بأحمر الدم .. لا بالبنفسج ..
هذه الحقيقة واحدة من أخريات .. تجسد احدى تناقضات عالمنا .. لأنه و على عكس ما نؤمن به فالتحفظ عليها بداخلنا ليس هو بالضرورة ما سيجردنا من سعادتنا .. من نعمة الوثوق ، بل على العكس .. ربما سيحتفظ لنا بحقنا فيها .. سيقينا أكثر من جروح الخيانة و خيبات الأمل .. سيقلل كثيراً من احتمالات اغتيالنا .. و خذلاننا و مرارة تعرضنا للغدر ..
حدثني كما تشاء عن الحب و الوفاء .. عن الأمان .. و لكن هذا لن يغير حقيقة أننا بشر .. أنانيون .. مرتابون .. نهمون لملأ فجوات شهواتنا .. فلماذا نصر بببلاهة على تعرية أنفسنا أمام آخرين لا نملك معجزة الولوج إلى قلوبهم .. نستر على عيوبهم و نفضح عيوبنا لهم .. نطلعهم على ما نخشاه و ما نريده .. ما نحبه و ما نمقته .. حتى إذا ما جاء وقت المنعطف الصعب عرفوا من أين تؤكل أكتافنا .. عرفوا تماماً أين سيغرزون نصالهم المسنونة التي شحذوها منذ زمن ربما بلهيب غيرة بشرية آثمة من نفس تفتقر إلى الشعور بقيمتها .. أو بحقد دفين على ذنوب لم نرتكبها بنيت على لو و كل ما تفتحه من أبواب الوسوسة ..
لماذا نتوقع بسذاجة أن يحفظوا أسرارنا التي عجزنا عن صونها .. أن يغضوا الطرف عن ثقوبنا بينما اشرنا لهم عليها مراراً .. بينما المهبات و العواصف آتية و هم ربما صغيرو الهمم .. عاديون أو ضعفاء .. و بينما قالوا قديماً أن ثالث المحالات خل وفي ..
لا زال بأمكاننا الوثوق بمن نحبهم .. أن نختبر معهم السقوط الآمن .. أن نشاركهم أفراحنا و أحزاننا .. و مع هذا لا نعاملهم كأنهم أبطال مسرحية اليوتوبيا .. كأنهم مثاليون .. آمنون .. نثق بهم بعدل و حكمة .. بروية و حذر .. و مهما كانت درجة إيماننا بخيرهم .. لا تملّك يد أحد .. أي أحد و كيفما كان .. مقتلك !.
(أرشيف الكاتبة)