عباد الرحمن أم نُوَاب الشيطان؟

بزعمها تقديم مخطط برامجي (رمضاني)، تداهمنا قنوات الإعلام المرئي بسيل كثيف من ثلاثيتها الشهيرة (أفلام، برامج، مسلسلات)، لتشغلنا بمزيج من غثائها المعد سلفا للانطلاق مع مطلع شهر رمضان المبارك، فتكرس بذلك حالة الانفصام عن أقدس الشهور وأعلاها منزلة، شاهدة على طاقم الإعداد والتقديم والإخراج بالعدوان على خير الأزمان، في كل دورة برامجية ينسبونها زورا وبهتانا إلى خير الشهور، ويصدون بها عباد الله عن مقاصد الشهر الشريف ومراميه النبيلة.
ونحن نوصي ونهيب بالقائمين على إعلامنا المرئي منه بالذات، أن يكون المخطط البرامجي الرمضاني رمضانيا بالفعل فيما يقدمونه إلى جمهور المشاهدين، ليرتقي إلى قداسة ومكانة هذا الشهر الفضيل المقبل علينا بخيراته وبركاته، والتخلص من ذلك العرف الأثيم الذي يصرف الناس عن مقاصد ورسائل شهر رمضان المبارك.
خذلان قنوات الفضاء المتمثل في إصرارها على ذلك النهج عبر سنين متعاقبة، واستغلال ميدان الإعلام لتحويل الصورة المطلوبة عن هذا الشهر إلى شهر آخر مناقض تماما لما ينبغي أن يكون عليه استقباله والاحتفاء به وتقدير قيمته، هذا النهج المشوه يجب أن يتغير ويصحح مساره، وما تزال الفرصة قائمة أمام مسؤولي الإعلام برسم خريطة برامجية تراعي حرمة الشهر الفضيل وقداسته، ولا حجة لمن يتذرع باعتماد المخطط الرمضاني؛ لأن فسخ العقود أو تعديلها واستبدالها بالأصلح والأنفع يغدو مطلبا واجب التنفيذ إذا كانت مضامين العقود وتنفيذها تخالف عقيدتنا وثوابتنا وقيمنا الأصيلة.
ومن باب الإنصاف أن نعرب عن تقديرنا وشكرنا لجهود الإخوة الزملاء في جهازنا الإعلامي باستضافة نخبة من الدعاة والعلماء والمصلحين لتقديم حلقات وبرامج ولقاءات طيبة التأثير مباشرة ومسجلة على مدار شهر رمضان، تجمع بين التشويق وجمال العرض والتقديم، وندعو إلى زيادة حصتها. كما نشكر جهود واستعداد بعض الإخوة الفضلاء ممن عزموا على دعوة وتشجيع الشباب لعمارة المساجد والاعتكاف وإقامة الأنشطة والفعاليات البناءة خلال ليالي شهر رمضان لهذا العام.
الأيام تتسارع نحو استقبال خير الليالي والأيام ونحن نتنسم نفحاته الطيبة، وبينما يجتهد دعاة الخير لحسن استقبال هذا الشهر واغتنام فضائله وأجوره العظيمة، ينشط في المقابل نواب الشيطان الذين يستمرون في أداء دورهم البغيض مستمدين طاقتهم من الشحنة الشيطانية، ليتخذوا من موسم الخيرات والحسنات شهرا يصدون فيه عباد الله عن طاعة ربهم ويحسدون الصائمين والمصلين والمعتكفين والمتصدقين وأهل القرآن والإحسان، حتى صار ذلك الصنيع الوضيع عرفا إعلاميا، ينبري فيه دعاة المعاصي والآثام بإفساد صوم الجوارح وإغواء الناس بالسهرات والأفلام والمسلسلات والمقاهي وإفطار الفنادق ومزامير إبليس وغيرها من الحيل والمخادعات.
ونحن نحيي الدعاة والعلماء وخطباء الجوامع الذين يحرصون على توعية الناس وتذكيرهم بأهمية حسن استثمار أوقات الشهر الكريم بكل عمل صالح نافع يتماهى مع طبيعة شهر رمضان وقدسيته ومقاصده الجليلة ونشيد بدورهم ونتعاون معهم.
ولابد من التحذير من مغبة الانهماك في ملء البطون بأصناف الطعام والشراب والإسراف في استعراض الموائد الرمضانية والتفاخر بتصويرها ونشرها، إضافة إلى إشباع غرائزهم بأنواع الملاهي والشهوات وهم بين هذا وذاك يسهرون الليل وينامون النهار على حساب غذاء الأرواح، فكيف لأمثالهم أن يشعروا بروحانية شهر رمضان المبارك ويدركوا مقاصده الثمينة. وأين هم من إخوتنا وأهلنا المحاصرين والمنكوبين الذين يموتون جوعا وعطشا، وتقصفهم راجمات الصواريخ وهم يستغيثون بنا، ونحن نرمي كميات كبيرة تزيد على حاجتنا من الطعام والشراب مما تغص به حاويات القمامة؟!.
فيا نواب الشيطان كفوا عن غيكم، ويا دعاة الخير والإحسان كثفوا جهودكم وتعاونوا وأخلصوا نيتكم لله في الدعوة إلى الحق والخير والجهاد في سبيل الله، مع اقتراب شهر رمضان فإنه شهر الفتوحات والانتصارات الكبرى في مسيرة أمة الإسلام.
اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيك عنا، واجعلنا فيه من المقبولين الفائزين، وانصر إخواننا المجاهدين، وارفع الحصار الجائر عن المستضعفين والمرابطين الصابرين، يا أرحم الراحمين.
راشد العودة الفضلي – الشرق القطرية