المصلحة القومية National Interest – مناشدات وتلاويح كلام…

أي دولة في عالم اليوم تبحث عن مصلحتها… وهذا من المبادئ التي لا يتناطح فيها كبشان.. ولكن ماهي هذة المصلحة ومن الذي يحددها… وكيفية تنفيذها فهذا مجال أخذ ورد… الراعي الأول لمصلحة أي دولة هو حكومتها.. بغض النظر عن كيف جاءت هذة الحكومة… ليس هذا فحسب بل أصبحت شرعية أي حكومة في زماننا هذا تكتسب من مدى مراعاة الحكومة لهذه المصلحة القومية… بمعنى قد تكون حكومة منتخبة بطريقة ديمقراطية لافيها شق ولا طق…أي شرعيتها الدستورية كاملة الدسم… ولكنها ضعيفة وفرطت في المصلحة القومية.. تلقائياً سوف تفقد هذه مشروعيتها لأن ضعيت حقوق شعبها..
صياغة المصلحة القومية لأي دولة… تكيفها النخبة السياسية التي انبثقت عنها الحكومة… فإذا كانت النخبة وطنية ومخلصة وواعية ومدركة…. سوف تقنع شعبها برؤيتها للمصلحة القومية… وبالتالي سوف يسندها ذلك الشعب وتمضي بالمصلحة إلى الأمام… أما إذا كانت نخبة مخترقة أو أنانية أو منحازة لمصلحة ذاتية أو حزبية ضيقة أو جهوية أضيق أو غير مدركة… فسوف تفقد سند شعبها.. وتورد بلادها مورد التهلكة ..
إذن يا جماعة الخير.. عامة الشعب هو المحك وهو المؤتمن وفي نفس الوقت هو المختبر الذي تفحص من خلاله المصلحة القومية.. فإذا ضعفت الحكومات وزاغت النخب فإن الشعب هو المحصن من الانحراف .. فالأمة لا تجتمع على ضلالة… في عالم اليوم الشديد التشابك… الشديد التعقيدات لاتمضي المصلحة القومية في خط مستقيم.. بل فيها الكثير من التعرجات والانحناءت… (لا أنحني إلا لأرفع موطني).. خيط رفيع جدا يفصل بين هذا وبين (اللف والدوران).. المصلحة القومية أحيانا تقتضي تجرع السم… أحيانا تقتضي التنازل عن أثمن ما تملك في سبيل مصلحة أكبر.. (إذا اجتمع ضرران خذ بالأخف) كما تقول القاعدة الأصولية.. وقاعدة أخرى تقول (ما لايدرك كله لا يترك جله) … والمثل السوداني يقول (المال تلتو ولا كتلتو) .. لكن هذا المثل يجب أن يقرأ مع المثل الذي يقول…( أكان سلم العضم اللحم بلم) … فالتلت المتبقي من المال ينبغي أن يكون مشتملا على العظم… فإحياناً تنكد عليك الدنيا (فترى عدواً ما من صداقته بد) رحم الله المتنبي… ما ينطبق على الفرد هنا ينطبق على الدولة….
اليوم نحن في السودان نهوى أوطانا.. والثانية إن رحلنا بعيد نطرى خِلانا… أما الثالثة فإن مصلحتنا القومية أصبحت في حيص بيص حتما هي موجودة ولكن هناك من هال عليها التراب .. ليس بسبب الحرب الماثلة فقط بل بسبب ذات الظروف التي أدت للحرب… فالحرب جات نتيجة للتوهان الذي كان سائدا قبلها… و بالحرب وصل التوهان مداه.. لكن تظل المصلحة الوطنية موجودة ومركوزة… في وجدان هذا الشعب وإن تاهت عنها النخب.. هذا الشعب يعرف مصلحته جيدا.. وسوف يمضي نحوها وإن شاء الله سيخرج من متاهته الحالية…(كواريك) التشظي الحالية إن شاء الله إلى زوال طال الزمن أم قصر…
فيا أيتها النخب السياسية كافة وسعي دائرة النظر فانظري إلى شعبك وخذي منه زادك ونفسك وكفنك…
إلى الدول المهتمة بالشأن السوداني سلبا وايجابا.. لاتكفي بالنظر إلى الحكومة أو النخبة السياسية… انظري إلى الشعب السوداني… فهو شعب واعي ومدرك َ… فالنخب قد تكون مدلسة وانانية… أما الشعب فلا.. قدمي له السبت في محنته وسوف يعطيك الأحد فهو شعب وفي… يحفظ الجميل… وهو شعب يعرف مصلحته جيدا… فيا أيتها الدول المهتمة بالشأن السوداني مصلحتك الوطنية لا تتناقض مع مصلحة الشعب السوداني.. بل هي امتداد له…. ولعلاقة مستقبلية واعدة مدوا الجسور مع الشعب.. راهنوا على الشعب فلن تخسروا الرهان..
وأخيرا.. ياربي أنا قلت حاجة ولا كلام طير في الباقير؟ الشيخ ود بدر قال… الما بفهم بالتلاويح لا بيرح ولا بستريح.. فتكم بعافية..
دكتور عبد اللطيف البوني






