(روح الإمارات)
أعترف بأنني معجب جداً بتجربة دبي خصوصاً والإمارات عموماً البشرية والعمرانية، وأقول البشرية أولاً لأنني على تماس مباشر بمعظم أصحاب القرار من شيوخ ومسؤولين ووزراء، وصولاً لتعاملي اليومي في الإدارات الحكومية وهم دربوا كوادرهم على احترام القانون وتطبيقه على أنفسهم قبل الجميع، وبالأمس كنت مع وزير الصحة عبدالرحمن محمد العويس، وكان يتحدث عن كيف يحترم هو نفسه قوانين بلاده عندما ينزع حزامه وساعته وكل ما في جيوبه حين يمر بنقاط التفتيش في المطار (على رغم أنه وزير) وحتى نعرف من أين أتت هذه الثقافة، وأتذكر أن حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد وقف هو نفسه بالدور في حفلة الإفطار السنوية التي يقيمها سنوياً للعاملين في وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية المقيمين في الإمارات فكان القدوة، ومن يعرف محمد بن راشد سيتأكد أنني لا أجامل هذا الرجل الذي جعل من المستحيل مجرد كلمة، ولا أريد منه شيئاً سوى أن يُعمّم فكره وتجربته الناجحة على الراغبين في الاستفادة منها، على رغم أن البعض (ينظر دائماً إلى نصف الكأس الفارغة)، وهؤلاء لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب.
وولي عهد دبي الشيخ حمدان بن محمد هو تجسيد حقيقي لفكر ومقولات والده، وهو رياضي من الطراز الأول في رياضات تنافسية وأخرى تستلزم شجاعة فائقة، فهو من أمهر وأشهر القافزين بالمظلات والغطس في أعماق المياه ولاعب كرة ويركب الدراجات الهوائية والمائية وقائد لمنتخب بلاده في الفروسية، وها هو يتوّج يوم الخميس بطلاً للعالم في سباقات القدرة في واحد من أصعب السباقات عبر تاريخ هذه اللعبة لمسافة 160 كيلومتراً، ووسط ظروف مناخية غير موجودة في الإمارات من أمطار ووحول، وعلى رغم انسحاب زملائه بالفريق واحداً تلو الآخر، إلا أنه أصر على إنهاء السباق، ولأنه ابن محمد بن راشد، فقد كان يعي تماماً أن المركز الثاني مثل الأخير فاستجمع كل قواه وتركيزه ووصل أولاً ونال بطولة الفردي، وعندما عاد لبلاده الإمارات خصني بحوار حصري وفاجأتني صراحته المتناهية عندما سألته إن كان في لحظة من اللحظات شعر بالضعف أو القلق (وعادة يقول الأبطال أبداً فقد كنت واثقاً من الفوز)، ولكنه قال نعم في لحظات شعرت بالقلق لا بل (وتحطمت معنوياً) بعد انسحاب زملائي وعندما قلت له إنك اليوم بطل للعالم فماذا بعد. فابتسم ابتسامة الواثق وقال: «الإمارات هي بطلة العالم وليس أنا».
بهذه الروح وهذه العزيمة والإصرار والأهم التواضع والشفافية، بنت الإمارات صرحها البشري والعمراني، فباتت تتوقع 120 مليون زائر عام 2020، وهو موعد استضافتها لمعرض إكسبو الذي هزمت فيه قوة عظمى مثل روسيا وأخرى لا تقل عنها مثل البرازيل وثالثة إقليمية هي تركيا وانتزعته منها.
ولأن الإماراتيين يتمتعون بهذه الروح، فيبدو أن طموحاتهم بلا سقف ولا نهاية.
[/JUSTIFY]