رأي ومقالات

حاج ماجد: رحلتي مع البحث عن العلاج (1)

سأحكي في هذا المنشور وربما منشور لاحق رحلتي في البحث عن العلاج ، والتي تعكس جزء بسيط من معاناة المرضى في بلادي بعد حرب المليشيا المتمردة المجرمة الإرهابية و داعميها في الداخل و الخارج التي بدأت في 15 أبريل من العام الماضي عندما قامت بمحاولة الإستيلاء على السلطة بالقوة ، ثم ما لبثت أن تحولت إلى حرب مدمرة إستهدفت كل شيئ حيث لم يسلم منها و من آثارها بيت في السودان !!

حرب تعتبر الأبشع و الأقذر حيث تفوقت في بشاعتها و قذارتها على حروب ( ا ل ك ي ا ن) في عصرنا الحديث و ماثلت حروب المغول و التتار في القرن الثالث عشر الميلادي !!

حرب راح ضحيتها عشرات آلاف المدنيين و مثلهم من المختطفين و المخفيين قسريا ، و مارست فيها المليشيا و مرتزقتها الإبادة الجماعية و التطهير العرقي حيث قتلت أكثر من 20000 من قبيلة المساليت في ولاية غرب دارفور بل و دفنت بعضهم أحياء ، قامت بالإغتصاب و الإستغلال الجنسي لمئات الحالات المثبتة و من بينهن قاصرات ، سرقت و نهبت الأموال من البنوك و المتاجر و المنازل ، إحتلت منازل المواطنين الذين أجبرتهم على الخروج منها و نهبت كل محتوياتها ، دمرت المصانع و المزارع و المعامل ، حطمت الجامعات و دور العلم و مراكز البحوث و الدراسات ، حرب قامت فيها المليشيا بتدمير المستشفيات و تخريب الأجهزة و المعدات و نهب الأدوية ثم حولت ما تبقى من مبانيها إلى ثكنات عسكرية و مخازن للسلاح و الذخائر و المحروقات ، حرب لم تسلم منها حتى دور إيواء المسنين و الأطفال فاقدي السند !!
حرب إستهدفت محو تأريخ و ذاكرة الوطن من خلال تدمير السجلات و الإرشيف و دار الوثائق المركزية و غيرها و غيرها ،، إنها ببساطة حرب تدمير الدولة السودانية بكل ما حوت : تأريخها ، حضارتها ، قيمها ، موروثاتها ، بنيتها التحتية و مؤسساتها الإقتصادية ، إنها حرب تدمير كل شيئ !!

حرب بهذا المستوى و الحجم بالتأكيد أثرت على حياة الناس في كل جوانبها بصورة مباشرة ، و بصفة خاصة كان التأثير الأكبر على قطاعات الخدمات التعليمية و الصحية و المياه و الكهرباء .
بدأت رحلتي في البحث عن العلاج عندما ذهبت لأحد مراكز العيون لإجراء كشف عادي للنظر بعد أن أصبح مستوى الرؤية في تراجع مستمر فكانت النتيجة أنني فشلت في كل الإختبارات فنصحني أختصاصي البصريات بضرورة مقابلة إختصاصي الشبكية خاصة بعد معرفته بأنني أعاني من مرض السكر منذ حوالي 27 سنة ، فقمت بالحجز للمقابلة و كانت أقرب فرصة بعد أسبوع ، و بالفعل تمت المقابلة و بعد الكشف و المراجعة كان قرار الطبيب أنني بحاجة لإجراء عملية للشبكية و قال لي إن هذه العملية لا يمكن إجراءها إلا في مستشفى مكة بمدني بعد أن قامت المليشيا بإحتلال كل المستشفيات و المراكز المتخصصة في ولاية الخرطوم ، و كان معظم كبار الإختصاصيين قد إنتقلوا إلى مدني التي توجد بها بنية و نظام صحي جيد و مستشفيات و مراكز مؤهلة .

بدأت الإستعداد للتوجه إلى مدني و تواصلت مع بعض الأهل و المعارف و الأصدقاء هناك للحجز و ترتيب السكن لي و للمرافق ، و قبل أن أتوجه إليها شاءت الأقدار أن تدخلها المليشيا و تكرر فيها نفس ما قامت به في الخرطوم .

أزاء ما حدث في مدني كان لا بد من البحث عن البديل فبدأت أنا و الأسرة و الأصدقاء في التواصل مع عدة مدن و مستشفيات و كانت مهمة صعبة و أخيراً وقع الإختيار على مستشفى الضمان في مروي (المستشفى الصيني) و تم الترتيب للرحلة إلى هناك .
أواصل بإذن الله
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
16 فبراير 2024