منوعات

القرضاوي: يمكن للمرأة تولي منصب رئاسة الجمهورية

[ALIGN=CENTER]8312009111754AMu[/ALIGN]

أكد العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على أنه للمرأة أن تتولى رئاسة الدولة ومنصب الإفتاء وعضوية البرلمان، فضلًا عن حقها في التصويت، مشددًا على أن المنطق الإسلامي في هذه القضايا يقوم على كون المرأة كائنًا كامل الأهلية.
واعتبر العلامة القرضاوي أن القول بغلبة الجانب العاطفي على المرأة لا يعني كونها فاقدة العقل والتمييز والإدراك، موضحًا أن الكفاءة والجدارة يجب أن تكون هي المعيار عند شغل المرأة لأي وظيفة، وأنه إذا ما تزاحم رجل وامرأة في مجال العمل، فإن الفوز يجب أن يكون في جانب الأجدر والأكثر كفاءة.
وانحاز القرضاوي، في حلقة الأمس من برنامج «فقه الحياة» الذي يذاع يوميا طوال شهر رمضان على قناة «أنا» الفضائية (تردد 12226 أفقي نايل سات ) ويقدمه أكرم كساب، إلى الرأي الفقهي الذي يقول بتولي المرأة جميع مناصب القضاء، لكنه شدد على ضرورة مراعاة التدرج في ذلك، وأن يؤخذ تطور المجتمع في الاعتبار.
وأشار إلى أن عمل المرأة قد يكون حقًا لها، إذا ما امتلكت المؤهلات المطلوبة لذلك، وقد يصبح واجبًا عليها إذا ما اقتضت مصلحة وحاجة الأسرة ذلك، وقد يكون الأمر حاجة مجتمعية، كونها الأنسب لتعليم النساء وتطبيبهن.
…………………………………………………………………………………………………………
?? نود في البداية أن تحدثنا عن حكم الإسلام في عمل المرأة، وهل لها أن تخرج تاركة خلفها أبناءها وبيتها؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا، وحبيبنا، ومعلمنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، أما بعد.
فإن مشكلتنا في هذه القضايا أننا نقع أبدًا بين طرفي الإفراط والتفريط، فهناك من ينظر إلى المرأة باعتبارها كائنًا ناقص الأهلية، وعليها أن تقع دائمًا تحت أسر الرجل، فهو الذي يتحكم فيها، وكثيرًا ما يحبسها بين الجدران الأربعة، مع أن الحبس في البيوت هذه جعله القرآن عقوبة لمن تأتي بالفاحشة، وذلك في أول الإسلام قبل أن يستقر التشريع، (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ).
ولكن هؤلاء يريدون أن يجعلوا هذه عقوبة دائمة للمرأة، هذا طرف، طرف آخر يريد أن يخرج المرأة من بيتها ومن وظيفتها، ومن أولادها، لتذهب يمينًا وشمالاً بلا قاعدة، ولا ضوابط وكلا الطرفين مرفوض.
?? وأين الموقف الوسط؟
الموقف الإسلامي دائمًا، هو الموقف الوسط، الموقف المعتدل، بين الطغيان والإنحسار (ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) حيث ينظر الإسلام إلى المرأة باعتبارها كائنًا كامل الأهلية مثل الرجل تمامًا، والقرآن يقول في هذا (بعضكم من بعض) (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عاملاً منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض) أي الرجل من المرأة، والمرأة من الرجل، كل واحد منهما يكمل الآخر، ولا تستغني المرأة عن الرجل، ولا يستغني عنها الرجل.
هذا معنى، والحديث النبوي يقول: «إنما النساء شقائق الرجال»، والآية الكريمة (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) فمن هنا كان للمرأة، بل على المرأة أن تعمل كما يعمل الرجل فيما يناسبها؛ لأن الله خلق الإنسان ليعمل، وليس فقط ليعمل بل ليعمل أحسن العمل، والقرآن يقول: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) وهذا خطاب للرجال وللنساء.
فالمرأة يجب أن تعمل فيما تستطيع إحسان العمل فيه، وكما على الرجل أن يعمل، فالمرأة لها أن تعمل بشروط وضوابط.
ضوابط وشروط
?? إذن الإسلام يقر ويعترف ببعض الفوارق الخلقية بين المرأة والرجل؟
طبعًا، الإسلام يقيم أحكامه بالنسبة للمرأة على أمرين أساسيين: الأول احترام الفطرة التي فطر الله الناس عليها، والله سبحانه وتعالى خلق الزوجين الذكر والأنثى، فهل هذا التفصيل بين الأمرين بأن جعل هناك جنسين عبث أم له حكمة؟ قطعًا لا يخلو عمل لله من حكمة؛ لأن من أسمائه الحكيم، ولا يخلق شيئًا عبثًا، كما لا يشرع شيئًا سدى.
الأمر الثاني: احترام وظيفة كل من الرجل والمرأة؛ لأنه بناء على هذه الفطرة تعددت الوظائف، المرأة لها وظيفة والرجل له وظيفة، فالرجل لا يحمل ولا يلد ولا يرضع، والمرأة تفعل هذا، ولذا ليس من المعقول أن تكلف المرأة بمثل ما يكلف الرجل، وبناء على هذين الأمرين، يجيز الإسلام للمرأة أن تعمل، فهي تعمل كما قلنا بضوابط وشروط.
?? ما هي إذن الشروط؟
أولاً أن يكون العمل مشروعًا، فلا يجوز أن تعمل المرأة في عمل غير مشروع، كما لا يجوز للرجل أن يعمل في عمل غير مشروع، ولكن توجد أشياء تجوز للرجل ولا تجوز للمرأة، فلا يجوز أن تعمل راقصة مثلاً، ولا يجوز أن تعمل سكرتيرة خاصة لرجل يغلق عليها مكتب، وتضاء لمبة حمراء؛ فلا يجوز الدخول، لأن خلوة المرأة بالرجل بلا زوج ولا محرم، محرمة بيقين وبالإجماع.
الأمر الثاني: هو ألا يكون هذا العمل منافيًا لوظيفتها الأساسية في مملكتها الأساسية كما تقول، فعملها الأول أنها زوجة تؤدي حقوق الزوجية، وأم تؤدي حقوق الأولاد، فإذا كان هذا العمل سيتعارض تمامًا مع ذلك، فهذا لا يقبل بحال.
الأمر الثالث: أن تلتزم بالآداب الإسلامية، مثل آداب الخروج واللبس والمشي والكلام والحركة، فلا يجوز أن تخرج متبرجة، ولا يجوز أن تخرج متعطرة ليشم الرجال ريحها، ولا يجوز أن تمشي كما قال تعالى: (ولايضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) أي تلبس حذاء بكعب عال وتضرب به في الأرض كأنها تقول للناس: «خذوا بالكم»، كما لا يجوز الكلام إلا بالمعروف (ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلنا قولًا معروفًا) فهذه آداب يجب أن تراعيها إذا قامت بعملها هذا.
حق أم واجب؟
?? لكن فضيلة الشيخ هل نعتبر من الشروط أن تكون هناك حاجة أو ضرورة لخروج المرأة إلى هذا العمل؟
هذا يتعلق بتكييف العمل، هل هو حق لها أم واجب عليها؟ إذا كان حقًا لها، كامرأة تعلمت وأصبحت طبيبة، أو مهندسة، أو معلمة، وتستطيع أن تفيدنا، فهذا من حقها، وليس من الضروري أن يكون هناك حاجة ولا ضرورة، إنما يكون العمل واجبًا عليها إذا كانت هي تحتاج إلى العمل، كأن تكون أرملة تركها زوجها مع أولادها ولا مورد لهم، ولا عائل يعولهم، وهي قادرة على أن تعمل هنا يجب عليها أن تعمل لسداد حاجتها ولا تمد يدها إلى الناس، أو أن تكون الأسرة محتاجة، فكثير من النساء يعملن من أجل رعاية أبويها الكبيرين، أو أخوتها الصغار بسبب وفاة أو عجز الأب.
كما أشار القرآن لذلك في قصة سيدنا موسى حينما ورد ماء مدين (ووجد أمة من الناس يسقون ووجد من دونهما امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير) إذ أشارتا إلى أن الذي دفعهما إلى رعاية الغنم، أن أباهما شيخ كبير لا يستطيع أن يقوم بهذا، ومعنى ذلك أن الأسرة في حاجة إلى العمل.
وأحيانًا يكون المجتمع نفسه في حاجة إلى عمل المرأة، فالمجتمع في حاجة إلى أن الذي يعلم البنات نساء مثلهن، والمجتمع المسلم أيضا في حاجة إلى أن الذي يمرض النساء هو النساء، العكس الرجال يمرضون الرجال، وفي الطب أيضًا حيث يفترض أن تذهب المرأة لطبيبة وليس لطبيب وخصوصًا في أمراض النساء والولادة، والمرأة عملها هنا يعكس حاجة المجتمع إلى هذا النوع من العمل.
?? هناك من يقول إن المرأة تزاحم الرجال في مجال العمل؛ لأن الرجال أيضًا في حاجة إلى هذا العمل، فما الحكم؟
ما دام المرأة ستؤدي عملها كما يؤديه الرجل فليتزاحموا، والذي يكسب المعركة هو الأفضل، حينما يتزاحم الناس على شيء من الذي يفوز؟ هو الأجدر، فإذا كانت أجدر من الرجال، فدع الرجل يحاول يقوي نفسه حتى يستطيع أن يزاحم المرأة، إنما إذا كان الرجال كسالى ولا يستطيعون أن يزاحموا النساء في هذا العمل، فلتذهب المرأة للعمل، وفي النهاية سيصب ناتج ذلك في مصلحة الأسرة، لأن الأسرة هي رجل وامرأة في الأساس، ثم يتفرع منهما ما يتفرع، فكل منهما متاح له أن يعمل والأولى هو الذي يسبق.
التصويت والترشح
?? هل ترى فضيلتكم أن الإسلام يفرق بين المرأة والرجل في ممارسة الحياة السياسية؟ بمعنى أن هذه الأمور للرجال وليس للنساء أن يدخلن في هذا الباب، سواء في باب الانتخاب، أو الترشيح؟
الذي أراه من خلال النظر في النصوص الشرعية، التي جاءت في الكتاب والسنة، وفي المقاصد من وراء النصوص، وفي القواعد التي قام عليها الفقه واستنبطها الفقهاء من استقراء أحكام كثيرة، أرى أن المرأة شريكة الرجل إلا فيما اختصت به فطرتها، أو تعلقت به وظيفتها، ونحن قلنا الإسلام يحترم الفطرة والوظيفة؛ لأن المرأة لها وظيفة غير وظيفة الرجل.
والأساس عندنا في هذه القضية هي الآية الكريمة من سورة التوبة: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة) وهذه الآية ذكرها الله ـ سبحانه وتعالى ـ في مقابل قوله: (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف) فأهل النفاق رجالاً ونساء يعملون على إفساد المجتمع وتغيير هويته خلال الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، ولذا فعلى الرجال والنساء المؤمنين أن يقاوموا هذا الباطل وهذا الفساد بوظيفة أخرى معاكسة، وهي أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر. وما دامت المرأة المؤمنة مثل الرجل المؤمن في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالأصل إذن أن تقوم بما يقوم به الرجال إلا إذا وجد مانع معين.
?? إذن فضيلتكم ترون جواز أن تدلي المرأة بصوتها في الأمور الانتخابية.
قطعًا، وهذا لأن تكييفي وتصويري للانتخاب، وهذا من خمسين سنة أو أكثر، هو أنه شهادة، والرجل يشهد والمرأة تشهد بأن هذا الرجل أصلح من غيره ليمثل هذه الدائرة، فتعطيه الصوت، أي تشهد له بالصلاح وتزكيه.
?? لكن ما رأي فضيلتكم في الرجل أو الزوج الذي يمنع زوجته أو ابنته من الإدلاء بصوتها، هل تعصي المرأة زوجها أو أباها وتخرج؟
حينما تصطدم الحقوق الخاصة بالحقوق العامة، أي الحقين نقدم؟ ففي مسألة الجهاد لما جاء بعض الناس يطلب من النبي أن يبايع ويجاهد، قال له: هل لك أب أو أم؟ قال: بلى كلاهما، قال ارجع ففيهما فجاهد، أو أرجع فأضحكهما كما أبكيتهما؛ لأن هذا فرض كفاية وهذا فرض عين.
وطاعة الزوج واجبة، وطاعة الأب واجبة، وأداء هذا الأمر الذي يتعلق بالأمة واجب، وأعتقد أنه ينبغي أن نؤثر ما هو حق للأمة على ما هو حق للأفراد، إلا إذا أدى ذلك إلى فتنة، بمعنى أن الأمور يجب أن يكون فيها نوع من الموازنة، فلو الأمر سيتفاقم، ويؤدي إلى أن المرأة تتفكك حياتها، وتنهار أسرتها، نقدر ذلك، وكذلك إذا كان الأب عصبيًا أو غضوبًا، فالإسلام يراعي هذا، ويعطي لكل مسألة حقها.
المرأة والبرلمان
?? ما رأي فضيلتكم في ترشيح المرأة لأن تكون عضوًا في البرلمان، وما شابه ذلك؟
لعلك تعلم أن لي فتوى قديمة، نشرت في كتاب «فتاوى معاصرة»، وفيها انتهيت إلى أن من حق المرأة أن ترشح نفسها لمجلس الشعب، أو مجلس النواب، أو مجلس الشورى، أو سميه المجلس التشريعي، الذي يحاسب الحكومة من ناحية ويراقبها، ويصدر التشريعات والقوانين من ناحية أخرى.
وقلت إن المرأة في هذا تدخل في قوله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم من بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) ولا يوجد نص يمنع المرأة من هذا الأمر، وبعض الأشياء تحتاج إلى وجود المرأة، فهي نصف المجتمع كما يقولون، وربما تكون أكثر من النصف إلى نظرنا إلى تأثيرها في زوجها وتأثيرها في أبنائها، فكيف نهمل هذا النصف، ولا يوجد من يمثله في المجلس الذي يصدر قوانين تتعلق بالمرأة، وتتعلق بالأسرة وتتعلق بالطفولة، وتتعلق بالشيخوخة، وللمرأة فيها رأي ربما يغيب عن بعض الرجال.
?? لكن فضيلتك ألا ترى أن المرأة يعتريها بعض الأشياء، مثل الدورة الشهرية، والحمل وآلامه، وكذلك يعتريها الوضع وأسقامه، والرضاعة وأتعابها.
المفروض أن المرأة التي تترشح في هذه المجالات، هي المرأة التي فرغت من هذه الأشياء، فليس معقولًا أن المرأة التي تحمل وترضع وعندها أطفال تذهب ترشح نفسها، لا يقول هذا عاقل، ولا يرضى المجتمع عن هذا، ولا يرضى زوجها، ولا يرضى أقاربها، إنما أحيانًا المرأة في سن معينة تكون قد فرغت من الحمل والإرضاع وكبر أولادها، ونضجت تجربتها، وأصبحت مؤهلة للمشاركة في الأعمال العامة، وهذه المرأة هي التي نرشحها للقضاء، على ما يقول أبو حنيفة، أو على ما يقول الظاهرية، وهي التي نرشحها للمجلس التشريعي؛ لأنها هي المؤهلة.
المرأة قاضية
?? إذن فضيلتكم تجيزون للمرأة أن تتولى القضاء؟
نعم، لكن بشروط معينة أيضًا.
?? لكن أليس يغلب على المرأة الجانب العاطفي أكثر من الجانب العقلي، ولعل هذا يؤثر على حكمها فيما تحكم؟
ما معنى يغلب عليها الجانب العاطفي؟ يعني لا تفكر، لا المرأة مثل الرجل، كما جاء في الحديث «إنما النساء شقائق الرجال» والمرأة في بعض الأحيان يكون رأيها أكثر سدادًا الرجل، ولعل قصة أم سلمى حينما استشارها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأشارت عليه بالرأي السديد في قصة الحديبية خير دليل، فليس كل امرأة قليلة العقل، أو العاطفة تغلب عليها، ونحن نقول إن المرأة بحكم تكوينها، الجانب العاطفي والوجداني أغلب عليها لغلبة الحنان والشفقة من أجل إعدادها للأمومة، ولكن لا يعني هذا أنها فقدت العقل والتمييز والإدراك.
?? في قضية القضاء فضيلتكم مع من: هل مع رأي الجمهور أم مع رأي أبي حنيفة، أم مع رأي الطبري وابن حزم الذي يقول بولاية المرأة للقضاء في كل شيء؟
أنا آخذ برأي الطبري وابن حزم، وإن كنت أرى التدرج، يعني أول ما تعمل المرأة قاضية ليس من الضروري أن تعمل في الجنايات، ممكن أن تعمل في الأحوال الشخصية وشئون الأسرة، وكما هو المعتاد تعمل في محكمة ابتدائية، ثم أعلى منها، ثم أعلى منها، وقد تكون محكمة فردية، أو محكمة مشاركة فيها كعضو من الأعضاء.
وأرى أنه لا نأخذ أي امرأة، فلابد أولاً تكون مؤهلة، وليس لأنها امرأة أفضلها على الرجال، وإذا كان هناك رجل أكفء منها وأقوى لماذا آخذ الأضعف وأترك الأقوى، وكذلك يجب أن تكون في عمر معقول؛ بمعنى بعد أن فرغت من الحمل والإرضاع وغيرهما، كما لابد أن المجتمع أيضًا يكون مؤهلاً لهذه القضية، وإذا كان المجتمع لا يسمح للمرأة أن تقود سيارة، فهل تعمل قاضية؟ فلابد أن يتطور المجتمع بحيث يقبل هذا الأمر.
شهادة المرأة
?? البعض يقول إن تنصيف شهادة المرأة بالنسبة للرجل أصل وارد في القرآن والسنة، فكيف لها أن تتولى منصب مثل منصب القضاء؟
إن القرآن حينما جعل شهادة امرأتين في أمور المعاملات المالية، تقوم مقام شهادة رجل واحد، لم يقصد الانتقاص من قدر المرأة أو التقليل من أهليتها، وإنما أراد الاستيثاق بحقوق الناس، وهذا جاء في آية معروفة في القرآن اسمها آية المداينة، وهي أطول آية في القرآن الكريم، ونزلت هذه الآية الطويلة في شأن واحد هو توثيق الدين، حتى لا يتناكر الناس الحقوق وتضيع الديون على أهلها (إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب…).
ومن ضمن الاستيثاق الشهادة، إذن فلماذا شهادة امرأتين تقوم مقام شهادة رجل واحد؟ لأن المرأة لا تملك أمر نفسها، قد تكون عندها ولادة، وقد يكون عندها حمل متعب، وقد يكون عندها الدورة وتأتيها بآلام، وقد يكون زوجها رجلًا متعنتًا، ويمنعها من حضور أداء الشهادة، ومعنى ذلك ضياع حقوق الناس، ولكي نستوثق حقوق الناس، قال تعالى استشهدوا بالرجال، فالرجل أجدر على هذا الأمر من المرأة، فإن لم يكونوا رجلين، فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء، ثم علل هذا، بأن النساء عادة لا يتذكرن الأمور المتعلقة بالمال، والمعاملات، وحتى لا تضيع هذه الأشياء، فبدل امرأة واحدة امرأتان، (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) وهذا كله لتستقر حقوق الناس ولا تضيع.
?? هل هذا التنصيف على الإطلاق، يعنى أن المرأة ليس لها أن تشهد بمفردها؟
لا، في بعض الأحيان، مثل: مسائل الرضاعة، يكفي امرأة واحدة، كذلك في أمور الحيض والولادة، وفي التجمعات النسائية قد تكفي شهادة امرأة واحدة، مثلاً في أعراس النساء، واحدة ضربت واحدة وهشمت رأسها، فمن أين نأتي برجل يشهد، أو في حمامات النساء إذا حدثت مشكلة بين واحدة وأخرى واعتدت عليها، فمن أين نأتي بالرجال؟ فهذه الأشياء معروفة.
ورواية الأحاديث، قالوا إن رواية المرأة مثل رواية الرجل، والمهم هو العدالة والضبط، والعجيب أنهم قالوا إن النساء لم يظهر فيهن امرأة كذابة مثلما في الرجال، مئات بل آلاف الكذابين.
الإفتاء ورئاسة الدولة
?? هذا يجعل الأخوات يفتخرن بهذا الأمر؟
نعم، فقد أجمع الفقهاء على أن المرأة تصلح للإفتاء، بمعنى أنه ليس من شروط الإفتاء الذكورة، والمرأة إذا استجمعت الشروط والمؤهلات العلمية والعملية والخلقية اللازمة للإفتاء تكون مفتية، وكانت السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ تفتي الصحابة رجالاً ونساءً، ولها استدراكات على علماء الصحابة، حيث ألف الزركشي، والسيوطي، وغيرهما في استدراكات عائشة على الصحابة.
?? هل للمرأة أن تفتي في كل شيء أم لها أمور مخصصة مثلاً؟
حسب تخصصها، فإذا كانت متبحرة في الفقه تفتي في كل شيء، وإذا كانت متبحرة في الأحوال الشخصية وفقه الأسرة، وليس لها في المعاملات، أو ليس لها في السياسة الشرعية تفتي فيما تحسن. والرجال كذلك، الرجل يفتي فيما يحسن الفتوى، فإذا كان فيه أمر لا يحسنه ينبغي أن يتحرى ويبتعد عن هذا الأمر حتى لا يقع فيما لا يرضي الله سبحانه وتعالى.
?? فضيلة الشيخ نصل إلى قمة الهرم كما يقولون، وهو تولي المرأة منصب رئاسة الدولة، فالبعض يقول بالجواز، وبعضهم لا يقول بذلك، ويلحق الأمر بالإمامة الكبرى؟
هذا الأمر يدور الكلام فيه حول حديث رواه البخاري عن أبي بكرة ـ رضي الله عنه ـ وجاء فيه قول النبي: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» وهذا قاله حينما ولى الفرس عليهم بنت كسرى بعد وفاة والدها، فبلغ ذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة».
?? يعني هذا كما يقولون هو حادثة عين؟
نعم، ولكن حادثة عين جاء فيها حديث بلفظ عام؛ لأنه قال «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» وهذه نكرة في سياق النفي، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم، وإنما هناك بحث آخر هل الأسباب لها علاقة بفهم ألفاظ العموم أم لا؟ هناك خلاف في هذه القضية، والرأي الراجح فيها أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ولكن، بعض المحققين مثل الإمام الشاطبي في «الموافقات»، قال إنه لابد أن نرجع فيها إلى أسباب النزول، وإلا وقعنا في الخطأ، وضرب لها أمثلة، موضحا أن ابن عمر كان يرى الحروريين أو الخوارج شر الناس لأنهم يأخذون ما نزل في المشركين ويجعلونه في المسلمين.
وأنا أرى أن هذا الحديث يجب أن يخصص؛ لأن القرآن ذكر لنا امرأة حكمت الرجال حكمًا عادلاً عاقلاً، وانتهت بهم إلى خيري الدنيا والآخرة، وهي ملكة سبأ «بلقيس»، فحينما جاءها الخطاب من سليمان (ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين) قالت: (يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرًا حتى تشهدون) امرأة شورية تستشير في كل شيء، قالوا لها (نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين) فوكلوا لها الأمر، ونظرت في الأمر بغاية الحكمة وحسن التدبير، وانتهت إلى أنها لم تدخل المعركة وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين.
?? لكن قد يعترض البعض هنا ويقول إن هذا شرع من قبلنا، وليس متفق على شرع من قبلنا؟
لماذا ذكرها القرآن إذن؟ هل القرآن يذكر هذه الأشياء عبثًا؟ أم يذكرها لننتفع بها (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) فلابد أن الإنسان يذكر له هذا النموذج، امرأة ومع هذا وصلت بقومها إلى النجاة من دخول حرب خاسرة لا معنى لها، وانتهت إلى الإسلام مع سليمان لله رب العالمين.
فهذا يدل على أنه ليس كل امرأة غير صالحة للحكم، ولكن هناك إجماعًا للفقهاء على أن المرأة لا تصلح للخلافة العامة، أو الإمامة العظمى، والتي هي خلافة المسلمين جميعًا، ولكن هل الرئاسة الإقليمية في الدول القطرية الحالية تدخل في الخلافة، أم أنها أشبه بولاية الأقاليم قديمًا.
?? إذن فضيلتكم ترى أنه ليس هناك ما يمنع من ترشح المرأة لرئاسة، أو لتولي منصب رئاسة الجمهورية.
نعم.

المصدر: صحيفة الراي العام

تعليق واحد

  1. وضربتم بالحديث المتفق عليه (ما فلح قوم قط ولو امرهم امراه) عرض الحائط مالكم كيف تحكمون كيف يمكن للمراه ان تكون رئيسة جمهوريه والله انه التقليد الاعمي لليهود و النصاري وعباد النار فكما ولي الغرب امراه امثال تاتشر وانديرا غاندي فلماذا لا نولي نحن وصدق المصطفي صلي الله عليه وسلم حين قال (لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا اليهود والنصاري قال فمن) اسال الله لنا ولكم الهدايه