الكبير أو العالمي!
فمن يكتب مقالة أو يصف مباراة لا يستحق طبعاً أن يتم إطلاق صفة إعلامي عليه، فهو صحافي أو كاتب، وإذا اعتقد البعض أن كل من يعمل في الإعلام هو إعلامي فهذا يعني أن المصور والمونتير ومهندس الصوت والمخرج والمحرر والمدقق اللغوي إعلاميون أيضاً، وأعرف أن البعض لو بقيت أتحدث معهم حتى الصباح عن الصح والخطأ فلن يقتنعوا… والسبب هو وجود قناعات راسخة من خلال أخطاء شائعة تطورت وترسخت حتى باتت حقائق وأمراً واقعاً…
وعلى ذكر القناعات فعبارة «مدرب عالمي» أو «مدرب كبير» لا يمكن إطلاقها هي الأخرى على كل من هب ودب، فمثلاً كانت الصفة التي تسبق البرتغالي بيريرا هي «المدرب العالمي»، ولا أعرف ماذا تعني كلمة «عالمي» هنا وهو لم يدرب قبل الأهلي السعودي سوى فريق بلاده بورتو مدة عامين، وقبلها كان مساعداً للفريق نفسه، وقبلها درب أندية سانتا كلارا وإسبينيو وسانجوانينسي وبادروينسي للناشئين… فكيف صار عالمياً؟
فالعالمي تعني أن صيته وصل كل أرجاء العالم، مثل السير آليكس فيرغيسون ومورينيو وفينغر، أو أنه نال ألقاباً قارية وعالمية مع بلاده أو ناديه، مثل ليبي وسكولاري وكارلوس آلبرتو باريرا وغوارديولا… وحتى هذه الصفة ليست كافية بحد ذاتها لنجاح المدربين في أي مكان، فمن ينجح مع برشلونة أو هولندا بتشكيلة ونجوم وظروف وثقافة الطرفين الاحترافية فليس بالضرورة أن ينجح مع ناد أو منتخب عربي كما حدث مع ريكارد أو هودجسون أو بورا ميليتنوفيتش…
فهاهو بيتوركا الذي كان مدرباً لمنتخب رومانيا وأحرز دوري أبطال أوروبا مع ستيوا بوخاريست لاعباً، لم نر له أية بصمة تذكر مع الاتحاد السعودي، على رغم أنه تسلم التدريب منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2014، وعسكر مرتين خارجياً، وبات يعرف اللاعبين جيداً وهو من جاء بمحترفين جدد، ولكنه أمام الفتح عانى كثيراً ولم تنقذه سوى فرديات البرازيلي ماركينيو، الذي كان على لائحة البيع ولم يجدوا من يشتريه، فبقي معهم…
الكلام نفسه عن الروماني ريجيكامب، الذي مُنح صفة الكبير والعالمي، وعمره 40 عاماً في أيلول (سبتمبر) المقبل، وهو لم يدرب فعلياً سوى عامين في ستيوا بوخاريست فريق بيتوركا وكوزمين نفسه، وعلى هذا فإذا كان ريجيكامب وبيريرا عالميين فماذا سنقول عن كابيلو وفان غال وغوس هيدينك وآنشيلوتي وغوارديولا؟
للمناسبة، لو رجعنا قليلاً بالذاكرة لوجدنا أن من جاؤونا مغمورين هم من غيروا المعادلات وليس العكس، بدءاً بكارلوس آلبرتو الذي جاء منطقتنا بصفة معالج فيزيائي وشارك مع الكويت والإمارات والسعودية في كؤوس العالم وأحرز اللقب مع البرازيل عام 1994، وانتهاء بآنجوس وفييرا اللذين لعبا نهائي أمم آسيا 2007، ولكن الأول اختفى من منطقتنا بعد «تفنيشه»، والثاني يبحث عن منتخب يدربه بعد «تفنيشه» في «خليجي22»…
شخصياً أنا مع أصحاب الطموح حتى لو بسيرة ذاتية متواضعة، وضد المدربين «العالميين» الذين قد يستفيدون منا أكثر من استفادتنا منهم.[/JUSTIFY]