موريتانيون يعانون من “أسماء غريبة” تسبب الحرج لهم
يعاني الموريتانيون من أسمائهم الطويلة والمركبة والغريبة، الناتجة عن اختلاط عدة عرقيات ولهجات العرب والزنوج، ويواجه الكثير من الموريتانيين مشاكل عديدة بسبب هذه الأسماء وإصرار بعض الآباء على إحياء أسماء قديمة وابتداع آخرين لأسماء لا معنى لها غريبة عن المجتمع وأخرى تم تحريفها من اللغة العربية إلى اللهجة الحسانية.
وإضافة إلى الأسماء الغريبة والطويلة يربط الموريتانيون بين أسمائهم الشخصية والعائلية بكلمتي ولد أو بنت مما يتسبب في إطالة أسمائهم ويوقع المهاجرين منهم في الحرج بسبب استغراب الآخرين الذين لا يعلمون خصوصية المجتمع الموريتاني والثقافة والموروث الشعبي الطاغي على أسلوب الحياة رغم اختلاف الزمن.
وساعد على انتشار هذه الأسماء الغريبة قبول مصالح الحالة المدنية تسجيل أي اسم يتقدم به أهل المولود مهما كان غريبا ومستهجنا، حيث أن الأسماء الشخصية لا تخضع لقاعدة في موريتانيا ويمكن كتابتها كيفما شاء أهل المولود، وبعض هذه الأسماء لم يسبق أن سمع بها أحد.
ويقول الباحث في التراث ابراهيم الجكاني أن الموريتانيين يطلقون على أبنائهم أسماء شركات تجارية وماركات عالمية وأسماء مشاهير من سياسيين غربيين ورياضيين وأسماء دول ومدن كما يبتدعون أسماء جديدة غير مألوفة في المجتمع لإثارة الانتباه ولفت الأنظار أو كنوع من الثورة على تقاليد المجتمع.
ويقول “إضافة إلى الأسماء المركبة من اسمين أو أكثر هناك الأسماء العربية القديمة والأسماء المأخوذة من اللهجة المحلية “الحسانية” والأخرى الأجنبية وأسماء اللهجات الإفريقية التي اقتحمت المجتمع الموريتاني مع ظهور المهاجرين والزنوج الأفارقة”.
ويشير إلى أن الموريتاني كان يسمي ابنه على أبيه أو أخيه أو عمه أو يجري قرعة في اليوم السابع من ولادة المولود ويختار سبعة أسماء عائلية خوفا من وقوع مشاكل مع الزوجة والأصهار بسبب تسمية الطفل على أهل الزوج دون أهل الزوجة، ومع تطور المجتمع ودخول المهاجرين وتأثر الموريتانيين بالمجتمعات الأخرى ولاسيما الزنجية ظهرت أسماء غريبة غير مفهومة بما يمكن اعتباره خروج على التقاليد ومحاكاة الآخرين، إضافة لذلك هناك أسماء جديدة ابتكرها الموريتانيون وفق الأحداث التي مروا بها سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو حتى اقتصادية مثل ظهور منتوج جديد في الأسواق أو بروز نجم سياسي كما أنهم يخلطون بين اللهجات الإفريقية واللهجة الحسانية للحصول على أسماء مختلفة وتجديد قاموسهم من الأسماء.
وأوضح أن بعض الأسماء تعكس ولع الموريتانيين بالسياسة وإعجابهم بالتاريخ العربي والإسلامي، حيث شاع بين الموريتانيين إطلاق أسماء بعض القادة العرب كجمال عبد الناصر وصدام حسين وياسر عرفات على أبنائهم، كما بدى تأثرهم واضحا بالملكين السعوديين الراحلين خالد وفيصل، أما اليوم فقد أصبحوا أكثر تأثرا بأسماء أسامة بن لادن وحسن نصر الله، والشيخ أحمد ياسين وخالد مشعل واسماعيل هينة وأخيرا رجب طيب اردوغان، ويطلقون على أبنائهم الاسم الكامل لهؤلاء القادة حيث نجد ان الاسم الشخصي للبعض “جمال عبد الناصر” أو “خالد مشعل”.
ودعا الباحث إلى الاقلاع عن هذه العادة واختيار أسماء مناسبة لا تسبب الحرج بين الناس خصوصا الذين يعيشون في الخارج وقال إنه من حق الابن على والده أن يختار له اسما محترما يحمل معنى مفيدا، وأن عليه أن يبتعد عن الطقوس التي تجري في حفل العقيقة والمسؤولة عن ظهور الأسماء غير المألوفة والدخيلة على المجتمع.
ويرى أن المسؤول عن فوضى الأسماء قوانين الحالة المدنية حيث لا يجد الموريتانيون مشكلة حين يقبلون على تسجيل أبناءهم في سجلات الحالة المدنية التي لا تخضع لضوابط وقوانين تحكم عملية تسجيل الأسماء.
وتسعى الحكومة إلى توحيد الأسماء في موريتانيا من خلال إنشاء معجم للأسماء الشخصية والعائلية المستعملة في موريتانيا، ويحدد المعجم قواعد كتابتها ويمنح مصالح الحالة المدنية أداة رسمية تتمتع بالسلطة والقوة القانونية اللازمة وتساعد في كتابة الاسم العائلي والشخصي لكل موريتاني بصفة موحدة وخاضعة لمقاييس محددة.
ويتركز عمل فريق من الخبراء حاليا على اقتراح التقنيات الخاصة بكتابة الأسماء العائلية والألقاب ووضع آلية للتكوين والنصوص القانونية المتعلقة بتكوين وكلاء الحالة المدنية في هذا المجال.
وأصبح بإمكان الموريتانيين مؤخرا التخلص من “بنت” و”ولد” في أسماءهم الطويلة ورفع اللازمة وجعل أسمائهم الشخصية مركبة بشكل ثلاثي مثل الأسماء في المشرق العربي، ورغم عدم وجود نص قانوني يلزم الشخص بأن يفصل بين اسمه واسم أبيه أو اسمه العائلي بلفظ ولد أو بنت فإن هذا التقليد شاع بين الموريتانيين وشجع على تمسك المجتمع بهاتين اللفظتين كما كان الأمر عليه في السابق حين كانت الناس تنادي على الشخص بفلان ولد فلان.
وسجلت مكاتب الحالة المدنية إقبالا كبيرا منذ الإعلان عن إمكانية حذف اللازمة في الأسماء الشخصية وانتظمت طوابير من المواطنين الراغبين في التخلص من اللازمة أمام مكاتب الحالة المدنية وانتظروا ساعات لحذف الكلمة التي كانت تمثل عائقا في أوراقهم المدنية.
لكن المعارضين لهذا الإجراء يرون أن اللازمة هوية شخصية وخصوصية وطنية ويدعون إلى التمسك بهاتين اللفظتين والمحافظة عليهما في الأسماء والأعلام لأن وجودهما يحدد هوية الشخص بأنه موريتاني الأصل دون الحاجة إلى معرفة مسبقة بجنسيته.
لكن أكثر ما يبرر الاحتفاظ بهذين اللفظين أن الأسماء الموريتانية طويلة ومركبة وحذف “ولد” و”بنت” سيخلق لبسا فيما يتعلق بالاسم الشخصي واسم الأب فبعض الأسماء الموريتانية مركبة من أكثر من لفظ ومن الضروري الفصل بينها حتى لا يقرأ الاسم الكامل للشخص على أنه اسم واحد.
وينادي بعض الموريتانيين بوقف فوضى الأسماء التي تسبب الحرج لأصحابها وتخليص الموريتانيين من أسماء غريبة على شاكلة “أم الخوت” إسَلَّمْ إخْوَالْها وأطْويلَتْ لعْمَر و”احجبوها” و”سلمبوها” والطْفيْلة والغَوْث والجيِّد وإفكو ونبغوها وبابا وجدو وديدي وبونا وسيدي والراجل ومولاي وسعدنا وخليهلنا.
العربية نت
لنا زميلة دراسة في جامعة الخرطوم موريتانية إسمها أطفيلوها بنت سيدي ولد المرابط