تحقيقات وتقارير

الاعتداء على العاملين في المجال الطبي : الدائرة تتسع.. !!

? قصة محمد الذي تم الاعتداء عليه بمستشفي امبريال من قبل اقارب احدى المريضات لم تكن الاولى وليست الاخيرة في سلسلة الاعتداءات التي يتعرض لها العاملون في الحقل الصحي.. ولكنها تؤكد اتساع دائرة الاعتداءات لتشمل غير الاطباء وهو شيء ربما برز بصورة اكبر بمستشفيات القطاع الخاص … اسئلة كثيرة تدور حول هذا الامر ومدى انتشاره.. والظروف والدوافع التي تقود مرافقي المرضى للاعتداء… وكيف يمكن السيطرة .. وما دور الجهات المسؤولة تجاه ما يحدث
? الاستاذ محمد عباس محمد عمر مدير ادارة التنويم ورئيس قسم الاستقبالات والامن بمستشفى «امبريال» الخاص الذي زرته الاسبوع الماضي وهو طريح الفراش الابيض بالغرفة رقم «406» بالمستشفى … روى قصته قائلا «اقوم بعمل الاجراءات اللازمة للمرضى من تخفيض الرسوم واختيار الغرفة ..الخ» .. وتابع «حضر احدهم الى المستشفى بواسطة زميل لنا في العمل، قال لي ان والدة هذا الشخص مصابة بالسرطان.. فقمت بالتعاون معه وتخفيض الرسوم لاقصي حد ممكن.. وكان من المفترض ان يدفع مبلغ «2» الف جنيه مقدما، ولكنه اعتذر بعدم توفر كل المبلغ وقام بدفع 400 ج على ان يكمل الباقي في اليوم التالي .. ولكنه لم يحضر ولم يعتذر حتى اليوم الثالث، حتى اتصلت انا به فأتاني غاضبا ومستنكرا ان اتصل به طلبا لبقية المبلغ» .. ويواصل محمد سرد ما حدث قائلا «تقرر في المساء ان تدخل والدته المريضة الى غرفة العناية المكثفة، ومن المعروف ان حساباتها المالية تختلف بنسبة 80% .. فاستدعيته واخبرته ان اليوم الواحد بالعناية يكلف مبلغ «كذا» .. ولكنه رفض، وقال انه لن يدفع «نهائيا» وبدأ يتخذ اسلوبا اقرب الى التهديد بعد ان اغلق باب المكتب وكان يحاول ان يوصل لي انه يتبع لجهة امنية «وعلمت لاحقا ان والده لواء بالمعاش».. فحاولت تهدئته واخباره بأن بامكانه ان يكتب تعهدا او شيكا بالمبلغ ولكنه رفض رفضا باتا.
? يقول محمد انه ولكي يخلي مسؤوليته ذهب الى افراد الامن بالمستشفى واخبرهم انه لم يعطِ اذن دخول لهذه المرأة لغرفة العناية … ويضيف «دخلت مكتبي فدخل ورائي 4 اشخاص «ابن المرأة المريضة واخته واثنان من اقربائهم احدهما برتبة عقيد» .. واخبرني العقيد انه سيكتب التعهد ولكن ابن المريضة والآخر «هاجا وماجا» حتى اخرجهم افراد الامن .. ولكنهم حضروا مرة اخرى وقام احدهم «بخنقي» وأنا منهمك مع احد المرافقين في كتابة بعض الاوراق.. بينما كان الآخر يضربني على الحائط حتي اغمي عليَّ.. فهرب الاثنان والقت الشرطة القبض على العقيد ومعه شخص آخر قبل ان تطلق سراحهما بعد ان سلم الهاربان نفسيهما للشرطة .. وتم نقلي لمستشفى الخرطوم واستخراج اورنيك «8» من قسم الاصابات والمخ، واوضح التقرير وجود آثار خنق وكدمات ونقص في الاوكسجين، وقد دخلت في غيبوبة ليومين والي الآن لدى مشاكل في الرؤية وآلام في الرقبة وارتفاع بضغط الدم».
? سألته عن الإجراءات القانونية التي تم اتخاذها، فقال «المستشفى من جانبها فتحت بلاغا بالاعتداء على مواطن اثناء تادية عمله، واحداث ازعاج عام وتلف لاجهزة المكتب، كما ساقوم باتخاذ الاجراءات القانونية الخاصة بي وفقا لاورنيك «8» الذي استخرجته من مستشفى الخرطوم».
? الحادثة السابقة التي حدثت بمستشفي خاص .. اصبحت تتكرر بطرق مختلفة ولاسباب مختلفة بالمستشفيات الخاصة، ولكن غالبا ما تحدث بسبب المبالغ المالية التي يعجز البعض عن دفع قيمتها، مثل حادثة الطالب الذي قام احد المستوصفات الخاصة باحتجازه وعدم السماح له بالمغادرة الا بعد ان يدفع الرسوم، مما احدث احتكاكات بين اقارب الطالب وبعض العاملين في المستشفى… ويبدو ان المستشفيات الخاصة افرزت انواعا جديدة من الاعتداءات بالمستشفيات، فبعد ان كانت تصيب الاطباء بسبب اتهام ذوي المرضى لهم بالاهمال، اصبحت الآن تطال حتى العاملين في الادارات الاخرى خاصة الحسابات.. وبغض النظر عن الدافع وراء الاعتداء سواء في المستشفيات والمستوصفات الخاصة او العامة .. يبقى أن استخدام العنف والضرب وتسبيب الاذى اسلوب لا يقره ولا يباركه احد.
ووجهت السؤال لدكتور عبد الله عبد الكريم مدير مستشفى الخرطوم عن اسباب الاعتداء على الاطباء والعاملين في المجال الصحي بالمستشفى، فقال «الاعتداءات بمستشفى الخرطوم تحدث في مواجهة الاطباء بسبب ان المرضى ومرافقيهم في الحالات الحرجة «حادث حركة، حالة غيبوبة»، وفي أحيان كثيرة لا يقدرون حجم عمل الاطباء، ويعتقدون ان هناك قصورا من جانب الطبيب».. وضرب مثلا بالقول «في آخر مرة كان هنالك شخص مصاب في حادث حركة وحالته متأخر، وذهب الطبيب ليحضر له زجاجة دم وتأخر، فاعتقد مرافقو المصاب ان الطبيب اهمله فقاموا بضرب الاطباء، والسبب في اعتقادي سوء تفاهم بين الاطباء والعاملين في الحقل الطبي والمرضى.
? وعما إذا كانت هنالك نوعية معينة من المرضى هي التي يقوم مرافقوها بالاعتداء، قال «آخر ثلاثة حوادث كان المرضى فيها مصابين في حوادث حركة ومرافقوهم في حالة نفسية، ويحدث التصادم لأنهم لا يفهمون ما يقوم به الطبيب من عمل.. لذلك يفترض أن يشرح لهم ويعطيهم دقيقتين من وقته لاطلاعهم على حالة مريضهم. ولكن نحن طريقتنا في التعامل تقوم على عدم الصراحة في شرح الحالة» .. ويرى عبد الله ان الاعتداء على الاطباء بمستشفى الخرطوم الآن افضل حالا من السابق.
? وهناك ملاحظة في الاعتداءات على الاطباء والعاملين في الحقل الطبي، وهي ان الاعتداء دائم ما يحدث من منسوب او منسوبين لاحد الاجهزة الامنية، كما حدث لمحمد الذي ذكرت قصته في بداية التحقيق .. وهنالك الكثير من الأمثلة التي حدثت وتناولتها الصحف بعد ان تطورت في معظمها الى اضراب عن العمل من جانب الاطباء، حيث دخل اطباء مدني في وقت سابق في اضراب عن العمل استمر «48» ساعة احتجاجا على الاعتداء الذي تعرض له احد زملائهم أثناء مزاولته لعمله داخل مستشفى المدينة، على يد أحد منسوبي القوات النظامية، بعدما قاموا برفع مذكرة لوزير الصحة بالولاية ومدير الشرطة وقائد المنطقة العسكرية، حوت عدة مطالب على رأسها رفع الحصانة عن المعتدي لمحاسبته قانونياً على ما قام به من فعل.. كما كانت ادارة جهاز الأمن بنيالا قد فتحت من قبل الباب للتحقيق مع بعض منسوبيها الذين قاموا بالاعتداء على احد الاطباء بمدينة نيالا، سألت عبد الله عنها فقال «نعم في معظم الاحيان تحدث الاعتداءات من منسوبين لأجهزة امنية مختلفة».
? وعن رد فعل الأطباء العاملين بالمستشفى تجاه تعرض زميل لهم للضرب، قال عبد الله «الأطباء يتوقفون عن العمل، ونحن بصفتنا إدارة نقوم بتهدئتهم ومحاولة السيطرة على الاوضاع، وطمأنة الاطباء بأننا لن نتهاون في ايصال الأمر لاعلى درجاته، ونقوم من جانبنا بفتح بلاغ جنائي.. ولدينا بالحوادث قسم شرطة أمنية للتعامل مع مثل هذه الحالات.. فالاعتداء على الاطباء يعتبر اعتداءً على مواطن اثناء تأدية عمله».. ويواصل عبد الله قائلاً إنه تتم ادانة المعتدي، وفي أحيانٍ كثيرة يتدخل «الأجاويد»، ويتم الاعتذار ويعفو الاطباء في كثير من الاحيان، وفي احيان أخرى تنفذ العقوبة التي تتراوح ما بين السجن والغرامة.
«نواصل»
سلمي فتح الباب :الصحافة

تعليق واحد

  1. والله االطبيب السودانى خاصه مخلص جدا والله نص المرتبات واحيانا الحافز يروح للفقراء من المرضى … الا الجهل وحب التسلط واحيانا الفقر يودى الى ماحصل ودا كله عشان مرتب بتاع الاورنيش يطلع ضعفه فى يومين قال طب قال …النصيحه لكل اب اوع تدرس ابنك طب وتطيع مستقبله ….تعمل فى مستشفى 16 ساعه اخر اليوم تتعرض للاساءه عشان تحصل على ملاليم …. بس الاخرة خير وابقى والله الزمن دا البلاده رحمه