ساندرا طه

شكلة بنات!


شكلة بنات!
بمسطرة.. بخرطوم مياه.. بغصن شجرة.. بسلك كهربائي.. بسوط جلدي.. بحزام.. بأي شيء وكل شيء، تعددت الأساليب.. و ظل التعذيب واحداً، فالضحية هو طالب المدرسة والجلاد هو شخص فرضت عليه الظروف مهنة لا تناسبه ولا ترضي أطماعه، من المفروض أن يكون معلم، لكنه في الحقيقة وفي أغلب الأحيان مجرد ملقن وأحياناً هو ملقن رديء، مجرد ببغاء يردد مجموعة من المحفوظات، يحقد في الغالب الأعم على أذكى طلابه لأنه بالطبع سوف يبدوا عارياً من رداء حكمته الملفق.. فتبدو سوءة إفلاسه الفكري عند أول نقاش!.

في مجال خدمة العملاء يتم تدريب الموظف على مبدأ أن الزبون دائماً على حق، ومن واجبه أن يتكيف مع اختلافات البشر، فهو الطرف ذو الخبرة والذي يُتوقع منه بداهة التحلي بالمهارات المطلوبة، وبالطبع فإن مجرد توقع ذلك الموظف سلوكاً محدداً من الزبون يعد غباءً وافتقاراً للمهنية، في التعليم أيضاً من المفروض أن يكون الطالب على حق، لأن المعلم بداهة يفترض أن يكون الأكثر نضجاً وحكمة، وليس شخصاً يتبادل العداء مع أطفال ومراهقين لايحبهم أو لا يسلكون السلوك الموحد الذي يطالبهم به على اختلافهم!، ويظن أن له من التلميذ (اللحم) كي يبدع ويتفنن في رسم لوحات من القسوة والتشفي، ستترك بصماتها من العاهات النفسية.. الفكرية وربما الجسدية عليه قبل أن يبعث للأهل بحقهم في (العظم).

تمر الأيام و تتغير كذلك المفاهيم.. ببساطة نحن في زمن قد يخرج فيه المعلم مديته من جيبه ليطعن بها مراهقاً في المرحلة الثانوية يُعامل في دول أخرى معاملة القاصرين حتى في حال ارتكابه لجريمة حقيقية، أو يستدرج طفلة للفصل ليعتدي عليها بلا وازع من ضمير، أو في أفضل الأحوال يحشو رأسها بالنفايات الفكرية بإعطائها درس خصوصي في الحب مستغلاً فورة واندفاع المراهقة وثقافة الجيل، إذن دعوا اللحم ومعه العظم لكم وكفى إتكالية، وتجاوزوا تلك المفاهيم الخاصة (بالمواشي) والهش بالعصى إلى اعتبارهم عقلاً ومعه قلب، فالأمة قد أخذت كفايتها من السلبية والعاهات.

في الغرب وتحديداً في أميريكا وعلى الرغم من التطوير المستمر للمناهج التي تقوم على البحث وتشجع الطالب ليكون مفكراً وليس فقط (حفّيظاً) و متلقناً بالعصا، فإن هناك من أعربوا عن عدم رضاهم عن أوضاع التعليم وطالبوا بتأهيل المعلم أكثر، على الرغم من كون المعلم ربما يقدم للمحاكمة في حال إقامة أي علاقة شخصية مع طالبة، بينما نرسل نحن ببناتنا إلى مدارس تعج بالرجال وسط مجتمع يبيح زواج الطفلة ويمنح الرجال شرعية (البصبصة)، ونتقبل ببساطة أن يأتينا أستاذها في المدرسة طالباً القرب!..

جدير بالذكر أن مديرة مدرسة ثانوية عريقة اضطرت إلى نقل أحد المعلمين بعد أن اندلعت حرب البسوس بين الطالبات اللاتي عمدن إلى الإشتباك بالأيادي وشد الشعر، وبين فريق من المعلمات، وبعد أن عرفت أن محرك المشاكل هو (روميو زمانه) ومغامراته العاطفية داخل أسوارها قررت نقل الأستاذ ليعم السلام أرجاء المدرسة!. وعجبي!

إذن فالعنف في المدارس لا يقتصر فقط على الضرب، فمن الصور الأخرى ما هو أشد خطراً كالتحرش، فالأستاذ حين يتطلع إلى تلميذة بشكل غرائزي يكون ذلك أسوأ أشكال الاستغلال والمضايقة، لذا ربما علينا المطالبة (بجندرة) مدارسنا فكيف لنا أن نشعر بالأمان لإرسال مراهقة لطلب العلم وبناء شخصية مستقلة ومهارات تخولها للإنتقال إلى التعليم الجامعي بينما من الممكن ببساطة أن يستغل المعلم براءة وحداثة سنها، فتعود إلى بيتها عاشقة لا متعلمة!.

(أرشيف الكاتبة)
ساندرا طه – صحيفة حكايات