الأخبار

بعد 35 عاما ورغم التعويضات الأميركية.. لماذا تصرّ إيران على إحياء ذكرى إسقاط طائرتها فوق الخليج؟

طهران- كما دأبت طوال العقود الماضية، أحيت طهران -اليوم الاثنين- الذكرى 35 لإسقاط بارجة وينسنس الأميركية طائرة ركاب مدنية إيرانية فوق مياه الخليج، مجددة دعوتها لخروج واشنطن من الشرق الأوسط، وذلك بعد إعلان الأخيرة الشهر الماضي أنها ستعزز وجودها العسكري في المنطقة الغنية بالنفط في ظل “تهديدات إيرانية متزايدة للسفن”.

وكانت البحرية الأميركية أسقطت صباح 3 يوليو/تموز 1988 الرحلة رقم “655 آر آي” (655IR) طائرة إيرباص “إيه 300” (A300) تابعة للخطوط الجوية الإيرانية، وذلك بعد 7 دقائق من إقلاعها من مطار مدينة بندر عباس جنوبي إيران وهي في طريقها إلى مطار دبي الدولي، مما أدى إلى مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 290 وبينهم 66 طفلا.

وقالت البحرية الأميركية حينها إنها أسقطت الطائرة بالخطأ، بعد أن اعتقدت أنها مقاتلة من طراز “إف 14″، كما حمّل البنتاغون طهران “مسؤولية السماح للطائرة بالتحليق في منطقة صراع نشط”، إلا أن الجانب الإيراني يصرّ باستمرار على أن الحادث كان متعمدا، مستشهدا بدفاع الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان عن قرار الكابتن ويل روجرز إسقاط الطائرة، واستقبال الأخير استقبال الأبطال عند عودته إلى الولايات المتحدة.

وبينما كانت الولايات المتحدة قد أكدت أن الطائرة الإيرانية لم تستجب لمطالب بارجة وينسنس بتغيير مسارها، يكذّب القيادي السابق بالحرس الثوري العميد المتقاعد حسين كنعاني مقدم الرواية الأميركية، بالقول إن طائرة الركاب الإيرانية كانت تحلق عبر الممر الجوي الدولي المعترف به، وإن التقرير الأميركي يخفي حقيقة أن البارجة حاولت الاتصال بالطائرة عبر تردد عسكري غير مألوف أصلا للطائرات المدنية.
وفيما يكاد الرأي العام العالمي ينسى الحادثة بعد مرور 35 عاما، تصرّ طهران على إحياء ذكراها المأساوية من خلال نثر الزهور فوق مياه الخليج بمشاركة عدد من المسؤولين وذوي الضحايا، فضلا عن تجديد الإدانات ونشر البيانات السياسية.

وتأبى ذاكرة الإيرانيين النسيان، لأن الجانب الأميركي لم يقدم اعتذارا رسميا ولم يتحمل المسؤولية عن هذه المأساة، رغم دفعه نحو 100 مليون دولار عام 1996 لطهران، مقابل سحب الأخيرة الدعوی ضد الولايات المتحدة من محكمة العدل الدولية.
إنهاء الحضور الأميركي
في هذا الإطار، يقول القيادي السابق بالحرس الثوري إن الحادث قد كرّس العداء الأميركي للشعب الإيراني، عندما رمى البنتاغون جميع الأعراف والمواثيق الدولية عرض الحائط، باستهداف طائرة ركاب مدنية كانت تحلق على ارتفاع منخفض باعتراف المسؤولين الأميركيين، خصوصا أن رادارات البارجة كانت قادرة على تحديد نوع الطائرة بسهولة، فضلا عن أن الطائرة لم تخرج من المجال الجوي الإيراني.

وفي حديثه للجزيرة نت، يبرر كنعاني إصرار إيران على إحياء المناسبة سنويا “لأن نزيف جرح إسقاط الطائرة ما زال متواصلا” على حد تعبيره، مضيفا أن السياسة الأميركية حيال إيران لم تتغير بعد، وهي “تقف إلى جانب كل من يعادي طهران في الوقت الراهن”.

وخلص القيادي السابق بالحرس الثوري إلى أن بلاده تريد إنهاء الحضور العسكري الأميركي في المنطقة لمنع تكرار الحوادث الدامية، داعيا إلى إقامة اتحاد إسلامي لسد الطريق على التدخل الأجنبي في المنطقة.
مطالب طهران
أما الباحث السياسي مهدي شكيبائي، فيعدد مطالب بلاده لإغلاق ملف إسقاط البحرية الأميركية طائرة الركاب، وفق التالي:

اعتذار واشنطن رسميا عن “جريمة إسقاط طائرة الركاب”.
إدانة الولايات المتحدة في المحاكم الدولية بسبب الجرائم التي ارتكبتها بحق البشرية والشعب الإيراني.
تعويض ذوي الضحايا بعد الاعتراف بالجريمة.
وفي حديثه للجزيرة نت، يصف شكيبائي الحادث بأنه “الأكثر مأساوية في تاريخ إيران. ذلك لأن الأوساط الدولية -ومنها مجلس الأمن الدولي ومنظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)- لم تنصف طهران في هذا الملف”، علی حد قوله.

وختم شكيبائي بالقول إن طهران سوف تواصل فضح المزاعم الأميركية بشأن الدفاع عن حقوق الإنسان، في إطار “أسبوع الكشف عن حقوق الإنسان وفق الرؤية الأميركية” (28 يونيو/حزيران حتى 3 يوليو/تموز)، حتى تحقيق المطالب أعلاه إلى جانب خروجها من الشرق الأوسط.
احتمالات الخطأ
في المقابل، ينتقد الدبلوماسي الإيراني السابق فريدون مجلسي إبقاء الملفات الخلافية مفتوحة، ويرى فيها عاملا أساسيا للتوتر المتفاقم بين بلاده والولايات المتحدة طوال العقود الماضية، موضحا أن الملف الفني لحادث إسقاط الطائرة قد أغلق بدفع واشنطن تعويضات لذوي الضحايا، إلا أن الملف السياسي ما زال مفتوحا.

وفي حديثه للجزيرة نت، يحمّل مجلسي واشنطن مسؤولية إسقاط الطائرة، لكنه يدعو الجانبين الإيراني والأميركي لتحمل المسؤولية والتعامل بشجاعة لطي صفحة الماضي والحيلولة دون دحرجة كرة الخلافات التي من شأنها الإضرار بالجانبين.

وختم مجلسي بالقول إنه لا يريد تبرئة الجانب الأميركي، إلا أن احتمال الخطأ وارد في مثل هذه الأحداث، وإن إسقاط الحرس الثوري الطائرة الأوكرانية مطلع 2020 خير دليل على ذلك، داعيا الطرفين إلى قبول الأخطاء والعمل على منع تكرارها.

سكاي نيوز
الجزيرة