ثقافة وفنون

الجمل إن جاع بقبل على حويتو – رحلة التراث الشعبي والفولكور

في نطاق اللهجة والمحتوى الاجتماعي في المثل الشعبي من حيث دلالتهما على البيئة المحلية، وجدنا ان اختلاف المكان والزمان من اهم عوامل التنوع في مضمون الامثال الشعبية وشكلها فمن جهة المكان كثيراً ما يفصح المثل الشعبي عن بيئته التي ظهر منها بدوية كانت او زراعية او بحرية او تجارية الخ.. غير انه لا يلزم ان يكون المثل الشعبي الشائع في السودان المعبر عن اي بيئة من هذه البيئات سودانياً بالنشأة اذ يجوز ان يكون قد انتقل الى السودان من بيئات مماثلة في خارجه وقد يتضح هذا من بعض الامثال التي نوردها فيما يلي..
أمثال ظهرت في اوساط ذات خبرة بالابل واسفارها:
«ارع بي قيدك» اي ارع الجمل فيه القيد حتى لا يبعد من نظرك يضرت للحث على الحذر والاحتياط.
«ألبل ورد والمال برد» اي الجمال حطت رحالها واوصلت حمولتها واخذ الحمالون اجورهم – يضرب اظهاراً للسلامة واستحقاق الأجر.
«ان شكرو ليك المراتع ارتع دونن» اي اذا بالغوا في وصف مراتع الابل وخصوبتها فلا تذهب اليها وابق الابل في مكان دونها لانك ستجدها مزدحمة بغيرك ممن سبقوك اليها».
«الجمل ان جاع بقبل على حويتو»
– اي اذا اشتد عليه الجوع مال الى سرجه المحشو بالقش او الحشيش فيأكله، يضرب عذراً لمن دفعته الضرورة الى بيع ما اقتناه من اشياء نافعة او قيمة.
وهناك الامثال التي تكون قد نشأت في قوم ذوي خبرة بالزراعة:
«آل باع بلادو اخير لو النجعة بي اولادو».
اي اذا باع ارضه التي يعيش من زرعها خير له ان يبارح بلده الذي باع ارضه فيه ويأخذ اولاده معه الى بلد آخر- يضرب للحث على التمسك بالطين اي بالارض المملوكة للزراعة.
«جاء متل النيل فوق الدهاسير».
– اي جاء مثل ماء النيل حينما يسقى نبت الدهسير، وهو نبت لا شوك له شديد الخضرة اذا شرب مرة واحدة بماء النهر تدوم خضرته نحو ثمانية أشهر- يضرب لمن غاب وعاد لاهله بثروة، او لمن تزوج وبالغ في البذل.
«رفيقك كان صبقك بالزراعة اصبقو بالحش».
– اي صاحبك ان زرع مزرعته قبلك فنظف مزرعتك من الحشائش والاشجار قبله وبذلك تساويه او تفضله لان زراعتك تسرع في النمو قبل زراعته.
وهناك الامثال التي تكون قد نشأت في بيئة تجارية.. مثل: «امسك لي.. واقطع ليك»
– اي انجز لي عملي- انجز لك عملك وهو في الاصل من قول التجار في بيع المتاجرة يداً بيد. ومنها:
«اكلو اخوان واتحاسبو تجار»
ومن هذا القبيل ايضاً:
«أردب ما هيلك ما تحضر كيلو» ومن هذا القبيل:
«البايع يشكر والمشتري ينبز»
– اي صاحب السلعة يبالغ في مدحها.. ليبيعها بثمن غال والذي يرغب في شرائها ينقص من قدرها ليحصل عليها بثمن بخس.
من نماذج الامثال الشعبية التي تكون قد نشأت في ضفاف النيل او في بيئة بحرية:
«الريس في حساب والنوتي في حساب» او في آخر «ريسين في المركب يغرقوها» او في آخر: «الريس يجيب الريح من قرونو» اي من اجتهاده وإعمال فكره او في آخر من الامثال الشعبية في هذه البيئة:
«البحر فايق والقعوي ضايق»
– اي البحر هادئ مطمئن فما بال الضفادع تعبة تضج – يضرب للأحمق الذي يتعلق بشخص حليم واسع الصدر لا يتأثر بما يقوله الاحمق الذي يتعلق بشخص حليم واسع الصدر لا يتأثر بما يقوله الاحمق وما يصنعه.
ومن هذه الامثال الشعبية من ذات البيئة:
«البحر من قومتو والعريس من حومتو» اي تعرف نتيجة فيضان النيل من اول زيادته وتعرف معاملة الزوج من دخوله المنزل وجولاته فيه.
من ذلك «التمساح بشيل اللجلو تمّ» اي يقتل من قضى اجله» ومن هذا القبيل المثل الشعبي في بيئة نهرية او بحرية:«الزراه التمساح بخاف من جلدو»- اي من ضايقه التمساح ونجا منه يخاف من مجرد رؤيته جلده المسلوخ منه المملوء قشاً او تيناً.

الراي العام