الأميركي الطيب
منذ وعيت على الدنيا وأنا أكره أميركا، التي كانت ولاتزال رمزا للإمبريالية العالمية ومركز القرار الأقوى في العالم.. هذا القرار دائما ضدنا، كعرب، وأتحدث “ضدنا”، أي ضد القرارات التي تصب في مصلحة القضية الفلسطينية وقضايانا العادلة، أو التي نراها عادلة من وجهة نظرنا السياسية والتاريخية والجغرافية والديموغرافية والإنسانية والقانونية، ولكن كل وجهات النظر هذه “صفر عالشمال”، عندما تتعلق وجهة النظر الأميركية بالابنة الصغرى مساحة والكبرى قوة وهيمنة على القرار الأميركي نفسه، وأقصد “إسرائيل” طبعا.
ولكن، وللأمانة، فالشعب الأميركي شعب بسيط وطيب إلى أبعد درجات الطيبة، حتى تكاد تعتقد بأنه “شعب درويش”، وهو في غالبيته لا علاقة له بالسياسة الخارجية لبلده، ولا حتى الداخلية، فما يهمه هو الضرائب والتعليم والصحة وتأمين لقمة العيش، ولهذا فهو شعب “جاهل بقضايانا” بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.. لا، بل حتى هو بمعظمه لا يعرف أين نقع على الخريطة، وهنا تكمن الخطورة.
فالشعب الجاهل (سياسيا) من السهل خداعه والضحك عليه وتسميم أفكاره وتوجيه بوصلته، وفق ما يريد السياسيون المحنكون، الذين تعتقد بأنهم من كوكب آخر، أو من شعب آخر، غير الشعب الأميركي، وأعتقد بأننا -كعرب- فشلنا في الوصول للشعب الأميركي (الطيب)، مقابل انشغالنا (أو انشغال أصحاب القرار) باسترضاء السياسي الأميركي، أو محاولة استمالته، رغم أننا متأكدون مئة بالمئة أنه لن يقف معنا ضد إسرائيل، ولا ضد مصالحه، والمشكلة الأكبر -باعتقادي- هي أننا، كعرب، لا نعرف ما الذي نريده من الآخرين، وإن عرفنا ما نريد، فلا نعرف كيف نصل لما نريد، وسط تخبط بالرأي وانقسام بالرؤية، وتغليب الخاص على العام في غالب الأحيان، رغم الادعاءات بعكس ذلك من قبل الجميع تقريبا.
وقد يتساءل البعض: لماذا نحاول الوصول للشعب الأميركي (الطيب برأيك) طالما أنه لا يهش ولا ينش، وليس صاحب القرار في سياسة بلده الدولية؟.. وهنا أرد بالقول إن المواطن الأميركي (الجاهل بنا وبحقيقتنا وبقضايانا) هو الخامة التي تتغلغل فيها الأفكار والصور عنا كعرب (جهلة إرهابيون متعطشون للدم، نهين كرامة المرأة ونذلها، ولا نسمح لها بالتعبير عن رأيها أو قناعاتها أو اختيار زوجها، ونحن متشددون دينيا حد التطرف)، وهو ما أذهلني في زيارتي الأخيرة لولايتي تكساس ونيفادا، وربما يكون السبب أن صحافيين أميركيين قُطع رأسيهما منذ شهر تقريبا، ودمهما لم يجف بعد، ولكن أخطر ما في كل هذه المقالة، هو أن الأميركي على العموم ينظر للعربي والمسلم و”داعش” و”النصرة” و”طالبان” وقراصنة الصومال على أنهم…. وااااااحد.
نعم، كلنا بنظر الأميركي من نفس الطينة والعجينة، ولهذا نحن بحاجة هنا للوصول للشعب الأميركي، وليس للسياسي الأميركي، ويجب تغيير نظرتهم عنا، وإلا سنبقى كلنا.. إرهابيين.
[/JUSTIFY]