رأي ومقالات

معمر موسى، آخر الجنجويد المقيمين في الخرطوم

دوافع الحقد لدى الجنجويد تجاه الخرطوم وسكانها لم تكن مرتبطة بلحظة الحرب فقط، بل كانت لها جذور وأرضية لعب مركز مناظير لصاحبه معمر موسى، دورا في إنتاجها. فقد عمل معمر موسى على تعبئة منتسبي المركز بخطابات عدائية تجاه سكان الخرطوم، خطابات تدثرت بعبارات القوة الإرثية وغيرها من المصطلحات المسروقة، لكنها في حقيقتها كانت خطابات معادية لمفهوم الأسرة والاستقرار والسكينة التي افتقدها معمر
في حياته..

عمل معمر على إنتاج جماعة تحمل عداء صارخ لمواطني الخرطوم، فوظف بساطة منتسبي المركز من أبناء المجتمعات العربية في دارفور عبر تنظيمه المسمى تيار المستقبل، وجرّهم إلى تبني خطابات معادية لسكان العاصمة ولكل من له حظ من المال والمكانة. بنى معمر مجتمع مشبع بالحقد والكراهية وكانت النتيجة أن 90% من منتسبي هذا التيار تحولوا عند بداية الحرب إلى جنجويد ينهبون أموال المواطنين، مستندين إلى أفكار معمر التي أشعلت فيهم نزعة النهب، عبر تصويرهم كجماعة مستضعفة تقوم بدورها الطبيعي في استرداد أموالها المسروقة من قبل بيوتات السلطة في الخرطوم..

كانت هذه الأفكار بمثابة بوصلة لكثير من الجنجويد الذين شجعهم معمر على نهب أموال الأحياء الخرطومية. فمنشوراته في الأيام الأولى للحرب عبّرت عن حالة فرح بدمار الخرطوم وتجريد نفوذ ما سماه القوى الإرثية من ممتلكاتهم وأدواتهم الاجتماعية ، فعبر عن رغبته في إعادة صياغة الواقع السوداني على أسس جديدة تضمن له حضور وتأثير وسط مجتمعات لطالما ظن أنها لن تقبل به وبوضعيته المضطربة إلا في حالة إفقارها وتدميرها بالكامل..
كشفت رسائل معمر للجنجويد وتشجيعه لهم على نهب أموال المواطنين الأغنياء بادعاء أنها غير مشروعة،عن دوافعه التحريضية النابعة من شخصية مأزومة حاقدة على المجتمع. فحقده لم يكن طبقي فقط ” وهذه النقطة المهمة في هذا البوست “، بل كان حقد على استقرار الناس وترابط أسرهم ومجتمعاتهم. على السكينة التي كانوا يعيشون فيها..

فمعمر الذي لا يعرف له تواصل طبيعي مع أسرته، جاء إلى الخرطوم ولم يخرج منها للمشاركة ولو لمرة واحدة في أعياد رمضان والأضحى أو ولزيارة أهله، ولم يُعرف عنه مشاركة في الأفراح أو حضور مناسبات العزاء لأقاربه. لم يعرف له أصل اجتماعي ظاهر ولا روابط عائلية حقيقية. هذا الفقد لدفء العائلة وصلاتها ولشبكة العلاقات الأسرية، هو ما شكل شخصية ناقمة حاقدة ومشوهة تنظر لدمار الأسر وتشريدهم هو مساواة له في وضعيته الخربة، فمنظر لقاءات الأهل وترابط الأسر وزياراتهم تثير غل معمر ، ووجود مجتمعات محافظة تملك قيم منضبطة وأسرة مستقرة تثير ضغاينه،ولذلك سعى من خلال تنظيمه إلى بناء مجتمع معاد لأهل الخرطوم ، مجتمع يشابهه في أزماته النفسية..

وجود معمر في المجال العام خطر بكونه يعاني من مشاكل داخلية لا يمكن حلها إلا من خلال إيجاد أسرة تقوم بتبنيه لتعطيه دفء وشعور بالانتماء ينسيه قسوة ما عانى منه من الحرمان السابق .
الصورة للجنجويدي أبو الفقراء في مركز مناظير جديدة
حسبو البيلي
#السودان