منوعات

سيف سوداني في المتحف البريطاني

[JUSTIFY] قال الشاعر العبادي في مسرحية المك نمر:
نمراً يركب الكيك البطر يتحرَّن
نمراً يقلب العوق أبصفوفاً جرَّن
خلوات صدره في علوم الحروب كم قرَّن
سيفه بينسف الدرع الحديده مقرّن
وهذا السيف الذي عناه الشاعر هو سيف الصاعقة «الصاقعة كما في عاميتنا».
٭ لقد عُرفنا بأننا شعب لا يهتم بتاريخه وتراثه ويمل الكتابة والتدوين، ولا يعطي أى اهتمام أو قيمة لموروثه الثقافي وآثاره. فكل موروثنا وآثارنا طاشة في متاحف بريطانيا وفرنسا وألمانيا والقاهرة، وهذا شيء محزن. أما «المغسة البتشق» انه يوجد على رفوف وجدران تلك المتاحف نكرات بدون تعريف او ترجمة.. فلو سألنا أنفسنا بصفتنا شعباً أو مهتمين او مسؤولين: اين لوحة فتوحات بعانخي العظيم؟ وهل يعقل أن تكون في القاهرة او المانيا؟ ومتحف السودان القومي مطل على مقرن النيلين ويسأل المارين بشارع النيل أين لوحة فتوحات بعانخي؟
وجوهرة بليلة التي كتب عنها الاستاذ حسين ابراهيم كرشوم في جريدة «الصحافة» هذه الجوهرة التي أخذت من المواطن بليلة بجنوب كردفان قهراً وبطشاً من مسؤولين، بحجة انها ملك الدولة، وفقد صاحبها صوابه ورحل من هذه الدنيا حزناً على جوهرته التي اخذت. ولكن عزاؤه ان أهله اطلقوا على الجبل الذي صاد فيه الجوهرة من الثعبان في جنوب كردفان اسم جبل بليلة. والسؤال هل ذهبت الجوهرة الى حكومة السودان؟ حاشا وكلا إنها ذهبت الى الغرب وحاميها حراميها قبض دولاراته وسكت، وهى الآن إما في المتحف البريطاني او الالماني، وهذه الجوهرة تعتبر ثال? جوهرة في العالم حجماً وقيمة. ثم سيف المك نمر الذي يستكين في المتحف البريطاني نكرة بدون عنوان. واين آثار كرمة ونوري والبركل والكرو ومروي البجراوية التي تعج بها متاحف الغرب، وتدر لهم مليارات الدولارات من الزوار الذين يأتون للتعرف على تلك الحضارات.
وأنا اظن إن استخفاف الغرب بنا جاء بناءً على استخفافنا بآثارنا وموروثنا الثقافي المادي، واعتقادهم بأننا شعب لا يعرف قيمة نفسه ويجهل تاريخه ويهمل تراثه. الغرب كتب لنا تاريخنا «تاريخ مزور». الغرب نهب آثارنا وموروثاتنا القيمة الى متى سنظل هكذا؟
عزيزي القاري سأحكي لك في هذه السانحة قصة سيف المك نمر، ونأخذ منها العظات والعبر. والمك نمر هو المك نمر بن الأرباب محمد بن الأرباب نمر بن الملك عبد السلام الجعلي العباسي، وتبدأ القصة وأنا في أثناء بحثي في التراث والتاريخ، سمعت معلومة من عدد كبير من الرواة وكبار السن عن سيف المك نمر. وفي بعض المخطوطات وعند بعض المهتمين والباحثين مثل المرحوم الاستاذ الطيب محمد الطيب والدكتور عوض خليفة عليه رحمة الله ورضوانه، والاستاذ الباحث عباس الزين أطال الله عمره وكلهم متفقون على هذه الرواية وهى:
عندما حدث الخلاف بين المك نمر واسماعيل باشا بن محمد علي باشا، وقام المك نمر بحرق اسماعيل باشا في شندي، سمع صهره محمد الدفتردار بالحادث، وجاء عام 2421 هجرية من كردفان بعد أن اغتصبها من المقدم مسلم التنجراوي، وعندما وصل الى ارض الجعليين عاث فيها فساداً وقتلاً وتنكيلاً انتقاماً لمقتل اسماعيل، وخرج المك نمر من شندي قاصداً الحبشة، وعندما لم يستطع القبض عليه كلف الشيخ احمد ود عبود السورابي الشايقي العباسي بالقبض عليه أو قتله، فأرسل الشيخ ود عبود رسولاً الى المك نمر يحمل رسالة فحواها «انت عباسي ابن عمي وخسارة ترا? دماء العباسيين من أجل الغزاة، أنا كلفت بالقبض عليك أو قتلك، وانا لا يمكن ان اقتل ابن عمي او أسلمه لمن يقتله، وأنت في طريقك الى الحبشة في أى مكان تنزل فيه اترك لي علامة حتى تكون المسافة بيني وبينك مسيرة يوم، فربما يكون في جيشي جاسوس مندس فيقتلك».
وسار المك نمر الى الحبشة وخلفه الشيخ احمد ود عبود بجيشه حتى وصل المك الى حدود الحبشة في بلده المتمة التي سميت على متمة شندي، فترك الشيخ ود عبود جيشه وذهب الى ابن عمه ليودعه، وعندما ودعه قدم المك سيفه هدية لود عبود قائلاً له: السيف ده بعد كده ما بيلزمني. يلزمك إنت الحارس العقاب، ثم وصف له مكان الأسلحة المدفونة في ارضه، فأخذ الشيخ ود عبود السيف، وهذا السيف يسمى أب برقيع وكذلك يسمى سيف الصاقعة «الصاعقة»، وسمى بهذا الاسم لأنه مصنوع من الحديد الذي اخذ من مكان سقوط الصواعق.
والمعروف أن أرض الابواب هى برمنجهام العالم القديم، والكوشيون أول من عرف الحديد وقام بتعدينه. وهذا يعني أن هذا السيف سوداني خالص، حديده من السودان وصنع في السودان. وظل هذا السيف في بيت آل عبود متنقلاً بين سنكات وشندي، ووصل الى الدبة حيث حمله معه أحد أفراد الاسرة عندما كان يعمل في الدبه، وأخيراً أهداه أحد العبوداب وهو من خلفاء الختمية إلى مولانا السيد علي الميرغني، وظل هذا السيف من مقتنيات السيد علي، وبعض الناس شاهدوا هذا السيف عند السيد، ثم قام السيد علي بإهدائه لملكة بريطانيا. هذه هى القصة ولكن ترتبت عليها?قصة أخرى.
وأنا منذ أن عرفت هذه المعلومة ظللت أبحث عن هذا السيف السوداني العباسي المأصل، لأنني انتمي لهذا البيت الشريف، والأهم من انتمائي العرقي انتمائي الوطني، انتمائي لهذا البلد الطيب واهتمامي بتاريخه وتراثه وآثاره، واحمد الله كثيراً على تسخيره لي وتوفيقي لأداء هذا الواجب الوطني والتوثيق لأجدادنا الذين صنعوا التاريخ، ولتستنير بذلك الاجيال الحاضرة والقادمة.
والشيء الذي جعلني احرص على الحصول على صورة للسيف ومعرفة مكانه، هو تضارب الآراء، فبعض الناس يقولون إنه موجود بدائرة الميرغني والبعض يقول انه اهدى لملكة بريطانيا، وظللت أبحث عنه منذ اكثر من اثنتي عشرة سنة، وحاولت أكثر من مرة مقابلة مولانا السيد أحمد الميرغني طيب الله ثراه ولكن لم اوفق، وآخر محاولة كانت برفقة الدكتورة نعمات حماد، وكذلك لم نوفق في مقابلته لأنه لم يكن موجوداً. واخيراً اتصل بي الاخ العزيز والباحث في التراث محمد عمر باتوري واكد لي وجود السيف في بريطانيا، واهداه مولانا السيد علي الى ملكة بريطانيا?
وعلى الفور بدأت اتصالاتي ببعض المهتمين والذين لديهم علاقة ببريطانيا ومتاحفها، ومن بين الذين اتصلت بهم الاخ الكريم والعباسي الحق الدكتور عمر حاج سليمان، لأنه عمل بمنظمة الصحة العالمية، وله علاقات واسعة بدول العالم بحكم عمله وخاصة دول الغرب. وكان عشمي وظني في مكانه لأنه رجل قدر المسؤولية وكلمته سيف جده المك نمر «جده من ناحية أمه»، فاتصل دكتور عمر بدوره بأحد احفاد المك نمر في بريطانيا، فصور السيف وأرسل الصورة مشكوراً لدكتور عمر.

الشيء المؤسف أنه لم يكتب عليه سيف المك نمر بل مكتوب سيف من السودان، والامر المحير أن هذا السيف عندما اهدي لم يعرف بأنه سيف المك نمر؟ والشيء المحير اكثر ان هذه المتاحف تضع مقتنيات من غير ان تعرفها أو توثق لها؟ ونقول الحمد لله إننا عرفنا مكانه وتحصلنا على صورته، ومن هذا المنبر أناشد جهات الاختصاص ان تتصل بالمتحف البريطاني كي يعرف ويوثق لي أب برقيع، ويذكر تاريخه وتاريخ صاحبه المك نمر، فأنا ليس لدى الحق في المطالبة بإعادته الى السودان، ولكن يهمني بوصفي باحثة ان يذكر اسمه واسم صاحبه وتاريخهما. واناشد إخواني في ?ريطانيا ان يولوا هذا الموضوع اهتمامهم، وخاصة استاذي الجليل دكتور خالد المبارك، وقصة هذا السيف كشفت لنا نبل وكرم اخلاق اجدادنا، وان الواحد منهم لا يبيع أخاه مهما كان الثمن ومهما كان الاختلاف، وحتى لو كان موقف الطرف الآخر سلبياً، وهذا واضح في سلوك الشيخ احمد ود عبود مع المك نمر، بالرغم من أن المك نمر رفض أن يقف مع الشايقية عندما أتى اليه الملك شاويش والشيخ احمد ود عبود ضد اسماعيل باشا، بحجة ان جيوشهم غير متكافئة مع الجيش الغازي. ثم ان احمد ود عبود مكلف رسمياً من قيادته وعليه التنفيذ، ولكن بالرغم من هذا رفض ا? يقتل ابن عمه من أجل الجاه والمال، والمك نمر أهداه أعز شيء عنده هو سيف الصاقعة، هكذا كانوا جدودنا زمان، وود عبود يعتبر مثالاً، وغيره الكثير الكثير، ولكن للاسف الشديد جاء اليوم من يبيع أخاه بل يبيع وطن «بي حاله» من أجل المال والجاه وكراسي الحكم، وكل ما يحدث بيع أخ أو بيع صديق أو بيع بلد، أذكر أبياتاً من الشعر في إحدى قصائد اخي وصديقي الشاعر الفحل الدكتور محمد بادي رد الله غربته التي تقول:
كل فضيلة في الأجداد أبت ما تبقى في الأحفاد
ومسكت في النعوش الطاهرة واندفنت مع الجثمان. [/JUSTIFY]

الباحثة/ فاطمة أحمد علي عمر
صحيفة الصحافة

تعليق واحد

  1. بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمةالله
    الاخت /فاطمة احمد

    لا هجوما لا سمح الله ولكن فى لهجتك تعصب !

    بديرى دهمشى من جلاس /

    هو المغتصب ولا المستعمر فهل ابقت مصر القريبة دينا ودنيا على شئ وتركيا وبريطانيا،،،
    الحمد لله الذى حفظ لاهل هذا البلد من اصائل الطبائع م يميزهم عن غيرهم؟
    وهذا مقام من عرف نفسه . والحمدلله
    واوافقك على اننا نهمل التوثيق ،،،

    اختى ابحثى جهرا حتى ان لم يرجع وثق ،،،

    ملحوظة: سيف الفارس الزبير باشا رحمة رحمه الله

    داخل المتحف البريطانى ! وااااااااى

    تحياتكم والسلام،،