ثقافة وفنون

الدوحة تتذكر الطيب صالح الإنسان

في أمسية تكاد تنطبق عليها تماما عبارات للطيب صالح في روايته الأشهر “موسم الهجرة إلى الشمال”، “في ليلة مثل هذه تحس بأنك تستطيع أن ترقى إلى السماء على سلم من الحبال”، التقى أصدقاء ومريدو الراحل الطيب صالح ليتذكروا أيامه في الدوحة التي أحبها فبادلته حبا بحب وودا بود، ويتذاكروا الجانب الأبرز في شخصيته وأريحيته وبساطته وتواضعه النبيل.

الطيب الإنسان المتواضع كان محور مداخلات المتحدثين الذين شاركوا بأوراق لم تستطع أن تغادر إنسانية الطيب رغم اختلاف مشارب معديها، تحدثوا عنه لأن الطيب صالح -بحسب رئيس قسم الإعلام بوزارة الثقافة والفنون والتراث القطرية الدكتور مرزوق بشير الذي ابتدر المداخلات وقدم بقية المشاركين في الندوة- “يحدثك عن كل شيء إلا عن نفسه، ولم يكن يعادي أو يحابي، قنوعا لدرجة البساطة، بسيطا في لباسه، ومتعففا في أحاديثه، وقنوعا في طلباته”.


الروائي السوداني أمير تاج السر ابن شقيقة الطيب صالح أضاء جانبا مهما من شخصية خاله وهو الجانب المتعلق بعلاقة المودة التي ربطت بينه وبين أسرته الصغيرة وبأهل قريته النائية كرمكول شمالي السودان

شجرة وارفة
الروائي السوداني أمير تاج السر ابن شقيقة الطيب صالح أضاء جانبا مهما من شخصية خاله، وهو الجانب المتعلق بعلاقة المودة التي ربطت بينه وبين أسرته الصغيرة وبأهل قريته النائية كرمكول شمالي السودان “وكانت تلك واحدة من ميزات الطيب الكثيرة المتشعبة، شجرة وارفة تهب الظلال في كل وقت، ولكل مستظل، ونخلة عالية في وسط ذلك النخيل المغروس في ود حامد، تلك القرية الرمز التي حمل مجتمعها على ظهر موهبته، وسما بشخوصها إلى آفاق بعيدة”.

وقد أكد الناقد القطري الدكتور حسن رشيد في مداخلته على ما سبقه به بقية المشاركين، متمنيا أن تُجسد أعمال الطيب صالح بأبعادها الإنسانية المتعددة في أعمال درامية.

طاقة الحب
الناقد السوداني ورئيس التحرير الأسبق لمجلة الدوحة الدكتور محمد إبراهيم الشوش انطلق في مداخلته بما سماها بطاقة الحب لدى الطيب صالح حيث يرى الأخير أن المحبة هي الشيء الوحيد القادر على حل مشاكل العالم.

وأكد أن معظم شخصيات رواياته تجسد ذلك التوجه مستشهدا بنص للراحل تحدث فيه بلسان الطاهر ودالرواس في رواية “مريود” يقول فيه “الحياة يا محيميد ما فيها غير حاجتين اثنتين.. الصداقة والمحبة.. لا مال ولا جاه.. ابن آدم إذا ترك الدنيا وعندو ثقة إنسان واحد يكون كسبان”.


لم يكن الطيب صالح شخصا عاديا بل كان مؤثرا سيظل من تعرف عليه سواء كان ذلك عبر التواصل الإنساني أم عبر قراءة نتاجه الأدبي يذكر ذلك جيدا

أستاذ التربية الفنية بجامعة قطر الدكتور النور حمد

لم يكن الطيب صالح شخصا عاديا بل كان مؤثرا سيظل من تعرف عليه سواء كان ذلك عبر التواصل الإنساني أم عبر قراءة نتاجه الأدبي يذكر ذلك جيدا، بحسب أستاذ التربية الفنية في جامعة قطر الدكتور النور حمد.

فالطيب -والحديث ضمن مداخلة حمد في الندوة- أبدع نصوصا ذات طبقات غير عادية قابلة للتأويل ماضيا وحاضرا ومستقبلا، فقد دعا للتعايش الإنساني في بلده السودان وكأنه يقرأ واقعه الحالي بعينين مفتوحتين. وبحسب نص في رواية “ضوء البيت” “فإذا نحن بين عشية وضحاها لا ندري من نحن وما هو موضعنا في الزمان والمكان، وقد خيل إلينا يومها أن ما وقع وقع فجأةً. ثم تكشف لنا رويدا رويداً ونحن في ذلك الخضم المتلاطم بين الشك واليقين، أن ما حدث كان مثل سقف البيت حين يسقط. لا يكون قد سقط فجأة ولكنه يظل يسقط منذ أن يوضع في محله أول مرة”.

جاء اللقاء الذي نظمته رابطة الإعلاميين السودانيين بقطر وعقد بالصالون الثقافي بحديقة البدع بالدوحة مساء الأحد، وأمه جمهور غفير من بينهم سفير السودان بقطر إبراهيم فقيري ضمن أيام الثقافة السودانية احتفالا بالدوحة عاصمة للثقافة العربية لعام 2010.

الجزيرة نت