مصطفى الآغا

بلا أبو قراط بلا أمّ قراط


[JUSTIFY]
بلا أبو قراط بلا أمّ قراط

لمن لا يعرفه الأخ أبو قراط فهو “ابن إقليدس بن أبقراط من عشيرة أبوقراط الشهيرة، ولد سنة 460 قبل الميلاد وهو أبو الأطباء”.
عاش خمسا وتسعين سنة تعلم خلالها الطب من أبيه وجده، ولما رأى أن العلوم الطبية آخذة في الانقراض بانقراض أعلامها ونوابغها، وجد أن أفضل طريقة لحفظها من الضياع هو تعميمها على أرجاء العالم، وتسهيل تناولها على الناس لتصل إلى من قد يكونون من النوابغ فيها، وهو صاحب المقولة الشهيرة “إن الجود بالخير يجب أن يكون على كل أحد يستحقه قريبا كان أو بعيدا”.
أخونا أبو قراط جمع بعض الغرباء وعلمهم الطب، وعهد إليهم العهد الذي كتبه وبات يُعرف باسم قسم أبو قراط، ويُقسم على بعض ما جاء فيه كل الأطباء في العالم.
القسم الأساسي طويل أختصر أهم ما فيه وهو “أقسم أن أستخدم العلاج لمنفعة المرضى بحسب مقدرتي وحكمتي، وأن أمتنع في استخدامه في فعل فيه أذى أو ظلم، وألا أعطي أحداً سماً إذا طلب مني أن أفعل ذلك، وألا أشير بفعله، وألا أضع لامرأة فرزجة تسقط جنينها، وأن أقضي حياتي وأمارس فني في النقاوة والطهر، وألا أشق مثانة فيها حصيات، بل أتخلى عن ذلك لمن يحترف هذا العمل، وألا أدخل منزلاً إلا لمنفعة المرضى، وأن أبتعد عن كل إساءة مقصودة أو أذى متعمد، وأن أمتنع بوجه خاص عن إغواء أي امرأة أو فتى سواء أكان من الأحرار أم الأرقاء، وألا أتحدث بما لا يجوز إفشاؤه مما أرى أو أسمع في أثناء علاج المرضى أو في أوقات أخرى، معتبراً أن الكتمان واجب علي، فإذا ألزمت نفسي بإطاعة هذا القسم ولم أحنث به، فإني أرجو أن أنعم بحياتي وبمهنتي، وأن أبقى دوماً وأبداً محموداً في الناس جميعاً، أما إذا نقضت هذا العهد وحنثت بقسمي فليحل بي نقيض ما رجوت”.
أما سبب الحديث عن أبو قراط وقسمه فهو الحالة المزرية والمُهينة التي وصل إليها “بعض” الأطباء في منطقتنا والعالم، فنسوا قسم أبو قراط ونسوا أم قراط وأعمى وجوههم “القيراط الذهبي والقراريط من الأراضي والقوارير والجوارير المملوءة بالمال والدولارات”، فصار الطب تجارة وصرنا ندخل المشافي برشح أو أنفلونزا أو ألم في الظهر أو حبة في الوجه، فنخرج بتصوير أشعة سينية وطبقية محورية، ورنين مغناطيسي وتحليل بول ودم، وعلاج فيزيائي وكيميائي، وأولترا ساوند وأمواج ما وراء الميتافيزيقية، وإبر موضعية كورتيزونية، وربما يجبرونك على فحص العينين والأذنين، ويعطونك فحص الحنجرة بالمجان، فتدخل مستورا ماليا وتخرج مكسورا ماليا ونفسيا وجسديا وصحيا، وعندي ألف مليون تريليون مثال حي على ما أقول، وستكون قصتي الشخصية مع جماعة أبو قراط في المقالة المقبلة، إن أعطاني الله العمر ولم أذهب لأي منهم..
قولوا آمين يارب العالمين.
[/JUSTIFY] [email]Agha2022@hotmail.com[/email]