكشوفة لتغطية وجه الثنائية بمكياج مشاركة ديكورية، الأمر الذي يجعله يستحق أن يُطلَق عليه تسمية “غسيل الثنائية “، فالأمر يشبه غسيل الأموال، بل يفوقه ضرراً بالطابع الرسمي الذي يأخذه وبأثره الكبير على حاضر ومستقبل السودان ..

▪️ اعتراف د. مريم بسرية التفاهمات، وبأن هذه التفاهمات السرية أصبحت هي موضوع الاتفاق، وبأن الموقعين على الاتفاق “طرفان”، وقول أ. جعفر بأن هذا الاتفاق انتهى ولا مجال للحديث عنه، كل هذا، إضافة إلى أقوال أخرى، يوضح أن أحاديث جماعة المركزي تؤكد الطبيعة الثنائية للاتفاق أكثر مما تنفيها، لأن النفي يأتي عادةً في جمل دعائية سرعان ما تدحضها جمل أخرى إقصائية وأصدق تعبيراً عن حقيقة الموقف ..

▪️ خلاصة تصريحات د. مريم وأ. جعفر، وبقية جماعة المركزي، تقول إن الاتفاق من مرحلتين : مرحلة أولى ثنائية تحسم القضايا المهمة بالنسبة لجماعة المركزي : من يحكم، وبأي مشروع، ومن يُختاروا لغسل الثناية والإيهام بالمشاركة، وما هي حدود أدوارهم .. ومرحلة ثانية مصطنعة ذات طابع ديكوري تُرحَّل إليها تفاصيل بعض القضايا للإيهام بالمشاركة بعد أن تم حسم عناوينها في التفاهمات الثنائية السرية ..

▪️ الطرف الذي ينفق شهوراً في النقاش. من أجل الوصول إلى “حصرية” المشاركة في الحوار لا شك أنه ينطلق من إرادة إقصاء قوية تأخذ الأولوية القصوى لديه، وتسبق في الأهمية وضع مشروع لإصلاح ما خربته الفترة الانتقالية الأولى ..

▪️ من حق الجميع أن يتساءلوا : قبل أن يبدأ الحوار الثنائي مع من اتفق جماعة المركزي على “الأطراف المحددة” ؟ ومن حق أكثرهم حسن ظن بأحد طرفي الاتفاق الثنائي أن يميل للإجابة : مع السفارات وفولكر، ومن حق أقلهم حسن ظن أن يجيب : مع السفارات وفولكر ثم لاحقاً مع العسكريين ..

▪️ أصدق نفي لثنائية الاتفاق هو ذلك الذي يقول إن الاتفاق رباعي أطرافه هي فولكر، والسفارات، وجماعة المركزي، والعسكريين، فهذا النفي يستند على أساس متين
من المشاركة في صياغة الدستور، ومن الضغوط والتهديدات والإغراءات والفرض والإملاء، وإقصاء أو مشاركة من ترغب فيهم أو ترفضهم الأطراف الأجنبية ..

▪️ثاني أصدق نفي لثنائية الاتفاق هو ذلك الذي يقول إن الاتفاق أحادي أملت فيه جماعة المركزي شروطها كلها ولم يكن للعسكريين من دور سوى الموافقة مع تعديلات هامشية تخص أشخاصهم وأدوارهم داخل جيوشهم، صدق هذا النفي رهين بصحة ما تقوله جماعة المركزي من أن الاتفاق يضمن إبعاد العسكريين تماماً من السلطة، ورهين بعدم وجود تفاهمات أكثر سريةً من التفاهمات المسربة ..

▪️ ختاماً يمكن القول بأن كل راغب في نوع من المشاركة – عدا المؤتمر الوطني – ولا يحمل أي مشروع، أو لا مانع لديه من التخلي عن مشروعه أو تجميده، ولا يمانع في التبعية لجماعة المركزي، ومن فوقهم للخواجات، ولا يمانع في العلمانية، ولا الإقصاء، ولا سياسات الدوس الاقتصادي، ولا يؤمِّل في دور أكبر عن طريق الانتخابات، فإن من مصلحته أن يوالي جماعة المركزي، وأن يتعمد معاكسة العسكريين حتى لو اتخذوا قرارات تبدو جيدة، فباب “قوى الانتقال” ليس مغلقاً تماماً أمام كل من يثبت اكتمال الشروط عنده، ومفتاحه عند جماعة المركزي لا العسكريين .

إبراهيم عثمان

Exit mobile version