هل الحجاب ازدراء للمرأة؟
سبق وقلت إنني لن أكتب في أي شأن رياضي في مقالاتي في «الكويتية»، لأنني لا أريد أن يرى الناس مني وجهاً واحداً فقط، ولكني أحياناً أجد نفسي مضطرا أن أخلط ما بين الرياضة والثقافة والمجتمع وحتى السياسة والأدب، لأن كل هذه الأمور متداخلة في حياتنا شئنا أم أبينا.ومن الطبيعي أن أكون منحازا لديني وبيئتي وعروبتي، ولكني في الوقت نفسه من دعاة الاعتدال في كل شيء، لأنني سبق وغردت عبر «تويتر» أن العدو الرئيس للعرب هو التخلف والجهل والتطرف الديني والعنصرية (بكل أشكالها) والشخصنة، وعدم قبول الآخر، وعندما نتخلص من هذه الأمور يمكن لفلسطين أن تتحرر (على اعتبار أن إسرائيل هي العدو الأول)، ويمكن لشعوبنا أن تنعم بالرفاهية والحرية والديمقراطية وتتخلص من طغاتها والمتحكمين بمصائرها. والبعض عندنا يرى (في الغرب)- بنقطة فوق الغين – أنه منارة الديمقراطية والتطور والعلم والحرية و«الانفتاح».. وقد أتفق مع ثلاثة أرباع هذه الصفات، لكن معظم الغرب كان أيضا مُستعمرا ناهباً لثروات الشعوب، ويرى مصلحة شعوبه باستعباد الآخرين، كما فعلت فرنسا وبريطانيا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا وألمانيا، ومن بعدهم سيدتهم وكبيرتهم أميركا، التي تبحث أول ما تبحث عن مصلحتها حتى لو على حساب مصالح الآخرين وكرامتهم، والأمثلة أكثر من أن نحصيها. سبب كل هذه المقدمة «الصميدعية» أن إخوتنا في فرنسا الذين يتشبثون بالعلمانية (وفق تعريفهم ومنطقهم) يرفضون مبدأ الحجاب بالنسبة للمرأة، ويرونه امتهاناً لإنسانيتها رغم أن أول مبادئ الحرية هي حريات المعتقد والدين والتعبير، لهذا منعوه ويحاولون إجبار الآخرين على منعه حتى وصلت الأمور للرياضة!من حق المرأة العربية المسلمة أن تمارس الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص وأي رياضة أخرى تراها مناسبة لها، ومن حقها أيضا أن تحافظ على خياراتها الدينية والثقافية، ولهذا حاول الأمير علي بن الحسين نائب رئيس الفيفا مطولا وجاهدا كي يسمح لها باللعب وهي ترتدي الحجاب، وهو ما تمكن من انتزاع الموافقة عليه أخيرا، ولكن صحيفة «لوفيغارو» نقلت عن فريدريك تيريز رئيس رابطة الدوري الفرنسي كلاما قاسيا «يتنافى مع مبادئ الحرية الشخصية التي قامت عليها بلاده ـ أصلا ـ بثورتها الفرنسية»، وقال بالحرف «كرامة المرأة يجب ألا تسمح بأخذ الموافقة الدولية على ما هو علامة خارجية على إخضاع الرجل لها، فبهذا القرار نحن نقوم بازدراء المرأة»، ثم غمز من قناة دول الخليج وأنظمتها «الملكية»، التي أعتقد أنها هي التي فرضت هذا القرار على «الفيفا» كرمى لعيون استضافة قطر لنهائيات كأس العالم 2022، علما بأن البطولة للرجال ولن يلبسوا الحجاب فيها، اللهم إلا إذا كان يعتقد أن رجالنا محجبون أيضا!لن أدخل في جدل مسيحي ـ إسلامي، ولكن ديننا الحنيف يحترم كل الأديان وفي سورة البقرة يقول تعالى عز وجل: «والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون»، وهو دليل لا يقبل الجدل حول حالة التسامح الإسلامي تجاه كل الأديان الأخرى، ونحن أحوج ما نكون هذه الأيام للتخفيف من حدة الاحتقان الديني، الذي أوصلنا إلى التطرف وأوصل الغرب كي يرى فينا التهديد الأوحد بعد سقوط الشيوعية، وهم بتصرفاتهم هذه لا يساهمون أبدا في تخفيف هذا التوتر، بل يزيدونه حدة تحت مسمى «العلمانية»، وهي برأيي منهم براء.
[/JUSTIFY]