منوعات

مشاهد مؤلمة .. (91) طفلاً بالدار خلال العام الماضي.. والوفيات بمعدل ثلاث حالات شهرياً

ساعتان قضتهما (الرأي العام) داخل (دار الأمل للأطفال فاقدي السند) بمدينة ودمدني، عاصمة ولاية الجزيرة، وقفت خلالها ميدانياً على حال هؤلاء الاطفال.. عند الدخول الى الدار كان عدد الاطفال (سبعة عشر طفلاً)، وعند الخروج منها بعد ساعتين إرتفع العدد إلى (واحد وعشرين طفلاً).. تتكون الدار من ثلاث غرف أو عنابر (مكيفة)، كل غرفة تضم (4 – 5) اطفال حسب أعمارهم وحالتهم الصحية والغذائية.. قصص وحكايات ومشاهد مؤلمة وقفت عليها (الرأي العام) داخل الدار.. اثنان من الاطفال حالتهما الصحية متأخرة، أحدهما مصاب بأورام وجروح بالغة في الرأس نتيجة سحبه بعنف أثناء الولادة (السرية).. والثاني مصاب بالفشل الكلوي نتيجة تناول والدته صبغة الشعر لحملها سفاحاً بغرض الانتحار، والمفارقة انها لم تمت بل مات طفلها اثناء وجود الصحيفة بالدار.. ومن القصص الغريبة ان طفلاً عمرة ثلاثة أشهر احضرته والدته بنفسها للدار، واعترفت بأنها انجبته سفاحاً، لكن أهلها حاولوا قتله بعد ولادته مباشرة، إلاّ أنها رفضت فانقذته باحضاره إلى الدار.. معظم الاطفال سكان الدار يعانون من امراض الدم لمحاولات امهاتهم التخلص منهم بالمواد الكيميائية السامة، أو لتلوث البيئة التي يلقون فيها.. وللحق فان رعاية هؤلاء الاطفال الذين تخلت عنهم امهاتهم جيدة من ادارة الدار ووزارة الشؤون الاجتماعية بالجزيرة عبر (7) مشرفات، وطبيبة، بينما المخزن يحتوي على كميات كبيرة من الادوية والالبان المجففة والحفاضات.

الاطفال مجهولي الأبوين

يرتبط بروز الظواهر الاجتماعية عادة بالتطورات المعيشية والاقتصادية للمجتمعات البشرية كما هو في ولاية الجزيرة وذلك من خلال افرازها لانماط سلوكية جديدة أو تفرض وجودها نتيجة للفقر ومطلوبات الحياة اليومية ومشاكلها وتكون بعض الفئات أكثر عرضة من غيرها للتأثيرات السلبية للمتغيرات الاجتماعية.. وينتج عن تلك الظواهر الاطفال مجهولو الابوين.
في الأسبوع الماضي قضت (الرأي العام) ساعتين بدار الأمل التي كانت من قبل مضروباً عليها بسياج متين من السرية!!.
حالياً أصبحت تستقبل المنظمات وأهل البر والخير لتقديم المساعدات لهؤلاء الاطفال الصغار الذين سيظلوا يواجهون الاهوال كلما تتقدم بهم سنوات العمر، بعد جولة بالدار، التقت الصحيفة بوزيرة الشؤون الاجتماعية الدكتورة نعيمة الترابي ومدير عام الوزارة محمد علي السيد ومدير الدار أحمد بابكر عبد الله ومجموعة من الطبيبات والباحثات في الوزارة.

كان محور القضية هؤلاء الاطفال مجهولي الابوين والهوية، فقد كشفت الوزير الستار عن ما يدور في الدار وما يقدم من مجهودات من خلال اختصاصات وزارتها واداراتها وديوان الزكاة والادارة التنفيذية للتأمين الصحي، بجانب دور المجتمع المدني وبعض المنظمات المختلفة وتأمل ان يلعب الاعلام دوراً ايجابياً لاستقطاب الدعم وكل ما ينهض بمسؤوليات الدار لتقدم خدمات مميزة.
وركزت الوزيرة وهي تستعرض في عجالة انه لا بد ان تضطلع منظمات المجتمع المدني بدور بارز ومسؤول لمحاربة الظواهر السالبة التي تؤدي لأمراض المجتمع على ان تحتفظ الدولة برعايتها ومسؤولياتها نحو هؤلاء الاطفال، كما يحدث حالياً في معظم البلاد المتحضرة ذات الاستراتيجيات المتقدمة لخدمة المجتمع رغم ما يتردد من معلومات وأنباء وغير سارة عن تجارة البشر.

وهنا في ولاية الجزيرة اربع منظمات رائدة تقدم مساعدات وهي:
سند وبصيص والخيرية والمهاج. واستدركت وزيرة الشؤون بصراحتها الاكاديمية في معالجة القضية الشائكة، كما وصفتها. بأن جريمة الزنا ستظل قائمة حتى يوم الدين ما دام هناك حياة وبشر منذ بدء الخليفة والى اليوم.
وهذا ما يحدث في ولاية الجزيرة إلاّ أن بعض هؤلاء الاطفال قادم من خارج منطقة الجزيرة.
ويصاحب جريمة الزنا والتخلص من نتائجها الحتمية في بعض الحالات بحمل الفتيات او السيدات اللائي يمارسن اساليب وطقوساً طبية واخرى بدائية للتخلص من الجنين او يقتلن خلال الممارسة الجنين الحرام أوهن يتعرضن للموت.
فقد ابرزت الدراسات الميدانية ان معظم الاطفال حديثي الولادة تضعهم امهاتهم داخل كراتين توضع أمام المساجد أو يقذفن بموالدهن داخل دورات المياه.

بلغ عدد الاطفال حديثي الولادة في العام الماضي 2010م وفقاً للمسجلين بالدار (47) من الذكور و(44) من الاناث، إلاّ أن العدد يرتفع ويتقلص لحالات التبني بين اربعة إلى خمسة شهرياً ويدخل (14) طفلاً شهرياً، وحالات الوفيات ثلاثة كل شهر.
العدد الموجود حتى مارس سبعة عشر طفلاً. وحسب الأسس والنظم السائدة بدار الأمل يحفظ الطفل تحت رعاية صحية وطبية لثلاث سنوات ويكلف شهرياً من عناية ثمانية آلاف جنيه ثم يُرسل لدار المايقوما بالخرطوم في رحلة جديدة مع الحياة وتبلغ تكاليف رعايته هناك بالخرطوم خمسمائة جنيه شهرياً لاعتبارات كثيرة تتعلق بالهجرة والتداخل الثقافي ومطلوبات الرعاية لتلك المحاور الجديدة. ويوجد بالمايقوما حالياً سبعمائة من الاطفال.
قالت الدكتورة نعيمة الترابي: ان رؤيتها كباحثة أكاديمية في مجال التربية ان ما يحدث حالياً من ظواهر جديدة بالسودان نتيجة العوز والفقر وتدفق غزو الثقافات الواردة، هذه الظواهر تمثل ظواهر كونية بشرية ذيولها منذ فجر الاسلام، ولكن نحن نسعى بكلياتنا وبكل ما نملك من علم واجتهاد لمحاربتها في اثوابها وانماطها المستحدثة وبهذا نقلل انتشارها وعليه دار الأمل بودمدني لن تقفل ما دام تلك الظواهر متفشية في المجتمع.

قالت إنه رغم ان الاتجاه العالمي ان تقوم منظمات المجتمع المدني بمسؤوليات الرعاية للاطفال مجهولي الابوين إلاّ أن دار الأمل بمدني لها شراكة مع منظمة الهلال الأحمر والخدمة الوطنية بجانب المنظمات الاربع الأخرى واقبال الرواد المحسنين. وفيما يتعلق بالجانب الطبي تم الاتفاق والتنسيق مع وزارة الصحة الولائية على تخصيص طبيبة متفرغة بجانب كادر مساعد أيضاً التزمت وزارة المالية بالتصديق بألف جنيه شهرياً لشراء الأدوية عبر مؤسسة الدواء الدوار، ومعظم الأدوية المستغلة هي مضادات حيوية إلاّ أن احد الاطفال اصيب بفشل كلوي وتوفى بعد أيام.
واشارت الدكتورة نعيمة انه رغم بذل كل تلك الجهود المشتركة فإنهم في وزارة الشؤون الاجتماعية يقابلون التحديات ولكن لا بد ان تكون هناك وسائل تقويمية.

وأمن المدير العام محمد علي السيد انهم تمكنوا من توافر كميات كبيرة من الادوية وان وزير المالية قد زار الدار وتأكدت له سلامة موقف العناية الطبية والصحية وتوافر الخدمات التي تقدم للاطفال خلال بقائهم بالدار لثلاث سنوات حسبما هو مقرر ومقدر لحماية هؤلاء الاطفال الذين جنى عليهم الزمان بلا ذنب اقترفوه.

تعليق واحد

  1. لا حول و لا قوة الا بالله .. لا تعليق عن سبب وجود هؤلاء الاطفال الابرياء في هذه الدار .. فالحديث عن فساد المجتمع طويل طويل ..

    لكن المؤلم ثلاثة حالاث وفاة شهريا .. أتوقع ان السبب الوحيد لهذا المعدل الخطير من الوفيات هو سوء العناية سواء الطبية أو العناية الخاصة التي يحتاجها الرضيع .. وبكل تأكيد عدم وجود الامكانيات هو السبب الرئيسي ..

    لأن الدعم يصرف في اوجه كثيرة منها تجديد سيارات المسئولين و تجديد واجهات الوزارات و الادارات الحكومية . و حفلات الاستقبال و الوفاة .. لكن هؤلاء الاطفال و القائمين على رعايتهم ( وفقهم الله ) اظنهم لا يستطيعون الحصول على رواتبهم وقتها .. فكيف .

    و كثيرا من اثرياء بلادنا يصرفون المليارات في دعم شراء اللاعبين الاجانب .. لكن هؤلاء الاطفال الابرياء .. لا احد يلتفت لهم ..

    لو تم احتساب عدد بيوت رعاية الاطفال فاقدي الابوين في السودان لن يتعدي عدد اصابع اليدين .. و يستطيع شخص واحد في كل مدينة ان يدعم ميزانية منشأة واحدة اذا أراد .. لكن …. ؟؟؟؟

    لا حول و لا قوة الا بالله .