عن ديمقراطية التسيير
▪️ ليس غريباً أن تخون السفارات الغربية الطامعة في التسيير مبدأها الديمقراطي، وتجتهد في تطويل الفترة الانتقالية مرةً تلو مرة إلى حين انضاج ظروف تسيير الانتخابات، وأن تتصدق على وكلائها بتسمية الديمقراطيين، وعلى حكمهم بالحكم الديمقراطي، طالما أن التحكم في الأحزاب وانتقاء الفائز منها أسهل من التحكم في الجماهير وأصواتهم ..
▪️ وليس غريباً بالنسبة لأحزاب لها مخاوف انتخابية حقيقية أن تفضِّل أن تكون الجولات على السفارات بمثابة جولات انتخابية تُطرَح خلالها البرامج، وتُطلَق الوعود والتعهدات، وأن يستمد الحكم شرعيته من تصويت السفارات، ومراقبة بن لباد، وفرز فولكر، واعتماد العساكر للنتيجة، فهذه هي العملية الانتخابية التي يقاطعها المنافسون حتماً !
▪️وليس غريباً أن يقبل المكون العسكري تصفير العداد لتبدأ فترة انتقالية جديدة بعد انتهاء آخر أجل ضربوه لنهاية الانتقال، بعد سلسلة آجال، فكما يبدو من الأفعال هم أيضاً لهم مطامعهم السلطوية ومخاوفهم الانتخابية، على الأقل هناك واحد منهم أعلن بوضوح عن نيته الترشح، ووضع النجاح ونهضة السودان – بواسطة حكومة جديدة يشكلها من أسقطهم بحجة الفشل – شرطاً لعدم ترشحه !
▪️ عندما تكون هناك أحزاب تشتري شرعيتها بتحفيز أحلام الطامعين في التسيير أكثر من العمل لخدمة الشعب، ومخاطبة وجدانه، بل بالتضاد معه، فإن حرصها على نقاء صفها وحمايته من “الإغراق” بمعرقلي التسيير المؤكدين والمحتملين سيصبح هو القضية الأولى التي ترقى إلى مستوى قضية وجودية لا تحتمل المساومات !
▪️ ليس غريباً أن يتجنب خالد سلك كثرة الحديث عن أسباب رغبتهم في تطويل فترة الانتقال وإبعاد شبح الانتخابات، فهو يعلم أن ما قاله قديماً ، في نوبة صدق نادرة، عن السبب الحقيقي، لا يدحضه ألف سبب مما يبعثر جعفر حسن مصداقيته وهو يتفنن في تصنيعه وإحصائه..
▪️ على الرغم مما يبدو من دخول البلد في حالة قابلية للتسيير، إلا أنه مما يدعو إلى التفاؤل أن الطامعين في تسيير السودان لا يثقون إلا في أربعة أحزاب فقط : أكبرها يعيش على أمجاده التاريخية بعد أن باع كل القضايا التي اكتسبها بها، والثاني أسقط الشعب كادره لإعداد المناهج الدراسية قبل سقوط حكم قحت، والثالث أعلن أحد قادته بكل وضوح بأنهم مرعوبون من الانتخابات، والرابع لا يعلم ٩٩٪ من الشعب اسم الحزب ولا اسم رئيسه، ويتحدث باسمه من أعطاه الشعب لقب “سفارات “.
▪️ رغم التفاؤل باتساع قاعدة الرفض للتسيير الأجنبي، وانحصار مشروع التبعية في أربعة أحزاب فقط، يبقى التفاؤل بالانتخابات لإنهاء التسيير الخارجي ضرباً من الدروشة السياسية، فالانتخابات ستكون هي موسم التسيير الأكبر، والأموال الأجنبية التي ضُنَّ بها على الشعب وهو يقاسي مرارة القحط ستأتي عند الانتخابات. وإن عُلِم بأنها لن تكفي للفوز،
فما أكثر السيناريوهات البديلة، ومن يخسرون معركة التسيير الحالية سيخسرون – حتماً – معركة الانتخابات .
إبراهيم عثمان