ساندرا طه

بين ماء و نار ..


بين ماء و نار ..
لطالما شقيت بك , و أنت ياقلبي تحولني إلى متسولة حنان , سجينة خلف قضبان من رموش , رهينة عند عصابات الأماني العصية و عمري ينساب مع كل سحابة صيف و غيمة شتائية حبلى بالمطر , عمري عابر مع كل عابر و انا هنا لا أزال ,, في مكاني أعتنق إيماني بالمعجزات , أعتنق رجلاً كقانون الجاذبية و أذعن إليه مثل محوري في كواكب البشر .. ليتك لم تكن رفيقي في رحلتي أيها القلب و ليتني لم أعليك إمبراطوراً على عرش كياني , فكم بك شقيت ! و كم بدونك الآن أشقى !,

معك كنت اسعد من كل السعداء في الدنيا فابتسامتي كان قهقهة .. و فرحتي نشوة .. و كلامي أغنيات , معك كانت الأزاهير توشوشني و العصافير تحتفي بي و يغمز لي في الليالي ذلك القمر , و مع هذا معك يا قلبي كان وجومي غصة .. و يأسي غرق في بحر أسود و حزني كان انتحار , و اليوم ربما أنا قد فعلتها .. تحررت منك و تعلمت كيف أحب المنطقة الوسطى بين الجنة و الجحيم , تعلمت ان لا انشد الاستحالة .. أن اتصالح مع الأشياء الرمادية و لطالما كنت من نار و ماء .. فقد تعبت .. تعبت و كلت خطاي من جريي وراء الغيوم البيض و ملاحقة أنغام الصدى ,

تعلمت أن أتجاهلك حتى انساك , أنكر عليك ما تحسه كما أنكره من قبل كل العالم عليك , تعلمت ان افر منك لا معك , أن ازدريك أيها القلب كما كنت من قبل تزدريني , و مع هذا لازلت لست جزءاً من هذا العالم الذي له خريطة و حدود , لازلت لا أعرف أين أبدأ و أين أنتهي .. لا زلت صفراً من الأحلام فكل أحلامي كانت منقوشة على حيطانك , لا زلت غريبة و لم يعد من أزاهر توشوشني و لا قمر يغازلني و ريح يهدهدني في السهر , باختصارٍ لم اعد أنا ..

ارتحت اني أخيراً تحررت منك , و ارتحت لأنك يا قلب لم تعد مرآة بلور فيَ أخشى عليك أن تنكسر , و لم تعد مضافة بداخلي أحتوي فيك حباً ماجناً يلوثني بأحزان نشاز , لقد عدت نظيفة .. رشيقة بعد ريجيم قاسي من أجل حياة خالية من الحب و الدسم , حياة ليست معقدة , و اليوم أحلامي مثل أحلامهم سخيفة , عادية مغرقة في السأم . فقد عرفت أنك كنت تخدعني .. تغريني بالمستحيل .. و اليوم أسعد بدونك .. و مع ذلك كم بدونك أشقى

(أرشيف الكاتبة)
ساندرا طه – صحيفة حكايات