حوارات ولقاءات
وزير المالية :ما عندنا شغلة بالعملة التي سيتم استبدالها في الجنوب
* لكنك صرحت مسبقاً بأن هناك اتفاقاً بين الشمال والجنوب علي استمرار العملة ستة أشهر؟
هم من طلبوا ذلك، وقالوا إنهم لن يتمكنوا من طباعة عملتهم الجديدة وتوزيعها في أقل من ستة أشهر ونحن وافقنا على هذا الأمر وصار اتفاقاً بيننا .
* وما الذي جعلهم يتراجعون عن هذا الاتفاق في رأيك؟ هم أحرار في قراراتهم.. نحن على علم منذ فترة أنهم بدأوا في طباعة عملتهم الجديدة، لكن هذا أمر يعنيهم ولا يعني الشمال في شيء.
* وكيف يمكن أن يؤثر هذا القرار المفاجئ على الاقتصاد السوداني شمالاً؟ نحن في الشمال لن نتأثر بهذا القرار أبداً، ولدينا إجراءات سنمضي فيها لن نتحدث عن تفاصيلها الآن لكننا نريد طمأنة الناس أننا سنتصرف أي تصرف لحماية اقتصادنا السوداني .
* وماذا سيكون رد فعلكم في الشمال على هذه الخطوة؟ هذا التصرف جاء نتيجة لعدم التوافق بيننا وبين الجنوبيين لكننا مستعدون لكل السيناريوهات .
* وما التأثيرات التي يمكن أن يفرزها تداول عملة جديدة في الجنوب رغم وجود اتفاق مسبق بالتعامل بالعملة القديمة لستة شهور؟ الشمال لن يتضرر من عملة جنوبية، الجنوب هو المتضرر لأن تداول العملة واستبدالها سيستغرق وقتاً طويلاً كما أن ذلك سيؤثر عليهم في حركة التجارة.
* وما مصير العملة التي سيتم جمعها هناك هل ستتفقون معهم لأخذها في الشمال مثلاً؟ رد مقاطعاً: “ما بناخدا ولا حاجة ما عندنا بيها شغلة”، إذا أخذناها فهذا يعني أن نستبدلها بالنقد الأجنبي، لكن هذا لا يعنينا عليهم أن يجمعوها ويستبدلوها ويطبعوا أخرى بدلاً منها.
* ألا يمكن أن يستفيد الشمال منها؟ نحن لن نستلمها منهم، وأي دولة عليها أن تتصرف كيفما تشاء نحن دولة لدينا سيادة وهم الآن دولة أخرى لديها سيادتها أيضاً.
* وهل يمكن السماح باستخدام الجنيه الجنوبي في الشمال؟ الجنيه الجنوبي لن يكون مبرئ للذمة بالنسبة إلينا، ولن نتعامل به في الشمال، لأنه لن يكون عنده قيمة بالنسبة لنا ..فالجنوبيون أصبحوا أجانب في الشمال ما بعد التاسع من يوليو إذا ما أرادوا المجئ إلى الشمال فعليهم أن يحضروا معهم عملة أجنبية وصرفها للتعامل بالجنيه السوداني الذي يتعامل به الشماليون.
* هل هناك مساحة لبحث ذلك مع وزارة المالية الجنوبية ليكون الأمر أكثر مرونة في التعامل بين دولتي الشمال والجنوب في المرحلة المقبل؟ أي أجنبي يحضر للخرطوم يتعامل بالجنيه السوداني، والجنوبي سيكون مثله مثل المصري مثلاً.. هل يتعامل المصريون في الخرطوم بالجنيه المصري..؟
* ما هي التداعيات التي يمكن أن نتوقعها في المرحلة المقبلة على الاقتصاد ما بعد الانفصال؟ لن تتغير الأوضاع، بل ستكون الأمور عادية جداً، لأن الاستفتاء تم إجراؤه في وقت مبكر، ومن حسنات الاتفاقية أنها تحسبت لفترة انتقالية بعد الاستفتاء لمدة ستة أشهر كل طرف قام فيها بالتدابير الخاصة به سواء في الشمال أو الجنوب، و في تقديرنا هي كافية جداً وتجعل الأمور تسير بصورة معلومة لنا وجيدة لذلك نحن الآن أوضاعنا في السودان الشمالي عادية جداً ومستقرة.
* هناك مخاوف لدى الكثير من الناس لما يمكن أن تؤول إليه الأحوال الاقتصادية والأمنية ما بعد إعلان الدولة الجنوبية؟ لا داعي لهذه المخاوف لأن الأحوال ستكون طبيعية جداً خاصة أن هذا موسم الخريف، ونتوقع هطول الأمطار، والمواطنون سيكونون منشغلين بالزراعة الصيفية في مختلف أنحاء السودان والسلع متوفرة تماماً.. موجودة كلها.. السلع الاستهلاكية والغذائية، بالنسبة للاستعداد للموسم الزراعي فقد تم بصورة جيدة والعام الدراسي بدأ في كل السودان وحياة الناس مستمرة بصورة طبيعية .
* تحدثت عن تدابير استعداداً للمرحلة المقبلة ما هي هذه التدابير؟ ضمن هذه التدابير كان هناك موظفون في الخدمة المدنية والعسكرية من الجنوب جميعهم تم توفيق أوضاعهم، واستلموا حقوقهم كاملة وهو ما سيمكنهم من العودة إلى الجنوب ليستقروا هناك ويبدأوا حياتهم بصورة جديدة، وبالنسبة للتدابير الاقتصادية ففيما يتعلق بالبترول الحمد لله كمية البترول المنتج لدينا بالشمال تكفي تماماً لتشغيل المصافي وبالتالي الوقود سيكون متوفراً في الشمال، وحتى إخوانا في الجنوب سيحتاجون لهذه المصافي لأنهم لا يملكون مصافي في جنوب السودان ومصافي الشمال هي التي ستوفر لهم الوقود فحتى الدول المجاورة للجنوب سواء كانت كينيا أو إثيوبيا أو يوغندة أو إفريقيا الوسطى والكونغو كلها لا توجد بها مواد بترولية وبالتالي الاعتماد سيكون على الشمال في المواد البترولية، أما عن السلع الاستهلاكية فجميعها متوفرة كالدقيق والسكر وكل السلع المنتجة أو المستوردة موجودة الآن في الأسواق .
* لكن بطبيعة الحال سيتأثر الشمال بفرق إنتاج البترول بعد الانفصال؟ صحيح في شمال السودان سنفقد جزءاً من المواد البترولية ولكن تم ترتيب أمرها منذ فترة طويلة لأنها كانت معلومة بالنسبة لنا وكل يوم تجري اكتشافات جديدة، وإذا كان الناس يخافون من فرق إنتاج البترول فنطمئنهم أنه ليست هناك مشكلة أبداً.
* تحدثت من قبل عن فرق في إنتاج النفط بنسبة 37% بعد انفصال الجنوب كيف سيتم تعويضها وتغطيتها؟ هنالك شقان الأول هو أننا نحتاج للنفط بغرض الاستهلاك المحلي وهذا مؤمن بالإنتاج الموجود في شمال السودان وكمية البترول الموجودة لدينا تكفي المصافي الحالية، وحاجة البترول للشمال ما سنفقده هو نسبة من الموارد وهي معلومة بالنسبة لنا وأخذنا تدابيرنا بهذا الشأن لتغطية الفرق البالغ نسبته ملياراً وأربعمائة وستون ألف دولار لسد الفجوة، والسودان يملك موارد أخرى تعوض الدولة عن فرق إنتاج النفط، مثل الذهب، ولدينا صادرات للثروة الحيوانية وصادرات زراعية ونحن الآن نصدر ذرة ولدينا فائض كبير فيها ولا أذيع سراً لو قلت إن كمياتنا من الذرة في المخزون الاستراتيجي تم نقلها لبورتسودان توطئة لتخزينها ثم تصديرها هذا كله إضافة إلى مصادرنا في النقد الأجنبي وكموارد داخلية مواردنا من الضرائب ومن الجمارك والرسوم كافية لتسيير دولاب الدولة .
* أريد توضيحاً أكثر عن كيفية تعويض هذا الفرق على ميزانية الدولة؟ صحيح عندما نفقد نسبة من الموارد يكون لها أثر، لكن العبرة عمل التدابير بما يمكنا أن نتجاوز هذا الأثر بتحقيق مزيد من الموارد ومزيد من الضبط في الانفاق الحكومي للموازنة بين الموارد والنفقات، وذهاب عدد من الإخوة الجنوبيين سيقلل من الانفاق ويقلل من استهلاك السلع التي كنا نستوردها وبالتالي يقلل من الضغط على استخدامات النقد الأجنبي فعندما كنا نستورد لأربعين مليون نسمة ليس كما نستورد لـ34 مليون نسمة، وسيكون هناك انخفاض في الواردات نسبة لانخفاض سكان الدولة لذا فالتدابير مقدور عليها.
* تحدثت عن توفير السلع الأساسية لمدة ستة أشهر ولكن ماذا بعد؟ نحن طبعا نقوم بوضع التدابير وفقا للميزانية، هذه الميزانية الآن بالنسبة لنا مضى عليها ستة شهور وتبقى ستة شهور، وبناءً على هذه الفترة وفرنا بعض السلع الأساسية وعادة في بداية الربع الأخير من العام نبدأ إجراءات الموازنة الجديدة لذا بدأنا تدابير وفرة الستة شهور المقبلة وقبل نهايتها سأبدأ في الموازنة الجديدة للستة شهور التي تليها.
* البعض يرى أن توفير السلع الأساسية لستة شهور غير كاف ولا مطمئن خاصة مع اقتراب حلول شهر رمضان المعظم؟ هناك متغيرات في السوق العالمي عندما تدخل الدولة في تعاقدات منذ الآن لعام أو عام ونصف فهناك سلع مثل القمح أسعارها في طريقها للانخفاض بالتالي يمكن أن نتورط في أسعار عالية، لذا نحن نخطط لكل ستة شهور وأعتقد أنها فترة معقولة قبل انتهائها سأعمل للستة شهور التي تليها .
* ماذا عن تزايد الأسعار بشكل يرعب الكثيرين بالنسبة للمواد الغذائية والمحروقات وغيرها هل هذا هلع السوق أم تداعيات الانفصال؟
أولاً مسألة زيادة الأسعار الآن لا تنطبق على المحروقات لأن المواد البترولية ثابتة بالنسبة لنا، ولم تعدل مرة أخرى، أما بالنسبة لسلع مثل السكر فحتى الآن الدولة تسلم السكر من المصنع لتاجر الجملة بـ 147 جنيهاً للجوال البالغ 50 كيلو نحن كحكومة لم نزيد أسعار هذه السلع على الإطلاق لكن هناك عوامل نفسية وأيضاً زمانية مثل رمضان مثلاً وبعض التجار يشترون السكر ويقومون بتخزينه، أيضاً موسم الأمطار يعطل حركة النقل ما يجعل التجار يرفعون أسعار بعض السلع لصعوبة نقلها أثناء الخريف، إضافة لارتفاع عالمي في أسعار السلع فالبترول سعره عالمياً ازداد وهو مصدر طاقة أساسي هذا قد يرفع السلع أيضاً، مثلا الكهرباء التي تنتجها الدولة فتعرفة الكهرباء لم تتغير رغم ارتفاع أسعار الجازولين وغيرها لكن السلع التي تقوم على إدارتها الدولة لم تتغير لكن إذا كانت هنالك سلع مستوردة وارتفعت أسعارها خارج السودان فلن نستطيع التأثير عليها عالميا لذلك يأتينا تضخم مستورد، والسياسة التي وضعناها الآن ليس توفير السلع فقط وانما توفيرها وبسعر ثابت لمدة ستة شهور.
* وماذا عن ارتفاع سعر صرف الدولار بصورة ملحوظة؟ يدخل في نفس الاسباب والطلب علي الدولار معظمه للاستهلاك وايضا سببه الشائعات التي تروج لتداعيات الانفصال، لكن كمية الدولار الموجودة في السوق الموازي قليلة، وهذه نسبة محدودة من النقد الاجنبي زيادتها مبنية على التوقعات لذا هي زيادة مؤقتة سرعان ما ستنجلي وستنخفض اسعار الدولار ونحاول في ذلك عمل بعض التدابير بضخ نسبة من النقد الاجنبي في السوق من البنك المركزي وتوفيره للبنوك، لكن التوقعات وقطعا إعلان دولة الجنوب كحدث كبير لابد من وقوع تأثير ولو نسبي وتغييرات لكن بالتجربة لن تكون هناك فوارق كبيرة لما بعد الانفصال وما قبله.
* هل هناك خطط اقتصادية لتعاون شمالي جنوبي ام كما يردد البعض هناك نوايا من الدولة للاتجاه شمالا؟ الرئيس رسم خط واضح لسياستنا مع الجنوب بحيث تكون هناك علاقات اقتصادية كبيرة لاننا قبل فترة وجيزة كنا دولة واحدة والمواطنين مختلطين مع بعضهم البعض، يجب أن نتعاون مع دولة الجنوب ونمدها بما نستطيع.
* وهل هناك اتجاه لتعاون اقتصادي شمالا مع مصر مثلا أو لدول أخرى مجاورة؟ علاقاتنا مع مصر وغيرها مستمرة، ولن نؤسس علاقات جديدة خصما على جنوب السودان وانما ستظل علاقاتنا مع مصر وتشاد وليبيا ذات العلاقة القديمة ولن تكون هناك حاجة للتركيز على دولة دون اخرى بسبب انفصال الجنوب.
* طرح ذلك كخيار بديل نظرا لوجود قضايا عالقة بين الشمال والجنوب قد تؤثر على التعاون الاقتصادي فيما بينهما؟ لا نرى أن هناك مشكلات تجعلنا نلجأ للتعامل مع دولة مجاروة ولا مصر كبديل لما سنفقده في الجنوب، فالقضايا العالقة تتعلق بحقوق سيادية وليست قضايا حياة يومية[/JUSTIFY]
صحيفة السوداني
[SIZE=4]وزير فاشل وحرامي[/SIZE]