اقتصاد وأعمال

الذهب بدارفور .. رتق النسيج الاجتماعى

ظهور الذهب بولايات دارفور، وما صاحبه من نشاط التعدين الاهلى فى هذه الفترة، اعتبرته الجهات الرسمية والشعبية بأنه فتح ربانى، بما كان له من الاثر الايجابى فى رتق النسيج الاجتماعى، والحراك الاقتصادى، وسبب فى العودة الطوعية للنازحين الى قراهم، حيث انشغل الناس بهذا الفتح الربانى والمبادرات التى جادت بها الطبيعة على بنى البشر بدلا عن انشغالهم بما عند غيرهم ، او انشغالهم ببعضهم البعض، وعلى ضوء ذلك انتعشت اسواق وعادت الحياة لأسواق اخرى ظلت مغلقة لفترات من الزمان، حيث اتجه الناس لمصالحهم المشتركة، ومن مختلف القبائل وألوان الطيف السياسى والاجتماعى.
ووصف آدم محمد آدم وزير مالية جنوب دارفور التعدين بالمنحة الربانية للسودان عامة ولأهل دارفور بصفة خاصة، واشار الى مختلف القبائل من شتى بقاع السودان تعمل فى التعدين التقليدى بمناطق شمال شرق نيالا، وشمال شرق (كاس) بولاية جنوب دارفور، باعتبارها المناطق الاساسية للذهب. واكد الوزير فى حديثه لـ(الرأى العام): ان انتشار الاهالى وانشغالهم بما يعود عليهم بالفائدة، قلل كثيرا من الاشكالات الأمنية وبصورة واضحة، واصبح الحديث عن الذهب بكميات، وتبعته خدمات ومصادر زرق أخرى واصبحت دخلا ثابتا للاهالى، مما انعكس على مستوياتهم الاجتماعية وحياتهم الاجتماعية، وتحركت مجموعة من الاسواق هجرها اهلها لسنوات عدة، حيث رجع المواطنون الى مجموعاتهم القديمة للتعامل فى بعض السلع بأعداد مهولة من قبائل مختلفة، خاصة فى الاسواق الريفية بالولاية. واشار الوزير الى دور الولاية فى هذا الشأن، حيث تتجه الولاية الى رعاية هذا النشاط، بتوفير الخدمات الضرورية من مياه وتوفير امن ، مبيناً ان خطة الولاية تركز على جعل العمل يتحرك ويستمر، ومن ثم تأتى الترتيبات بتفعيل القوانين المنظمة للتعدين بما يخدم مصلحة المواطن والمحلية والولاية من خلال تراضى تام بين الجميع، وذلك بتقديم خدمات حتى نصل الى معادلة فى هذا الجانب.
من جهة ثانية أعلنت حكومة شمال دارفور عن وجود أكثر من (65) نوعا من المعادن النفيسة بعدد من مناطق الولاية المختلفة، بجانب وجود شواهد لمعادن أخرى يجري العمل على تأكيدها بمناطق أخرى، وأكد د. عبده داؤد سليمان وزير المالية بشمال دارفور، أن الولاية اهتمت بالتعدين باعتباره واحداً من الموارد التي ستعول عليها الولاية بشكل أساسي في اقتصادها في المستقبل القريب، بجانب الزراعة والرعي. واشار إلى أن التعدين التقليدي للذهب قد انتظم بمناطق كثيرة بالولاية ،ويجرى العمل فيها بشكل دؤوب، واشار الوزير الى الزيارة التي قام بها وزير المعادن إلى الولاية مؤخرا، والتي تم خلالها توقيع مذكرة تفاهم بين الوزارة وولاية شمال دارفور، يتم من خلالها تقنين وتنظيم التعدين التقليدي، وقال ان الولاية قد وقفت ميدانيا على المشاكل والمعوقات التي يواجهها التعدين الأهلي في منطقة (صبرنا بمحلية) السريف الواقعة في الجزء الشمالي الغربي من مدينة الفاشر .
140414331012444295 fmt واكد أن إنتاجية هذا الحقل من الذهب مبشرة وجيدة، وان معظم المعدنين فيها قد حصلوا على كميات مقدرة من الذهب، وأن الحكومة قامت بترتيب أوضاع هؤلاء المعدنين فى الجوانب الصحية والأمنية وفي عمليات بيع وشراء المنتج من الذهب، وأضاف: هنالك مناطق أخرى بالولاية تزخر بموارد تعدينية كبيرة من الذهب وغيرها من المعادن الأخرى خاصة في (لفة التقرو) بمحلية المالحة، بجانب آلاف المعدنين في منطقة (قبرالغنم) بمحلية الفاشر و(أم قوزين) بمحلية أم كدادة، إضافة الى مادة العطرون في أقصى شمال الولاية، بجانب وجود مؤشرات جديدة بوجودها في منطقة كبكابية. وأكد الوزير أن الولاية خطت خطوات مهمة لدعم التعدين من خلال إدخاله في منظومة الاقتصاد الولائي والقومي ومنع تهريبه، وذلك بتشجيع المعدنين وحل مشاكلهم وشراء منتجاتهم، مؤكدا أن الولاية بدأت خطوات عملية مع المصارف لإدخال التمويل الأصغر كممول جديد يعمل في مجال التعدين، حيث بدأ الخريجون بتوفير الطواحين التي تستخدم في عملية التعدين الأهلي، بجانب سعيها لإدخال تحسينات إضافية وخدمات آخرى في هذا المجال حتى لا يتسبب التعدين في إحداث آثار جانبية للبيئة ودون أن يكون خصما على حرفتي الزراعة والرعي اللتين تتميز بهما الولاية. وكشف عن أن التعدين الاهلى قد أسهم في التحسن الأمني الذي طرأ على كل أطراف الولاية ، واشار إلى انخراط عدد كبير من الطاقات الشبابية ممن كانوا ينتسبون للحركات المسلحة، هذا بجانب وجود معدنين من كافة أنحاء السودان، اضافة الى أن التعدين تم إدخاله لأول مرة في ميزانية الولاية لهذا العام . من جانبه اكد آدم حمدان على الامين العام السابق لإعادة التوطين بدارفور ان التعدين الاهلى احدث الاستقرار وصرف الناس عن الحرب، حيث كان غالب حملة السلاح من العطالة، الذين اتجه بعضهم لبيع سلاحه والالتحاق بإخوانه فى الكسب الحلال، بحثا عن الذهب، ووجدوا مصدر دخل، خاصة المسرحين من الحركات الذين لم تستوعبهم القوات النظامية، او تدمجهم اعادة الدمج والتسريح (DDR )، وممن لم تسعهم الوظائف، حيث شكل هؤلاء مجموعات اخذوا ينقبون عن الذهب، وساعدوا فى الاستقرار الامنى. وناشد حمدان الدولة بان تقف على احوال هؤلاء المعدنين، وتقدم لهم التمويل الأصغر بحيث لا يكون محصورا فقط على دعم الخريجين، وان يكون ذلك بضمانات ميسرة عبر الشيوخ والنظار حتى يستطيع هؤلاء من الانطلاق والعمل بمفردهم بدلا عن الوقوع تحت رحمة اصحاب رؤوس الأموال وعليها ان تنتبه، وان تضع فى حسبانها ان ما اتى جاء لحكمة ربانية، وعلى الدولة ان توظف دورها تجاه هؤلاء وتوفر لهم الدعم الكامل حتى تأمن جانبهم وتوفر لهم فرص عمل، لأنهم يصبون جميعا فى الدخل القومي، خاصة والحديث اصبح عن مليارات الجنيهات من الذهب، وانتقل البعض من مرحلة الاكتفاء الى الدخول فى رجال المال والأعمال، ولابد ان ترعى الدولة دعم المنتجين وتوفر لهم السوق اللازم.
من جانبه اوضح د. صلاح الدومة الاستاذ بجامعة ام درمان الاسلامية ان آثار التعدين اضحت واضحة على بنى البشر فى دارفور بغض النظر عن الآثار البيئية وغيرها، واكد ان هنالك حراكا اقتصاديا كبيرا، ونتائج ملموسة على ضوئها يغامر هؤلاء بأموالهم وأرواحهم، وظاهرته حققت آثارا ايجابية. واضاف الدومة: لكننى اخشى عليهم ان يقعوا فيما وقع فيه من قبل تجار سوق المواسير، حيث تسبب صغار النفوس وأصحاب الاطماع الخاصة والعامة فى تدمير اقتصاد المنطقة بعد ان انتعش بسبب الانفاق الكبير من المنظمات والقوات الاممية، واكد الدومة ان الوضع الامنى كان للذهب اثر ايجابى فيه، حيث اتجه الناس من الانشغال ببعضهم البعض ، او الانشغال بما عند غيرهم الى العمل بالمنح الربانية، واخذوا يفكرون تفكيرا ايجابيا ظهر اثره فى معيشتهم وحياتهم بصورة عامة.
الراي العام
الخرطوم : بابكر الحسن