مصطفى الآغا

سامي الجابر والبناء


[JUSTIFY]
سامي الجابر والبناء

لا يخفى على أحد الصداقة التي تربطني بالكابتن سامي الجابر، وهي صداقة شخصية لا يمكن أن أجعلها تؤثر في مهنيتي أو رؤيتي للأمور من زاوية الحقيقة المجردة، وليس من زاوية الصداقة أو الشخصنة، كما يحدث كثيراً في الأوساط الإعلامية، لدرجة أننا نعرف سلفاً ما الذي سيكتبه فلان أو علان؟

لأن الولاءات هذه الأيام باتت لأشخاص على حساب الكيانات، وهو ما يسهم إلى حد كبير في تلوين الحقائق وتغيير المواقف بين ليلة وضحاها. ولا أدعي حتماً أن الآخرين يرون فيّ رجلاً محايداً، لأنك عندما تعلن صداقاتك يعتقد الآخرون خطأ أنها إعلان لتوضيح ميولك، وأنا أيضاً أعلنت وبكل وضوح صداقتي الكبيرة والعتيقة مع إبراهيم البلوي رئيس نادي الاتحاد الحالي، وهي تعود إلى عام 2004 يوم التقيته في سيول بكوريا الجنوبية، وكان رئيس بعثة الاتحاد لإياب نهائي دوري أبطال آسيا، وكان الفريق وقتها من دون مدرب بعد إقالة إيفيتش وتسلم دراغان المهمة موقتاً، وهو ليس له أي تاريخ تدريبي، وكان الاتحاد وقتها خسر الذهاب على أرضه بثلاثية جعلت 99 في المئة من الناس يعتقدون ألّا فرصة له في مباراة الذهاب في كوريا، وسط أجواء شديدة البرودة وصلت إلى خمسة تحت الصفر، وجمهور كبير آزر فريق سيونغ نام الذي سقط على أرضه بالخمسة، وتوّج يومها الاتحاد بأول ألقابه القارية في نظامها الجديد. أيضاً أستطيع إعلان صداقتي للأمير فهد بن خالد رئيس الأهلي، وعبدالعزيز الدوسري رئيس الاتفاق، وعبدالعزيز العفالق رئيس الفتح، وخالد البلطان رئيس الشباب السابق، وهذيل آل شرمة رئيس نجران، وعشرات ومئات من رؤساء الأندية والاتحادات، وهذا لا يعني أنني أشجع كل أنديتهم أو أقف معهم ظالمين أو مظلومين.

المهم أن سامي هو رمز هلالي على رغم أنه يعمل حالياً مشرفاً عاماً ومتحدثاً رسمياً باسم النادي العربي القطري، ولهذا استضفته هاتفياً من الدوحة بعد أول فوز لفريقه العربي على الخور في دوري نجوم قطر، وفي سياق حديثه، ولأنه تحدث عن استراتيجية العربي الجديدة، وهي التركيز على البناء والاستقرار الفني والإداري، كان لا بد لي من أن أداخل فأقول له إنه يعرف تماماً أن النتائج هي التي تتحكم بمصائر المدربين والأطقم الفنية في بلادنا، وحتى في العالم بأسره (مع بعض الاستثناءات) وهنا شعر سامي بأنني أقصد تجربته مع الهلال، فقال بالحرف إن الفريق الحالي الذي شاهدناه أمام السد هو أيضاً نتيجة تسعة أشهر قضاها شخصياً في بناء الفريق ومحاولة خلق التجانس بين أفراده، وهو ما أتفق معه عليه، لأن أي مدرب في الكون لا يمكن أن تكون له بصمة فورية مهما كانت تجربته وخبرته وشخصيته، ولكن في الوقت نفسه تكون النتائج مساعدة له، ورأينا قبل أسبوع واحد كيف تحول الهولندي لويس فان غال من ملك متوّج على عرش مانشستر يونايتد التدريبي، إلى شيطان أدخل الرعب في قلوب متابعيه، بحسب تصريحه هو وبحسب تصريحات أحد أساطير المان بول سكولز، فقط لأن مانشستر خسر أولى مبارياته في الدوري أمام سوانزي بهدفين في مقابل هدف، فكانت أول خسارة له في مبارياته الافتتاحية منذ 42 عاماً، وهاجت الصحافة على فان غال وماجت على رغم أنها نفسها من جعلته ملكاً على عرش التدريب، ولهذا قال الرجل بالحرف «لا يمكن أن أتحول من ملك إلى شيطان بين يوم وليلة، ولم يتعاقد معي مان يونايتد لأنني رجل لطيف، بل اختارني بسبب فلسفتي، ولم يتم تعييني لتتم إقالتي بعدها مباشرة. تم تعييني لبناء فريق جديد. هذه المسألة تحتاج إلى وقت».

نعم الوقت هو الكلمة السحرية، والشيفرة الخاصة بالنجاح على المدى المنظور وليس النجاح الآني، ولهذا تتعثر كرتنا العربية وستظل تتعثر ما لم نمنح المدربين أصحاب الخبرات الهائلة الوقت كي يبنوا ما لا يمكن بناؤه بين ليلة وضحاها كما يريد البعض منا ومنكم.
[/JUSTIFY] [email]Agha2022@hotmail.com[/email]